عاجل

  • الرئيسية
  • تقارير
  • "عبد المنعم الشحات" يرد على "خالد صلاح": مواجهتنا للعنف والتكفير إستراتيجية وفكرية وشاملة

"عبد المنعم الشحات" يرد على "خالد صلاح": مواجهتنا للعنف والتكفير إستراتيجية وفكرية وشاملة

مواجهتنا للعنف والتكفير إستراتيجية وفكرية وشاملة دارت مساجلة بين الأستاذ خالد صلاح رئيس تحرير اليوم السابع، والأستاذ نادر بكار مساعد رئيس حزب النور لشئون الإعلام، بدأت برأى طرحه الأستاذ خالد صلاح، أو فى الحقيقة اتهام وجهه الأستاذ خالد صلاح إلى السلفيين بأنهم يقفون على الحياد فى الحرب على الإرهاب، دار بعدها سجال بينه وبين الأستاذ نادر بكار على توتير، ولخصه الصحفيان إسلام جمال ومحمد فيصل فى تقرير لليوم السابع؛ ولأهمية هذا الموضوع أحببت أن أعلق على بعض ما جاء فيه. أولًا- وقبل أن أخوض فى لب القضية أعرج على نقطة هامة وردت فى رد الأستاذ خالد صلاح وهى قوله: "لا تنشغلوا بالرد على صحفى قال رأيه. انشغلوا بمن يطعن برأيه صحيح الدين، ويضرب بسلاحه المأجور أبناءنا فى سيناء". وربما كان هذا الكلام صحيحا لو أن الأستاذ خالد صلاح قد قال رأيه فى قضية عابرة فانشغل نادر بكار أو غيره بالرد عليه، وأما إذا وجه الأستاذ خالد نقدا إلى اتجاه وفى قضية من صميم منهجه فأظن أن التفاعل مع هذا النقد أمر محمود. ثانيا- ورد فى كلام الأستاذ خالد صلاح قوله: "المطلوب حرب فكرية شاملة، أن لم تقدموا المساعدة فيها بوضوح فأنتم تنتظرون من يفوز فى النهاية لتكونوا معهم. لا تجوز السياسة والموائمات الآن". وهذه الجملة هى بيت القصيد فى القضية، وأنا أوافقه على هذا الطرح تماما، ولكن أخالفه فى أنه يرى أننا لم نقدم المواجهة الفكرية الشاملة، والحديث هنا عن "الدعوة السلفية"، وأما الحديث عن مواقف الآخرين فيأتى فى النقطة التالية. فأقول: نحن فى الدعوة السلفية نقاوم هذا الفكر ديانة لله عز وجل بغض النظر عن أية حسابات سياسية لقناعتنا أن فتنة التكفير والجرأة على سفك الدماء هى من أخطر الآفات التى تصيب الأمة وتعوق الدعوة إلى الله، ولعل الأستاذ خالد صلاح يعرف أكثر من غيره أثر الدعوة السلفية فى مراجعات الجماعة الإسلامية والتى حقن الله بها الكثير من الدماء. وهذه المواجهة مواجهة فكرية شاملة من عدة جهات: الأولى- من جهة تبنى المنهج الإصلاحى التدريجى السلمى العلنى المتصالح مع المجتمع والمساند للدولة حتى وإن اختلفنا مع أى حكومة قائمة، ومع هذا نلتزم فى نصح الأفراد والحكومات بالحكمة والموعظة الحسنة. فمجرد وجود هذه الدعوة قائمة هو من أبلغ أسباب منع الشباب المتدين من الانحراف. الثانى- هو الرد الفقهى والشرعى والواقعى على كل تيارات العنف والتكفير على اختلاف توجهاتها، ومناقشة شبهاتهم تفصيلا. وهذا الرد شامل ومتنوع بتنوع المخاطبين به ويشمل: - خطاب لدراسى العلوم الشرعية تتناول فيه هذا المسائل بتفصيل تام. - خطب المنابر التى تعرج على هذه الموضوعات بما لا يخل بسهولة الخطاب وبالبعد عن التفاصيل السياسية، فيتم الحديث بشكل متكرر عن حرمة الدم وخطورة التكفير، والدعاء لضحايا الإرهاب، ومواساة أهلهم على المنابر بما يكرس عند السامع عظيم جرم من قتلهم. - كما يوجد مستوى الندوات العامة والتى تتناول تفصيلا الرد على داعش وأنصار بيت المقدس وغيرها من التنظيمات، وتبين خطأ الأسس الفكرية التى تقوم عليها العمليات الإرهابية. - كما توجد المقالات والتى تخاطب شريحة المثقفين بشكل عام والمتدينين منهم بشكل خاص. ولرموز الدعوة السلفية فى هذا الباب كتابات كثيرة ومتكررة وشبه أسبوعية؛ حتى أن "داعش" ردت على هذه المواجهة بفتوى تكفر بها الدكتور ياسر برهامى وتحل دمه، حيث إنه أحد أبرز من رد عليها، لو أراد الأستاذ خالد صلاح إعادة نشر هذه المقالات فى اليوم السابع من باب شمولية المواجهة فنحن على استعداد لإرسالها إليه. - وأما البيانات فتصدر عند وجود حادث جلل نؤكد به على مواقفنا الثابتة. ونحن من أقل الجهات استعمالا لها لشعورنا أننا نعالج القضية بما هو أكثر تفصيلا واستمرارية من البيانات، فى حين أن معظم من يتهمنا بالتخاذل لا يملك ولا يقدم بالفعل أكثر من البيانات المقتضبة. ومن هذا العرض يتبين أن مواجهتنا لهذا الفكر المنحرف فكرية لأن هذا هو طبيعة دورنا فى المجتمع ككيان دعوى، ولكنها ليست إعلامية مجردة أو رمزية بل هى تتحرك على الأرض وتحاول أن تصل إلى جميع المستهدفين بالخطاب –لا سيما الشباب- بكل السبل والوسائل المتاحة ولا يكلف الله نفسا إلا وسعها. وعموما فإذا كان لدى الأستاذ خالد صلاح أفكار أخرى للمواجهة فنحن على أتم الاستعداد لسماعها والاستفادة منها. هذا بالنسبة للدعوة السلفية، وأما حزب النور فلعل الأستاذ خالد صلاح يعلم أن هذه الاتجاهات التكفيرية تكفر كل من انتمى إلى الأحزاب السياسية فى ظل الأنظمة التى يعتقدون كفرها، ومن لا يكفر الأحزاب بصفة عامة يخص حزب النور بالذم الذى يصل إلى درجة التكفير، وبمراجعة بسيطة لفيديوهات الأستاذ وجدى غنيم وأحاديث ضيوف الجزيرة يتضح جانب من ذلك، ومن ثم فوجود الحزب فى حد ذاته رد عليهم، كما أن للحزب فعاليات فى هذا المضمار، ولكن يجب ملاحظة أن هذه المواجهة الفكرية الشاملة ذات الصبغة الفقهية قد لا تتناسب مع طبيعة الحزب السياسى. وأما قضية الطعن فى الثوابت فالدعوة السلفية تقوم بدورها فى هذا الجانب. ونتمنى أن يقوم الأستاذ خالد صلاح وغيره من الإعلاميين بحملة مضادة لحملة الطعن على الثوابت؛ لأن الطعن فى الثوابت هو أحد الروافد الرئيسية التى تجرف الشباب إلى تيار العنف والتكفير. و للأسف فهجمة الطعن على الثوابت تزداد يوما بعد يوم من طعن فى السنة النبوية أو فى أصح دواوينها كالبخارى ومسلم، أو إنكار بعض الغيبيات، أو لمز الصحابة وغمزهم، وعلى صعيد آخر تجد برامج مسابقات الرقص وأفلام العرى وغيرها، وإذا تكلم رموز الأزهر نالهم من الطعن والتجريح ما نالهم إلى درجة أن تنشر الأهرام رد د. جابر عصفور على الشيخ عباس شومان وكيل الأزهر ثم تمنتع من نشر رد الشيخ عباس شومان عليه، حتى اضطر إلى نشره فى جريدة الكترونية غير ذائعة الانتشار عند عموم القراء، وكنت أود أيضا لو أعادت اليوم السابع نشرها. ثالثا- نأتى إلى قول الأستاذ خالد صلاح "لا يجوز أن تكون قلوبكم معنا وسيوف قواعدكم السلفية مع بنو داعش والتكفيريين فى سيناء". وباختصار شديد نقول: أن الدعوة السلفية لا تملك مفتاح كل من يسمى نفسه سلفيا، وإن كنا نظن أن من يتابع على الأرض سوف يمكنه إدراك وجود الدعوة السلفية التى تتبنى الدعوة الإصلاحية السلمية العلنية، كما سيجد عددًا لا بأس به من الرموز السلفية التى لا تنتمى للدعوة السلفية ولكنهم أيضا يرفضون العنف والتكفير، وسيجد أيضا عددا من التنظيمات الموسومة بالسلفية ولكنها ذات توجه إخوانى أو قطبى بل ربما يكون تكفيرى أحيانا، وإذا جاز لآحاد الناس أن تختلط عليه الأمور فلا يجوز أن تختلط على رجال الإعلام الذين يجب أن يبحثوا عن الحقيقية وينقلوها للناس. ومن المهم هنا أن نرد على تهمة طالما رددها الكثير، وهى أن كل قواعد الدعوة السلفية كانت فى رابعة مع أن المتأمل سوف يجد أن كل مكونات مليونية 29-7 قد حضروا فى رابعة ما عدا أتباع الدعوة السلفية ومن وافقهم، فماذا قال الإعلام ذاته عن عدد هؤلاء وعن عدد أولئك ؟ إن المقارنة بين المشهدين يؤكد أن أغلبية من حضر تلك المليونية السلمية (مهما اختلف الاعلام مع غرضها) قد غابوا عن مشهد رابعة الذى لم يكن فيه فى بداية أمره إلا تلويحا بالتكفير والعنف يردده بعض الأشخاص على منصة رابعة، فامتنعت الدعوة السلفية عن حضوره وأنكرت ذلك الخطاب، وامتنع عامة أتباع الدعوة السلفية أيضا عن الحضور وإن حضرت المكونات الأخرى التى اشرنا إليها و منها ما يسمى بـ "الجبهة السلفية" التى دعت إلى ما وصفته بـ "الثورة الإسلامية" مؤخرا و ردت عليه الدعوة السلفية ببيان تداولته وسائل الإعلام و منها اليوم السابع. والخلاصة أن هؤلاء الذين يتبنون العنف أو التكفير أو كليهما باسم الإسلام وباسم السلفية يشوهون الإسلام ويشوهون السلفية، وهم وإن كانوا الأقل عددا إلا أنهم يحدثون الكثير من الاضطرابات ويهدرون دماء أبرياء ويصدون الناس بأفعالهم عن سبيل الله، مما يوجب على الجميع التكاتف فى سبيل مواجهة ذلك الفكر. كما أن من يطعنون فى الثوابت وإن كانوا أيضا محدودى العدد إلا أن فتنتهم عظيمة بما تحدثه من بلبلة وشوشرة، وهم بذلك يغذون أخطر تيارين على الأمة وهما تيار الإلحاد الذى ينمو مستغلا حالة الشك فى كل شيء التى يشيعها هؤلاء، وتيار العنف والتكفير الذى تسهم تلك الرؤى المتطرفة فى تغذيته بناء على القاعدة المطردة بأن التطرف فى أى اتجاه يولد التطرف المضاد. نسأل الله أن يقينا شر الفتن ما ظهر منها وما بطن، وأن يحفظ مصر من كل سوء. اللهم آمين.