عاجل

  • الرئيسية
  • تقارير
  • إقبال ضعيف في انتخابات السودان الرئاسية.. والمعارضة تصعد دعوتها للمقاطعة

إقبال ضعيف في انتخابات السودان الرئاسية.. والمعارضة تصعد دعوتها للمقاطعة

بدت شوارع العاصمة السودانية خالية – تقريبًا – من زحام حركة السير المعروف عنها، ويعود السبب إلى «عطلة انتخابية» منحتها السلطات الحكومية للمواطنين ليدلوا بأصواتهم في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية التي فُتحت صناديقها أمس، الاثنين، في أول انتخابات تجرى في البلاد عقب انفصال جنوب السودان. ومثل الشوارع، فإن وجود المقترعين بدا محدودًا إلى متوسط في المراكز اليوم الأول من أيام الاقتراع، بالمقارنة مع آخر انتخابات جرت في البلاد 2010 رغم انسحاب بعض المرشحين ومقاطعتها من قبل أحزاب مؤثرة. ولضعف منافسيه، فإن الرئيس الحالي عمر البشير يعد الأوفر حظًا حسب تقارير صحافية للفوز بولاية جديدة تضيف إلى سنين حكمه للبلاد 5 سنوات أخرى لتصبح 31 عامًا، ولا يشكل منافسوه الـ15 أي تأثير على حظوظه الانتخابية، في الوقت الذي تقول فيه أحزاب المعارضة إن «النتائج معدة سلفًا، وإن إجراء الاقتراع مجرد استهلاك للوقت». أما أعضاء البرلمان بشقيه «المجلس الوطني، ومجلس الولايات» البالغ عددهم 354، فإن فرص الموالين منهم للحزب الحاكم هي الأوفر، مما دفعه لعدم المنافسة باختياره في 30 في المائة من الدوائر متنازلاً عنها لحلفائه الذين شاركوه الانتخابات. وبدت الانتخابات معزولة استنادًا على فشل جل من سألتهم الصحيفة في تحديد مركز الاقتراع، وكان معظمهم يجيب بـ«لا أعرفه»، فيما بذل آخرون جهدًا للوصول إلى مركز الاقتراع في أكثر من مكان. وترجع أحزاب المعارضة ضعف الإقبال - على الأقل حتى الآن – إلى الحملة التي نظمتها باسم «ارحل»، التي دعت خلالها المواطنين لمقاطعة الانتخابات، فيما يرجعها مناصرو الحزب الحاكم إلى «أنه اليوم الأول»، وما زال هناك يومان باقيان، فيما يقول مراقبون إن «الأمر يعود إلى حالة الإحباط واليأس التي يعانيها الجماهير من الناخبين، وإلى عدم وجود منافسة فعلية بين المرشحين». وأدلى الرئيس عمر البشير بصوته باكرًا في مركز اقتراع مدرسة «سان فرانسيس» وسط الخرطوم، بعد وصوله محاطًا بنفر من مساعديه وحراسه، فيما أدلى كل من نائبه حسبو عبد الرحمن، ومساعده إبراهيم غندور، ووزير الدفاع عبد الرحيم محمد حسين بأصواتهم في ذات المركز. وبحسب مراسل «الشرق الأوسط» فإن أعداد الصحافيين والمراسلين ومندوبي وسائل الإعلام الأجنبية الذين جاءوا لتغطية الانتخابات، فاقت أعداد الناخبين في مركز سان فرانسيس، وهو أحد أكبر مراكز الاقتراع في البلاد، ومخصص لرجال القوات المسلحة والشرطة والأمن، بحكم قربه من قيادة الجيش والأمن. وعقب إدلائه بصوته، قال مساعد الرئيس إبراهيم غندور للصحافيين إن «الاقتراع انطلق بقوة في أنحاء السودان المختلفة وشهد مشاركة واسعة، وإن الشعب توجه لصناديق الاقتراع ليكشف أنه الشعب الأول في ممارسة الديمقراطية في الإقليم»، وتعليقًا على دعوات مقاطعة الانتخابات قال: «هذا حقهم الطبيعي، ونحن والشعب نمارس حقنا الطبيعي». وفي جولة قامت بها الصحيفة على عدد من مراكز الاقتراع، لم تشهد إقبالاً لافتًا، ربما بسبب العطلة أو أن الناس غالبًا لا يصوتون في الأيام والساعات الأولى من وقت الاقتراع. ففي مركز النور خضر بحي الديوم وسط الخرطوم، كان أعداد موظفي الانتخابات أكثر من الناخبين، أما في أحد المراكز بضاحية الصحافة شمال الخرطوم فالإقبال بدا ضعيفًا بشكل لافت، وبدا الإقبال متوسطًا إلى ضعيف في كل من مركز المزاد بحري، ومركز بدر الكبرى بمدينة أم بدة بأم درمان، ومركز المنار بالحاج يوسف. فيما تداولت مجموعات صحافيين على «واتس آب» صورًا من ولايات البلاد المختلفة، وتبدو فيها مراكز الاقتراع خاوية على عروشها. وتهدف دعوة المعارضة لمقاطعة الاقتراع إلى إظهار عزوف الناخبين عن التصويت للرئيس عمر البشير وحزبه، بيد أن الحزب الحاكم يراهن على عضويته التي ذكر في أوقات سابقة أنها تفوق 6 ملايين، هو ما تسعى المعارضة وحملة «ارحل» لإثبات عكسه، كما يعتمد على ضعف المنافسين، واستعداده المبكر وموارده المالية الكبيرة، فيما تقول المعارضة إنه يستغل موارد الدولة لحشد الجماهير لصالحه. بيد أن أحزاب المعارضة المقاطعة للانتخابات فشلت في تنظيم نشاط جماهيري كبير لتعبئة الناخبين لمقاطعة التصويت، ولم تنجح لأكثر من مرة في تنظيم أي منشط يكشف ثقلها الشعبي، وكان الحضور هزيلاً في اعتصام دعت له بدار حزب الأمة القومي عشية ليلة فتح الصناديق. بيد أن أحزاب معارضة أخرى ومن بينها المؤتمر السوداني والبعث العربي الاشتراكي وتنظيمات شبابية مثل حركة «التغيير الآن»، «قرفنا»، وغيرها، نظمت مخاطبات في الميادين العامة، ورفعت خلالها لافتات وشعارات تدعو لإسقاط نظام الحكم، حثت فيها المواطنين على مقاطعة الانتخابات، وتوعدت بتنظيم حملات تعبئة أكبر في الأيام المقبلة. وحسمت المفوضية القومية للانتخابات الجدل حول نسبة المشاركين في الاقتراع من جملة المسجلين، متوقعة تصويتًا بين 15 – 45 في المائة باعتباره المعدل العالمي، وأن قانون الانتخابات لا يحدد نسبة مقترعين تصبح بموجبها نتائج الاقتراع شرعية، وأن من يحصل على نسبة 50 في المائة + 1 هو الذي سيحصل على المقعد الرئاسي بغض النظر عن أعداد المقترعين الذين يحق لهم حق التصويت. أمنيًا، ألقت سلطات الأمن القبض على أكثر من 15 من قادة وناشطي المعارضة ليلة الاثنين في مدن بورتسودان، والخرطوم، والسوكي، وأم درمان، والدويم، وأبرزهم المحامي عضو الحركة الشعبية - الشمال موسى جوجو، ود. ساندرا فاروق كدودة (الحزب الشيوعي)، وعلي عمر الفكي (حزب المؤتمر السوداني) وآخرين، على الرغم من أن مسؤولين كبار في الدولة والحزب الحاكم أكدوا شرعية المقاطعة والمشاركة في الانتخابات. وقال نائب البشير في الحزب إبراهيم غندور في رده على سؤال «الشرق الأوسط» عن مبررات اعتقال دعاة المقاطعة: «هذا حقهم الطبيعي ونحن أيضا نمارس حقنا، والشعب يمارس حقه في التصويت، والاعتقالات التي تمت للبعض بالأمس من الراجح والمؤكد أنها جاءت بسبب محاولة البعض منع الآخرين من ممارسة حقهم في الانتخاب، فالذي يعارض له الحق في أن يبقى بمنزله ولا يصوت، وليس له الحق في منع الآخرين من ممارسة حقهم». من جهته، قال المتحدث باسم حزب البعث العربي الاشتراكي المعارض محمد ضياء الدين إن «قوة من الأمن تحاصر منزله، وإن أفرادا آخرين زاروا منزل القيادي بالحزب عثمان إدريس أبوراس، فيما تحرس قوة أمنية دار الحزب بأم درمان بقوة أمنية وسيارة (لاندكروزر) مسلحة»، وتعليقًا على ضعف الإقبال قال ضياء الدين: «قد يأتي المؤتمر الوطني بمؤيديه دفعة واحدة مع تغطية إعلامية مكثفة، لتبدو الأمور كأن هناك إقبالاً شعبيًا». ولم تحظ عملية الاقتراع الحالية حاليًا بمراقبة دولية تماثل الحجم الذي شهدته سابقتها، فقد رفضت دول الاتحاد الأوروبي وأميركا وكندا المشاركة في مراقبتها، بل وأعلنت عدم الاعتراف بنتيجتها مسبقًا، ولم يشارك في المراقبة سوى الاتحاد الأفريقي والجامعة العربية والصين، وخلت معظم مراكز الاقتراع التي زارتها الصحيفة من مراقبين عن المرشحين أو الأحزاب، بيد أن مسؤولاً رفيعًا في الحزب الحاكم قال الأسبوع الماضي: إن «لموقفهم مرامي أخرى، هل يراقب الاتحاد الأوروبي الانتخابات الأميركية أو الروسية أو الصينية؟». وحسب مفوضية الانتخابات فإن الاقتراع الذي بدأ أمس الاثنين ويجري على مدى ثلاثة أيام، ويبدأ فرز الأصوات بعيد إغلاق صناديق الاقتراع غدا الأربعاء، تعلن نتيجته الأولية في 27 أبريل (نيسان) الحالي.

خبر في صورة