عاجل

  • الرئيسية
  • تقارير
  • مواجهة قوية بين "الحرس القديم" و"الحرس الجديد" في انتخابات الرئاسة التونسية

مواجهة قوية بين "الحرس القديم" و"الحرس الجديد" في انتخابات الرئاسة التونسية

بدأ أمس الخميس تصويت التونسيين بالخارج في انتخابات الرئاسة التونسية آخر استحقاق في بناء الجمهورية الجديدة، ويتنافس فيها زعيم حزب نداء تونس السياسي المخضرم الباجي قائد السبسي، المحسوب على قوى النظام القديم، والرئيس المنتهية ولايته محمد منصف المرزوقي المسحوب على قوى الثورة والنظام الجديد. وسوف تستكمل انتخابات جولة الإعادة رسميًا يوم الأحد القادم، حينما يتوجه أكثر من خمسة ملايين ناخب لصناديق الاقتراع لحسم هوية الرئيس الجديد لتونس، والذي يفترض أن تكمل الانتقال الديمقراطي في تونس مهد انتفاضات الربيع العربي. ويبدو السبسي واثقا من إزاحة منافسه العنيد المنصف المرزوقي من رئاسة تونس بالانتخابات، فهو يرى في الحبيب بورقيبة أول رئيس لتونس والذي يضع تمثالا كبيرا له في مكتبه رمزا ملهمًا لاستعادة هيبة الدولة. أما المرزوقي فيرى أن هذه الانتخابات ستكون معركة حاسمة للتصدي لعودة النظام السابق ومواجهة بين قوى الثورة وقوى الماضي الفاسد. فيما اختيار المرزوقي أن يرقص مع أنصاره في جزيرة جربة في حفل خطابي على وقع أنغام نشيد يتغنى بالثورة التونسية في إشارة يسعى من خلالها لتقديم نفسه على أنه "حارس للثورة" ضد عودة فلول النظام القديم. والسبسي (88 عاما) كان وزيرا في عهد بورقيبة وشغل منصب رئيس البرلمان في عهد الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي. وقد يشكل هذا مصدر قلق لقطاع من التونسيين بعد أربع سنوات من الانتفاضة التي أنهت عقودا من حكم الحزب الواحد. والسبسي ينافس المرزوقي رئيس الجمهورية الحالي وبعد أربعة أعوام من الانتفاضة التي أجبرت بن علي على الفرار وألهمت مصر واليمن وسوريا وليبيا أصبحت تونس الدولة الصغيرة في شمال أفريقيا منارة للتغيير الديمقراطي في المنطقة مع إقرار دستور تقدمي جديد وإجراء أول انتخابات برلمانية حرة في أكتوبر تشرين الأول الماضي. كن الأسئلة حول عودة الحرس القديم تهيمن على السباق الانتخابي بين السبسي السياسي المخضرم الذي كان ضمن الحزب الواحد السابق والذي يقدم نفسه على أساس القدرة على إدارة شئون البلاد المتردية وبين المرزوقي الناشط الحقوقي الذي يعلن نفسه حارسًا للثورة. ونال السبسي تأييد عدة أطراف سياسية بينما حظي المرزوقي بتأييد قواعد حركة النهضة في الجولة الأولى. ولم يتأكد حتى الآن دعم النهضة له في الدور الثاني مع إصرار رئيسها على التصريح بأن النهضة ستلتزم الحياد تجاه المرشحين. وتمكن مسئولون من النظام القديم من العودة للسياسة بقوة من بوابة الانتخابات البرلمانية بعد حصول حزب نداء تونس الذي يتزعمه السبسي على 86 مقعدًا في البرلمان متقدما على خصمه الإسلامي النهضة الذي كان أول حزب يفوز في انتخابات مجلس تأسيسي لصياغة الدستور في 2011. ويسعى السبسي للنأي بنفسه عن الفساد والتجاوزات والانتهاكات المرتبطة بالنظام السابق ويتقدم على أنه رجل ذو كفاءة وقدرة على إخراج البلاد من أزمتها الاقتصادية والأمنية وإعادة هيبة الدولة بعد وضع هش وغير مستقر دام سنوات. وقال السبسي في اجتماع شعبي أثناء حملته الانتخابية "هل تعتقدون أن رجلا في سني سيتغول الآن ويقيد الحريات؟ سأكون رئيسا لكل التونسيين وأريد أن أعيد هيبة الدولة". وبينما لا تزال ليبيا ومصر تكافحان للتعامل مع إرث النظام السابق عاد جزء من مسئولي النظام السابق للسياسة في تونس ضمن توافق سياسي أنقد الانتقال الديمقراطي الهادئ في المنطقة المضطربة. وبعد أن منعوا من خوض انتخابات 2011 تمكن مسئولو بن علي من المنافسة في انتخابات 2014. وحتى مشروع قانون لعزلهم لم يمر للتصويت بعد توافق بين الخصمين حركة النهضة الإسلامية ونداء تونس العلماني العام الماضي. والسبسي الذي تعرض لانتقادات ساخرة من خصومه بسبب سنه غالبا ما يستحضر بورقيبة في دعوة التونسيين للأمل في مستقبل يراه تقدميا وحداثيا وأكثر استقرارا. وعلى الرغم من أن بورقيبة هو من أسس للحزب الواحد ولرئاسة فردية مدى الحياة وماض غير ديمقراطي يعترف كثير من التونسيين بأن له الفضل في نشر التعليم على نطاق واسع ودعم حقوق المرأة وتنمية الاقتصاد. فيما يحرص المرزوقي على الإشارة لفترة حكم بن علي ويقول إن فوز السبسي تقويض لثورة الياسمين وخطر على الديمقراطية من خلال ترسيخ النفوذ من جديد في أيدي الحرس القديم أو ما يعرف في تونس بأزلام النظام السابق. ولكن نداء تونس لا يضم مسئولين من النظام السابق فقط في صفوفه بل هو مزيج من الشرائح السياسية التي تضم نقابيين ويساريين. ويقول المرزوقي وهو مدافع شرس عن حقوق الإنسان في عهد بن علي وسجن أيضا بسبب مواقفه المعارضة للنظام إن "السبسي لا يعرف ما هي الديمقراطية .. وهو ليس رجلا ديمقراطيا". وقبل أربع سنوات أقدم بائع الخضر محمد البوعزيزي على حرق نفسه ليشعل ثورة أنهت حكم بن علي احتجاجا على الفقر والتهميش. ولكن جزءا من التونسيين لا يخفون إحباطهم وهم يرون مسئولين من النظام السابق يعودون للواجهة. ويقول علي مكي وهو شقيق شاب قتل برصاص الشرطة أثناء انتفاضة 2011 لرويترز "لقد دفعنا ثمنا باهظا والآن النظام القديم بشكل جديد. سنواصل المعركة من أجل الحرية وسننتصر". عقب فوز نداء تونس في الانتخابات البرلمانية تمكن السبسي من حصد 39 % من أصوات الناخبين في الدور الأول من انتخابات الرئاسة بينما حصل المرزوقي على 33 بالمئة من إجمالي الأصوات. وحال فوز السبسي فإن الحقائق الاقتصادية والأمنية الحالية في تونس قد تعرقل أي محاولات من جانبه لتكديس السلطة بعد فوز حزبه وقد تجبره على التعامل مع بقية الفاعلين السياسيين بمن فيهم خصمه الإسلامي حركة النهضة. ولا يتمتع نداء تونس بأغلبية مطلقة في البرلمان مما يدفعه للبحث عن توافق في تعيين رئيس للوزراء. ويؤكد السبسي أنه لن يقصي أي طرف سياسي بما في ذلك الإسلاميون من المشاورات حول تركيبة الحكومة المقبلة وأنه سيكون رئيسا لكل التونسيين وسيتعامل مع كل الأحزاب بنفس الطريقة. وصلاحيات رئيس الجمهورية محدودة نسبيا مقارنة بنفوذ رئيس الوزراء. ويقتصر دور الرئيس على تحديد السياسة الخارجية والتعيينات في الدفاع. وسيكون الرئيس المقبل لتونس أول رئيس منتخب بشكل ديمقراطي وحر بعد أن كان انتصار بن علي محسوما خلال كل انتخابات الرئاسة. والنهضة تمثل قوة هامة في البرلمان إذ لها حوالي 69 مقعدا من إجمالي 217 مقعدا واستبعادها من قبل نداء تونس في تشكيل الحكومة لن يكون قرارا سهلا بالنسبة للسبسي الذي يعي أن تونس تحتاج حكومة قوية لمواجهة أي توترات اجتماعية نتيجة إصلاحات اقتصادية تحتاجها تونس لاستعادة نسق النمو وخلق فرص العمل. ويقول ريكاردو فابياني المحلل في مجموعة أوراسيا جروب "بهذه النتيجة الحكومة المقبلة ستكون عاجزة عن القيام بأي إصلاحات اقتصادية" مشيرا إلى أن تونس تواجه تحديات قد تفرض حكومة ائتلافية أو حكومة وحدة تضم عدة أطياف سياسية.

خبر في صورة