عاجل

الدكتور طلعت مرزوق يكتب: القرارات بقوانين التى صدرت في غيبة البرلمان

نصت المادة رقم 156 من الدستور على أنه " إذا حدث في غير دور انعقاد مجلس النواب ما يوجب الإسراع في اتخاذ تدابير لا تحتمل التأخير، يدعو رئيس الجمهورية المجلس لانعقاد طارئ لعرض الأمر عليه. وإذا كان مجلس النواب غير قائم يجوز لرئيس الجمهورية إصدار قرارات بقوانين، على أن يتم عرضها ومناقشتها والموافقة عليها خلال خمسة عشر يوماً من انعقاد المجلس الجديد، فإذا لم تعرض وتناقش أو إذا عرضت ولم يقرها المجلس، زال بأثررجعى ما كان لها من قوة القانون، دون حاجة إلى إصدار قرار بذلك، إلا إذا رأى المجلس اعتماد نفاذها في الفترة السابقة، أو تسوية ما ترتب عليها من آثار ".

وقد صدر مئات من القرارات بقوانين بعد ثورة 25 يناير 2011 وحتى قُبيل إنعقاد مجلس النواب في العاشر من يناير 2016 بتوقيع كل من المشير حسين طنطاوي ، والدكتور محمد مرسي ، والمستشار عدلي منصور ، والرئيس عبد الفتاح السيسي ، فما هو مصيرها في ظلال المادة الدستورية السالفة ؟.

للاجابة على هذا السؤال لابد من تقرير الحقائق التالية:

تم الحكم بعدم دستورية بعض هذه القرارات بقوانين في مارس 2015 ، ومنها القرار بقانون بشأن تقسيم الدوائر ، وبعض مواد القرار بقانون بشأن مجلس النواب ، كما تم الدفع بعدم دستورية بعضها أمام محاكم مجلس الدولة وأُحيلت للمحكمة الدستورية العليا ، ومنها قانون تحصين العقود الإدارية للدولة وغيره ، ولم يصدر تقرير المفوضين فيها بعد.

هناك قرارات بقوانين صدرت في هذه الفترة ويعقد كثير من الشعب المصري آمالاً كبيرة على هذا المجلس في تغييرها.

التوسع في إصدار القرارات بقوانين في الفترة السابقة ربما كان بسبب ظروف استثنائية ، وإن اختلفت وجهات النظر في تقديرها.

سيظل لمجلس النواب الحق في إلغاء أو تعديل هذه القرارات بقوانين في أي وقت طوال الفصل التشريعي.

أقرت المحكمة الإدارية العليا رقابة محاكم مجلس الدولة علي مدى تحقق وصف القرار بقانون من عدمه ، بحيث يُصبح مجرد قرار إداري ( طعن رقم 3230 لسنة 34 قضائية عليا جلسة 2 / 3 / 1991 – د. محمود عاطف البنا – الرقابة القضائية للوائح الضرورة ).

حكمت محكمة القضاء الإداري في الدعوى رقم 3123 لسنة 35 قضائية بتاريخ 11 / 2 /1982 بعدم توافر الخطر الحال لما أعلنه الرئيس السادات من قرارات تطبيقاً لنص المادة رقم 74 من دستور 1971 وهو ما ينتفى معه الركن الأول لقيام حالة الضرورة.

حكمت المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 154 لسنة 1981 لعدم قيام حالة الضرورة ( قضية رقم 15 لسنة 18 قضائية دستورية جلسة السبت 2 يناير سنة 1999 – وانظر أيضاً الحكم رقم 28 لسنة 2 قضائية دستورية جلسة 4 / 5 / 1985 ) ومما جاء بالحكم الأول : " وحيث إن البين مما تنص عليه الفقرة الثانية من المادة (147) من الدستور ( يعنى الصادر عام 1971 ) ، أن مواعيد وإجراءات عرض القرارات المشار إليها على مجلس الشعب، تختلف باختلاف ما إذا كان المجلس منحلاً أو موقوفاً أو قائماً، فإذا كان المجلس منحلاً أو موقوفاً، وجب عرض القرارات المشار إليها عليه فى أول اجتماع له؛ فور انعقاده، أما فى غير هاتين الحالتين - الوقف والحل - فيتعين أن يدعى المجلس للانعقاد لعرض تلك القرارات عليه خلال فترة زمنية محددة هى خمسة عشر يوماً من تاريخ صدورها ".

حكمت المحكمة العليا برفض دعوى عدم دستورية المرسوم بقانون رقم 69 لسنة 1953 ، والقرار بقانون رقم 120 لسنة 1962 الصادرين في غيبة المجالس النيابية لعدم عرضهما على هذه المجالس عند انعقادها لإقرارهما ( قضية رقم 11 لسنة 7 قضائية المحكمة العليا " دستورية " جلسة 1 / 4 / 1978 ) ومما جاء بالحكم : " ومن حيث أنه بالنسبة إلى عدم عرض القانونين المطعون فيهما الصادرين فى غيبة المجالس النيابية على هذه المجالس عند إنعقادها لإ قرارهما، فمن المقرر قانوناً وجوب التفرقة فى هذا الصدد بين القرارات بقوانين التى تصدر أثناء قيام الحياة النيابية وتلك التى تصدر أثناء وقفها أو تعطيل العمل بالدستور، فالأولى فقط هى التى تعرض على المجلس النيابى فور انعقاده بحيث يترتب على عدم عرضها أو رفضها الأثر الذى ينص عليه الدستور، أما الثانية فلا تزول قوتها القانونية عند إجتماع المجلس النيابى بعودة الحياة النيابية لمجرد عدم عرضها على هذا المجلس، ذلك أنها تعتبر قوانين عادية لا يمكن إلغاؤها إلا بقوانين مثلها ".

نصت المادة رقم 224 من الدستور على أن : " كل ما قررته القوانين واللوائح من أحكام قبل صدور الدستور، تبقى نافذة، ولا يجوز تعديلها، ولا إلغاؤها إلا وفقاً للقواعد، والإجراءات المقررة في الدستور. وتلتزم الدولة بإصدار القوانين المنفذة لأحكام هذا الدستور ".

وقد حدد الفصل الرابع من الباب السادس من اللائحة الداخلية لمجلس الشعب الاجراءات التى ينبغى العمل بها عند مناقشة القرارات بقوانين ( المواد من 173 : 177 ) وقد نصت المادة رقم 174 على عدم جواز التقدم بأي اقتراحات بالتعديل في نصوص أي قرار بقانون ، ما يعنى موافقة مجلس النواب عليه أو رفضه كلياً.

الخلاصة:

ستدور مناقشات مجلس النواب في هذا الموضوع على رأيين:

الأول : عدم العرض لأن المادة 156 من الدستور لا تتحدث عن أول برلمان بعد فترة انتقالية ، أو أن علة عدم العرض هي تعطل الحياة النيابية أو عدم وجود دستور وفقاً لما جاء بحكم المحكمة العليا في القضية رقم 11 لسنة 7 قضائية دستورية بتاريخ الأول من ابريل 1978.

الثاني : العرض مع تشكيل لجنة خاصة تفعيلاً لمواد اللائحة الداخلية من 173 : 177 بسبب اختلاف مناط الأحكام والنصوص الدستورية.

وفي حالة ترجيح الرأي الثاني أتوقع تقدم كثير من النواب باقتراحات بمشروعات قوانين بالتعديل لبعض هذه القرارات بقوانين وعلى رأسها قانون التظاهر وغيره.