عاجل

  • الرئيسية
  • تقارير
  • ننشر كلمة وزير الخارجية في افتتاح "نموذج محاكاة الأمم المتحدة"

ننشر كلمة وزير الخارجية في افتتاح "نموذج محاكاة الأمم المتحدة"

وزير الخارجية ، سامح شكري

ألقى وزير الخارجية ، سامح شكري ، اليوم كلمة أثناء افتتاح فعاليات نموذج محاكاة الأمم المتحدة بمقر الجامعة الأمريكية بالقاهرة وكان نصها كالتالي: "السيد نائب رئيس الجامعة / د. محمود الجمال، السيدات والسادة، إنه ليسعدني أن أكون معكم هذه الليلة في افتتاح نموذج القاهرة الدولي للأمم المتحدة وأن أتحدث أمام هذه النخبة المميزة عن دور الأمم المتحدة في تغيير العالم. علي مدار 25 عاما أثبت نموذج الأمم المتحدة أنه من أهم أنشطة المحاكاة الطلابية في الشئون الدولية، بفضل البيئة الداعمة في الجامعة الأمريكية بالقاهرة، ودورها كمفترق طرق للتبادل الثقافي والحوار بين الحضارات. بالإضافة إلي ذلك فإن القاهرة كمدينة تقدم مجالا رحبا لمتابعة الأنشطة الدولية متعددة الأطراف، وهو ما توفره قليل من المدن حول العالم مما يجعل القاهرة مركزا أساسيا بين دول الجنوب، فضلا عن كونها عاصمة أفريقية رئيسية، قلب العالم العربي، ولاعب أساسي في الدبلوماسية متعددة الأطراف. لهذا فإنني أؤمن أن أفكاركم ورؤاكم ستقدم مسارا غير رسمي يساهم في النقاش الجاري حول الدور المتزايد للأمم المتحدة ومستقبل التنظيمات متعددة الأطراف، والتي تتضمن تحليلا عميقا لمواجهة التحديات متعددة الأبعاد التي تواجه المجتمع الدولي، وخاصة الإرهاب، الصراعات التي لم تحل، الضعف السياسي والاقتصادي، ندرة الموارد، التدهور البيئي وتغير المناخ. السيدات والسادة، لقد تغير العالم كثيرا خلال السبعين عاما الأخيرة منذ تأسيس الأمم المتحدة عام 1945، وظهرت تحديات وفرص جديدة للتشارك والاعتماد المتبادل مما يجعلنا نتشارك المشكلات والحلول أيضا. لقد أدت معظم هذه التغييرات إلي تحسن في مستويات معيشة الإنسان ولكن يبقي أن يصل هذا التحسن إلي مزيد من الناس. لهذا تدرك الأمم المتحدة الحاجة لتبني استراتيجيات جديدة، لتتمكن من تحقيق أثر إيجابي في حياة الناس، مثل أجندة التنمية لما بعد عام 2015 التي تهدف إلي مواجهة الحقائق الجديدة، والبناء علي الإنجازات التي حققتها الأهداف الإنمائية للألفية خلال العقد الأخير والتركيز علي محاربة الفقر والمسئوليات المشتركة بين الدول النامية والدول المتقدمة. في ذات الوقت فإن المبادئ الأساسية المنصوص عليها في ميثاق الأمم المتحدة تبقي صالحة منذ اليوم الأول لوضعها، كما أن العالم في حاجة إلي منظمة دولية تجمع الدول الأعضاء في سبيل تحقيق الأهداف المنصوص عليها في الوثيقة المؤسسة: السلام، العدالة، التقدم الاجتماعي والاقتصادي، وحقوق الإنسان. إن مصر كإحدي الدول المؤسسة للأمم المتحدة قد لعبت دورا كبيرا في تحقيق هذه الأهداف، كما أنها التزمت دوما بتدعيم المساعي الدولية لتحقيق الأمن الجماعي وتحقيق أهداف الميثاق. إن مصر تبقي ملتزمة دوما بنظام الحوكمة متعدد الأطراف الذي يقوم علي أمم متحدة قوية، كما أنها التزمت تاريخيا بدعم الخطوات التي تقوم بها المنظمة لتحقيق السلام وتسوية المنازعات في الشرق الأوسط وأفريقيا وآسيا وأمريكيا اللاتينية. واعترافا بهذا الدور البناء في استعادة الاستقرار والسلام علي الصعيدين الإقليمي والدولي، فإن مصر كانت عضو غير دائم بمجلس الأمن لأربع مرات وتسعي للعضوية للمرة الخامسة. إن تحقيق السلم والأمن الدوليين من خلال الأمم المتحدة هو أحد أهم أهدافنا، وإن مصر كأحد الدول الفاعلة من أجل تحقيق السلام الدولي قد اشتركت دوما في المساعي الهادفة إلي حل جذور الصراعات وتحقيق الاستقرار علي الصعيدين الإقليمي والدولي، بما في ذلك منع الصراعات، الوساطة، حفظ السلام وبناء السلام في مرحلة ما بعد الصراع. في هذا الإطار، دعمّت مصر عمليات حفظ السلام للأمم المتحدة منذ تأسيس أولي عملياتهاUNTSO في الشرق الأوسط عام 1948. ساهمت مصر في 37 من مهمات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة والتي شارك بها أكثر من 300 ألف مصري، تم نشرهم في 24 دولة في أفريقيا، آسيا، أمريكيا اللاتينية وأوروبا، كما أن مصر من أكثر الدول التي تشارك بقوات في عمليات الأمم المتحدة لحفظ السلام. وتشارك مصر حاليا ب2659 ضابط من الجيش والشرطة يعملون تحت راية الأمم المتحدة في ثمانية عمليات لحفظ السلام. بالإضافة إلي حفظ السلم، تؤمن مصر أن الأمن والسلام يرتبطان ببناء القدرات الوطنية وتحقيق التنمية في مرحلة ما بعد الصراع، ولهذا انضمت مصر إلي مفوضية الأمم المتحدة لحفظ السلام منذ تأسيسها عام 2005 لأربعة فترات متتالية، كما تدعم مصر بقوة أنشطة بناء السلام التي تقوم بها الأمم المتحدة في مرحلة ما بعد الصراع. إن تحقيق شراكة قوية في القارة الأفريقية تكون الأمم المتحدة في القلب منها، هو أمر هام للمساعدة في مواجهة التحديات الأمنية التي تواجه القارة، ولكسر دورة العنف ومنع انتكاس الدول التي مرت بصراعات عنيفة، وذلك للمساهمة في وضع أسس السلام والتنمية المستدامة. كما تعلمون فإن البيئة الأمنية دوليا تشهد اتجاهات وديناميكيات تمثل أولوية للأمم المتحدة في مواجهة هذه التحديات التي تهدد السلم الدولي، حيث تلاشت الخطوط الفاصلة بين المجرمين، الجماعات المعادية ومفسدي السلام، بالإضافة إلي المتطرفين الذين يستخدمون استراتيجيات عابرة للحدود وتكتيكات شديدة التعقيد. السيدات والسادة، قامت مصر كمدافع عن الدور القوي الذي تقوم به الأمم المتحدة لتحقيق السلام، بمجهودات كبيرة لتدعيم دور المنظمة في مجال منع الصراع والوساطة، كما ستستمر مصر في المساهمة في تقوية تلك القدرات، وتطبيق التجارب الناجحة للأمم المتحدة علي المنظمات الإقليمية تحت الفصل الثامن من الميثاق بما في ذلك الاتحاد الأفريقي وجامعة الدول العربية. هذا وسوف تستمر مصر في إيلاء الاهتمام اللازم للأمور المتعلقة بتحقيق الأمن والاستقرار في منطقة الشرف الأوسط وشمال أفريقيا، وخاصة إنهاء الاحتلال الإسرائيلي غير المشروع للأراضي الفلسطينية المحتلة واستعادة الحقوق غير القابلة للتصرف للشعب الفلسطيني، بما في ذلك تأسيس الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية وفقا لقرارات الأمم المتحدة والمرجعيات المتفق عليها في عملية السلام. إن الصراع في كل من سوريا واليمن هو أحد القضايا محل الاهتمام في السياسة الخارجية المصرية تجاه الأمم المتحدة، حيث نساهم في جهود الأمم المتحدة لوضع حد للصراع في سوريا واستعادة الاستقرار في اليمن. وفي ذات السياق فإن الوضع في ليبيا يمثل تهديدا للأمن والاستقرار الإقليمي ويحتاج تضافر جهود المجتمع الدولي ممثلا في مجلس الأمن لمحاربة الإرهاب، ودعم العملية السياسية واستعادة سلطة الدولة علي كامل أراضيها. ولهذا السبب قدمت مصر مشروع قرار عربي لمجلس الأمن لمراجعة ما يتم اتخاذه من إجراءات تجاه الحكومة الشرعية في ليبيا فيما يتعلق بحظر تصدير السلاح، وذلك لتمكين الحكومة الليبية من محاربة الإرهاب. هناك حاجة ماسة لمواجهة تحديات الأمن والسلام الدولي التي تتسبب فيها الأعمال الإرهابية بما يتفق مع ميثاق الأمم المتحدة ومبادئ القانون الدولي. إن هذا يقع في مقدمة ما تطمح إليه مصر لتحقيق الأمن والاستقرار في ليبيا والدول الأخرى التي يهددها الإرهاب العابر للحدود الممتد من غرب أفريقيا ومنطقة الساحل حتي أفغانستان مرورا بمنطقة البحر المتوسط. ولهذا السبب فإنه من المهم للأمم المتحدة أن تعيد التأكيد علي التزامها بمحاربة الإرهاب بكل الطرق وحث الدول الأعضاء في المنظمة علي التعاون في هذا المجال. وقد قامت مصر من جانبها بالمشاركة بفعالية في تدعيم دور الأمم المتحدة في مواجهة الإرهاب بما في ذلك المساهمة في تطبيق إستراتيجية الأمم المتحدة لمحاربة الإرهاب والقرارات ذات الصلة الصادرة عن مجلس الأمن. السيدات والسادة، مما لا شك فيه أن التحديات التي يواجهها العالم في القرن الحادي والعشرين بتداخلها وتعقيدها وتأثيرها علي السلم والأمن الدوليين، تتطلب حوكمة رشيدة علي المستوي الدولي لدعم العمل متعدد الأطراف بإصلاح الأمم المتحدة والتأكيد علي دورها المحوري في الحوكمة الدولية لجعل مجلس الأمن أكثر فعالية وتمثيلا وديمقراطية. كما تستمر مصر في تحقيق التفاهم الدولي حول إصلاح الأمم المتحدة، وتحقيق المطالب المشروعة للقارة الأفريقية في أن يتم تمثيلها في مجلس الأمن علي المستويين الدائم وغير الدائم وعلي أساسا الموقف الأفريقي المتفق عليه في توافق أوزوليني وإعلان سرت. إنه يجب علي جميع الشركاء أن يقدموا تقييما دقيقا للتحديات التي تواجه العمل متعدد الأطراف وأن نسعى جميعا لجعل الأمم متحدة أكثر قوة وفعالية. إن مصر كدولة مؤسسة للمنظمة فإنها تؤمن بأن الدول الأعضاء يجب أن تقوم بكل ما في وسعها لتحقيق هذا الهدف. لقد التقيت بعد الظهر اليوم بالسيد سام كوتيسا رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة، حيث دار بيننا نقاش مثمر حول القضايا السالف ذكرها، ودور مصر في تحقيق الرؤية المتفق عليها ومواجهة التحديات التي تقابلنا جميعا. إننا نحتاج إلي العمل معا لتحقيق الرؤية المتفق عليها حول أفضل السبل لتدعيم الأمم المتحدة في عيدها السبعين هذا العام لتتمكن من مواجهة التحديات المستقبلية."