عاجل

قانون الجمعيات الأهلية الجديد

تبدو أهمية قانون الجمعيات الأهلية الجديد في كونه القانون المُنظِم للمجتمع المدني بقاعدته العريضة وتنوعاته الواسعة ، وأن الأمم والشعوب لا تنهض بغير العمل الأهلى . وللجمعيات الأهلية تاريخ طويل في دعم الحركة الوطنية قبل إنشاء وزارة الشئون الاجتماعية عام 1939 م . فقد استطاعت إبان الاحتلال البريطاني لمصر عام 1882 م أن تنهض بدور فعال في مختلف المجالات ، حيث أوقف الكثير من المصريين العقارات لصالح تلك الجمعيات ، وتبرعوا لها بمبالغ ضخمة من أجل تحقيق أهدافها ، فأنشئت المدارس والمستشفيات والعديد من المؤسسات الاجتماعية ، كما كانت بمثابة الحاضنة السياسية قبل نشأة الأحزاب السياسية في هذه الفترة . وقد كان لصدور دستور عام 1923 أثراً بالغاً في تنشيط العمل الأهلى التطوعى الى الحد الذى وُصِفت فيه الفترة من 1923 وحتى 1952 بأنها مرحلة إزدهار العمل الأهلى في مصر . وكلما كان النظام ديمقراطياً شورياً كلما كان القانون إنعكاساً لاحتياجات ورغبات المجتمع ، والعكس بالعكس . ويُعتبر مبدأ استقلال المجتمع المدنى من أهم مبادئ التشريعات الحديثة ، إلا أن فلسفة القانون القائم حالياً رقم 84 لسنة 2002 وكذلك مشروع القانون المقترح بديلاً عنه تقوم على مبدأ تبعية المجتمع المدنى للسلطة التنفيذية من خلال جهاته الإدارية والأمنية . وتظهر صور التبعية جلية فيما يلي : - مخالفة الدستور الحالي عندما يكتسى الترخيص بثوب الإخطار ، حيث تكتسب الجمعية الشخصية الاعتبارية خلال 60 يوماً من تاريخ الإخطار مع حق الجهة الإدارية في الاعتراض على إنشاء الجمعية خلال تلك الفترة . - مخالفة المعايير الدولية التي تدعم حرية العمل الأهلى والذى يمنح الأفراد فرصة المشاركة في إدارة المجتمع . - الإفراط في التجريم والعقاب على نشاط بطبيعته تطوعى ، مما يؤدى لإحجام المواطنين عن المشاركة في المجتمع المدنى وأنشطته . - فرض قيود على الأنشطة بالإضافة لقيود التشكيل ، فلم يتم تحديد طبيعة النشاط السياسي المحظور على الجمعيات ، وهل يشمل إبداء الرأي في قضايا الشأن العام ، أم يقتصر على دعم الأحزاب أو المرشحين بالانتخابات ؟ وهل يدخل في عمل النقابات الدفاع عن تحسين بيئة العمل كحق من حقوق العمال الأساسية ؟ . - المصطلحات الغامضة والعبارات الفضفاضة التي تُتيح للسلطة التنفيذية تطبيق القانون في التوقيت الذى ترغبه على الجمعية التي تستهدفها . - تمتع جهة الإدارة بحقوق شبه مُطلقة بداية من تأسيس الجمعية ومروراً بالانضمام لشبكات وتحالفات دولية وانتهاءاً بالموافقة على التمويل . وأخيراً لابد أن ندرك بأن الجمعيات الأهلية ليست مثل جمعيات رجال الأعمال التي تمتلك مصادر للدخل ، لذا فهى في حاجة الى مصادر تمويل مع ضمان الشفافية في نشر المصادر وأوجه الانفاق من خلال الرقابة اللاحقة . لذلك ندعو لعدم إصدار هذا القانون قبل إنعقاد مجلس النواب القادم .