عاجل

ننشر حيثيات إدانة "نظيف" في الكسب غير المشروع

أودعت محكمة جنايات القاهرة، حيثيات حكمها بأدانة رئيس وزراء مصر الأسبق الدكتور أحمد نظيف، في قضية  الكسب غير المشروع، والقاضي بسجنه 5 سنوات، وغرامة 53 مليونًا و353 ألفًا و133 جنيهًا، ورد مبلغ 48 مليونًا و610 آلاف جنيه.

قالت المحكمة فى حيثيات حكمها، إنه استقر في يقينها واطمأن إليها ضميرها وارتاح إليها وجدانها مستخلصة من سائر أوراق الدعوى، وماجرى فيها من تحقيقات ومادار بشأنها بجلسات المحاكمة، فى أن المتهم أحمد محمود محمد نظيف، وخلال المدة من عام 1983 وحتى فبراير 2011 التى تولى فيها وظائف إدارية في الدولة بدءًا باستاذ بالجامعة ثم وزيرًا للاتصالات ثم رئيسًا لمجلس الوزراء، تحصل لنفسه ولزوجته المتوفاه منى السيد عبد الفتاح والحالية زينب عبد اللطيف زكي وولديه شريف وخالد على كسب غير مشروع، مستغلًا سلطان وظائفه، بإجمالي 53 مليونًا و350 الفًا جنيهًا، عبارة عن مبلغ مليون ومائتان وتسعة وتسعون ألف وستة عشرة جنيهًا هدايا تحصل عليها من مؤسسات صحفية قومية مملوكة للدولة.

وأضافت المحكمة، أنه تحصل لزوجته المتوفاه على وحدة سكنية بأبراج “سان استيفانو” بثمن يقل عن قيمتها الحقيقية وبتسهيلات السداد غير متبعة مع الآخرين من العامة، التى تبلغ قيمتها 11 مليون و580 ألف جنيهًا ، كما تحصل على قطعة أرض من جهاز مدينة الشيخ زايد بثمن يقل عن سعرها بمخالفة لإجراءات التخصص في هذا الشأن وتنازل عنها لأجنبية بمبلغ 250 ألف جنيه وعدم تحصيل رسوم التنازل عنها بمبلغ مائة ألف جنيهًا.

كما أسس مؤسسة تعليمية بزعم أنها ذات نفع عام، تولت إدارتها زوجته المتوفاه ومن بعدها ولداه، وجمع تبرعات لإقامتها بمبلغ 34 مليون و116 ألف جنيه رغم أن أربحها له ولذويه، إضافة إلى استغلال وظيفته لبناء مقابر بالمخالفة لقواعد التخصيص، بما يحقق كسبًا غير مشروعًا بمبلغ 130 ألف جنيهًا، كما مكن زوجته الحالية على كسب غير مشروع قدره مليون و171 ألفًا بتعينها عضو مجلس إدارة الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات، وتحصلها على مكافات على خلاف القانون بصفتها ممثلة لشركة القرى الذكية رغم وجوب اضافتها لجهٍة الممثلة لها، وزادات ثروتها بمبلغ 4 مليون و770 ألف جنيهًا بما لايتناسب مع موارد دخله.

وأوضحت الحيثيات، بأن تحريات عضو الرقابة الإدارية محمد طلعت أحمد، وضابط مباحث الأموال العامة المقدم حمدي محمود هاشم، وماثبت من تقارير خبراء الكسب غير المشروع بوزارة العدل، والجهاز المركزي للمحاسبات، وكتب المؤسسات الصحفية بشأن الهدايا، والتضامن الاجتماعي وبشأن مؤسسة تنمية الطفل، وأوراق التعاقدات والتخصيص التي أجراها المتهم مع الجهات الحكومية وغير الحكومية، تؤكد تضخم ثروة “نظيف” نتيجة استغلال سلطات وظيفته كوزير اتصالات ثم رئيسًا لمجلس الوزارء ، في تعين ابنائه في شركات أجنبية تتعامل مع الحكومة المصرية مقابل رواتب ضخمة، إضافًة إلى استغلال “نظيف” وظيفته في ضخ أموال من الجهات الحكومية بمؤسسة تقوم زوجته وأبنائه بادراتها والسيطرة عليها بزعم النفع العام حال مباشرتها التعليم الخاص ودفع بعض الجهات للتبرع لهذه المؤسسة، التى لم تقم الجهات الحكومية بمراقبتها.

وأشارت الحيثيات، أن “نظيف” استغل صفته الوظيفية لاصدار القرار رقم 2071 لسنه 2008 موقعًا منه بتأجير مساحة تقدربـ ” 14 ط 14 ف” لتلك المؤسسة بمقابل رمزي كما تحصل على هدايا من المؤسسات الصحفية القومية مستغلًا ذات السلطات.

واستندت المحكمة في حيثيات حكمها إلى شهادة عدد من شهود الاثبات، من بينهم رئيس مجلس إدارة «أخبار اليوم» الأسبق، المهندس محمد عهدي فضلي،بتحقيقات النيابة أنه وفى الفترة التى ترأس فيها مجلس الإدارة من عام 2005 وحتى عام 2009، شهد بأنه دأب بصفته رئيس مجلس إدارة المؤسسة على تخصيص مبلغ لإرسال هدايا لكبار المسئولين بالدولة، التى كانت ترسل إليهم لما لهم من تاثير على صانع القرار ولتمكين رؤساء مجالس الإدارة من الاستمرار في مناصبهم ومن بينهم “نظيف”.

وذكرت المحكمة في حيثياتها، بأنه ثبت من تقرير مصلحة الخبراء بإدارة الكسب غير المشروع، الخاص بالشق الهندسي المدني والميكانيكي والحسابي إلى وجود “مصروفات” غير معلوم مصدرها بقيمه 4 مليون و707 ألف و98 جنيهًا ، إضافة إلى أن تقرير مصلحة الخبراء بالكسب غير المشروع ثبت وجود مخالفات في إجراءات تخصيص أراضي وعقارات مملوكة للدولة بالمخالفة للقواعد والقوانين، كما ثبت من تقرير الجهاز المركزى للمحاسبات بأن المساحة المؤجرة من جانب شركة القرى الذكية التابعة لوزارة الاتصالات، إلى مؤسسة تنمية الطفل والمجتمع، إضافة إلى قيام الشركة بالتبرع للمؤسسة المذكورة بمبلغ 10 مليون جنيهًا خلال عامي 2007 و2008 وحصول زوجة المتهم “نظيف” على مكافآت عضويتها بمجلس الإدارة بصفٍة شخصيٍة وصلت إلى مليون و171 ألف جنيهًا عن ألمة من 2006 حتى عام 2010.

وردت المحكمة على الدفع بعدم توافر ركن جريمة الكسب غير المشروع المادي والمعنوي فمردوده أن المقصود بالكسب غير المشروع كل ما تملكه الموظف أو من في حكمه فصار ضمن ذمته المالية عنصرًا من عناصرها باستغلال ما تصبغه عليه وظيفته أو يحوله مركزه من امكانيات تطوع له الإجتراء على محارم القانون، بما يفترض في الموظف العام أو من في حكمه من الأمانة والنزاهة، ويتعين على قاضي الموضوع أخذ المتهم بجريمة الكسب غير المشروع، أن يثبت في حكمه أمرين هما الزيادة غير المبررة في مال الموظف وكون نوع وظيفته بالذات يتيح له فرصة ذلك الاستغلال حتى أن اعتبارعجزه عن اثبات مصدر الزيادة في ماله قرينٍة قانونيٍة عامٍة على أن الزيادة تمثل كسبًا غير مشروعًا، ولا يشار لحكم القرينة حتى يثيت ذلك في شان الموظف أو من في حكمه  والثانية اثبات سند ملكيته لكل ما في يده.

ولما كان المتهم هو أستاٌذ جامعي، ثم وزيرًا للاتصالات، ثم رئيسًا لمجلس الوزارء؛ خولت له وظائفه هذه امكانيات لأن يُقدم إليه ولزوجته هدايا عينية من المؤسسات الصحفية تزلقا إليه وتاثيرًا على القرارت التى تصدر باستمرار رؤساء مجالس إداره هذه الصحف من مناصبهم والحيلولة دون الأجهزة الرقابية.

وردت المحكمة على الدفع بعدم جواز نظر الدعوى، لسداد المتهم وتصالحه في 5 فبراير 2013، بأن قبول الهدايا يشكل جريمة الكسب غير المشروع بالنسبة له يختلف موضوعها عن موضوع الدعوى محل الدفع، كما أن سداد “نظيف” لقيمة هدايا مؤسسة الأهرام لاينفي عنه ذات الجريمة باستفادته من الهدايا في حينها استغلالًا لسلطات وظيفته ما يجعل الدفع على غير سنٍد خليقًا بالرفض.

كما ردت المحكمة على الدفع ببطلان تحريات الرقابة الإدارية لمخالفة المادة الثانية من قانون انشائها؛ فمردود عليه بأن المتهم حال التحرى لم يكن يشغل ثمه منصبًا في الدولة، كما أن تقدير هذه التحريات وجديتها مرجعه لهذه المحكمة التى تطمئن إليها وتأخذ بها وهو مايكون معه الدفع بلا سند.

كما ردت المحكمة على الدفع بعدم قبول الدعوى الجنائية، وبطلان إحاله المتهم لحفظ الملف لعدم وجود شبه كسب غير مشروع؛ فمردود الدفع بان المتهم حال تقديمه إقرارات ذمته الماليه كان في وظيفته تمكن من حجب ما يشاء مما يتكسبه بطرق غير مشروعة والحيلولة دون وصول أي جهات رقابية إليها، وبعد أن زال سلطانه في الأمر قد تكشف كما أن حفظ الملف ليس له حجيه إذا ما تبين أنه كان يوجد غش أو نحوه في تقديم الإقرارات وهو مايكون معه الدفع بغير سنٍد وخليقًا بالرفض.

وأوضحت المحكمة بأنها لم تطمئن إلى الدفوع الآخرى التى قدمها الدفاع بالطعن بالتزوير على الصفات المسبغة من هيئة الفحص بقرار الإحالة على زوجة المتهم ومايترتب عليه من آثار، وبطلان ماقامت به هيئة الفحص والاطلاع على الإقرارات الخاصة بالمتهم لسريتها والطعن بالتزوير على أمر الإحالة وببطلان ما فيما بما يتعلق بمؤسسة تنمية الطفل والمجتمع؛ فهو دفاع في غير محله، إذ هو في حقيقته لا يعدو أن يكون جدًلا موضوعيًا في تقدير الإدلة واستخلاص ماتؤدى إليه، مما تستقل به هذه المحكمة، ولما كانت الصورة التى استخلصتها المحكمة من أقوال شهود الواقعة وسائر الأدلة الاخرى التى أوردتتها لاتخرج عن الإقتضاء العقلي والمنطقي، ولها أصلها وسندها وصداها بالأوراق فلا يجوز منازعتها في شأنه ويكون منعي الدفاع في هذا الصدد غير سديد بعيدًا عن حجة الصواب بما يتعين الإلتفات عنه.

وحيث انه لما كان المتهم قد قام بسداد مبلغ 3 مليون و440 ألف و70 جنيهًا من قيمه الفرق بين ماجرى دفعه كثمن للوحدة السكنية بـ “سان استيفانو” حال التعاقد وكذا سداده مبلغ مليون و299 ألف جنيه قيمه هدايا المؤسسات الصحفية فيكون إجمالى ماقام بسداده مبلغ 4 مليون و739 ألف و86 جنيهًا، تستنزل من المبالغ الواجب ردها.

وأوضحت المحكمة، أنها أدانت “نظيف”بالعقاب المناسب؛ حيث أن عقوبة الكسب غير المشروع المقررة قانونًا تتراوح ما بين 3 سنوات وحتى 15 عامًا، ولكن المحكمة راعت شيخوخته، وأنه تخطى السبعين عامًا.  وفسرت المحكمة، أن الحكم الصادر ضده في إعادة المحاكمة بالسجن 5 سنوات، أكثر من حكم محكمة أول درجة الذي قضي  بسجنه 3 سنوات فقط؛ المطعون عليه قبل النيابة العامة، إلى جانب المتهم، ما يعطي المحكمة الحق في تشديد العقوبة، مشيرًا إلى أن الحكم ليس نهائيًا ولكنه واجب النفاذ ويجوز الطعن عليه بالنقض.

عُقدت الجلسات بمحكمة التجمع الخامس، برئاسة المستشار السيد البدوي ابوالقاسم، وعضوية المستشارين علاء الدين شوقى ومحمد أحمد الجندي، وحضور ممثل النيابة العامة، أحمد عجلان وكيل النائب العام.

خبر في صورة