صورة لما كتبة جنمود بشار فى مدخل مدينة مضايا
"أني أشم رائحة الموت تفوح من جسدي يا أمي " هذه هى العبارة التى قد تسمعها فى كل بيت فى مضايا السورية، والتى أصبحت الحياة بها مضنية.
حيث لم يعد أهل القرية المحاصرة من قبل قوات حزب الله اللبنانية الشيعية، والتى تنهمر عليها زخات الرصاص والبراميل المتفجرة والغاز السام التى تطلقها قوات نظام الأسد، كل ذلك يتلاشى أثره عندما تعلم أن أهل مضايا يموتون بأمر أرخص من هذا كله، إنه الجوع، فللشهر السابع على التوالى ومضايا مطبق عليها الحاصرة، الذى منع عنها كل شيئ.
* كانت البداية
فى محافظة ريف دمشق وتحديداً فى منطقة الزبداني وبعد قتال الزبدانى لأشهر عدة بدأ أهل مضايا وسرغايا بتقديم العون إلى أهل الزبدانى المحاصرين من قبل حزب الله والذى أعلن وقتها أن الطريق إلى القدس يمر بالزبدانى على حد زعم حسن نصر الله أمين عام الحزب.
ولم يصرح نصر الله بأن حصاره للزبدانى ومن بعدها مضايا كان لأنهم أول من انتفض فى أحداث الثورة السورية وأول من نادى صراحة بإسقاط نظام الأسد مما حدا لتدخل الجيش السوري والأمر بقصف مدفعي على البلدة بشكل متقطع حتى 13 يناير 2012 م، والذي جرت فيه معركة الزبداني التي جرت بين كتائب حمزة بن عبدالمطلب التابعة للجيش السوري الحر وأعداد كبيرة قدّرت ب30 ألف من جيش النظام السوري مدعومين بـ 50 دبابة و9 قطع مدفعيّة بالإضافة لمشاركة مقاتلين من حزب الله اللبناني قدّروا بـ 300 مقاتل وذلك لاقتحام مضايا والزبداني وإنهاء وجود الجيش الحر فيها كونها منطقة استراتيجية هامة عسكرياً وجغرافياً ولتأمين الحدود مع لبنان فجرت معركة كبيرة في السهل وكبّد الجيش الحر الجيش النظامي خسائر فادحة من تدمير حوالي 21 دبابة و15 آلية عسكريّة ومقتل عشرات الجنود وفي المقابل قام الجيش السوري باستهداف مضايا والزبداني براجمات الصواريخ والقصف المدفعي العنيف مما أدى إلى تدمير واسع في الزبداني والكثير من البيوت في مضايا ومقتل أكثر من 100 من أهالي المدينتين.
*ونستعرض معاً أهم الأحداث فى مضايا فى أيام الحصار
* ففى 9 سبتمبر
شهدت البلدة قصف مدفعي عنيف من مدفعية مرجة التل و مدفعي الحورات .
* وفى 2 أكتوبر
الأمم المتحدة تنسحب من هدنة الزبداني الفوعة لأنها لم تستطع الوصول إلى حل
* وفى 5 أكتوبر وقبل
إعلان الهدنة الثالثة والتى لم تدم
قوات الأسد تقذف المدينة بأكثر من 50
برميل متفجر و3000
قذيفة
.
* وفى 9 أكتوبر
قامت قوات النظام في بسحب عدد من ألياتها من محيط مدينة الزبداني , بالاضافة الى سحب عدد من الآليات من محيط بلدة سرغايا ومضايا ذات الموقع الاستراتيجي الهام و الوجهة ثكنة التكية .
* وفى 20 نوفمبر وفى الوقت الذى كانت تجرى فيه المفاوضات لرفع الحصار كانت قوات حزب الله تشدد الخناق على مضايا بتباطئ روسى سورى
وكان قد حضر فى هذه المفاوضات السفير الروسي ورئيس لجنة المصالحة في منطقة ريف دمشق وعلي مملوك ممثل عن النظام، وكان من أهم بنود الاتفاق الذى لم يتحقق أنه سيتم خلال أيام قليلة رفع الحصار عن المنطقة بشروط روسية بإشراف مكتب الأمم المتحدة في دمشق ، ويقضي الاتفاق الذي تم صياغته على ما يلي :
- انسحاب
قوات حزب الله خارج المنطقة
- انسحاب
قوات الفرقة الرابعة وميليشيا اللجان الشعبية
- استصدار
عفو رئاسي عام للمنطقة.
- سقف
زمني للتنفيذ لا يزيد عن عشرة أيام ويقرع ناقوس الخطر وتعتبر الخطة قيد التنفيذ
من تاريخ إخلاء الجرحى من خطة الزبداني ومعالجتهم في مشافي لبنان بدلا من تركيا.
بالأضاقة إلى عدد كبير من البنود تضمنت موضوع عودة الخدمات وإصلاح البنى التحتية والاهتمام بالجانب التعليمي
وانتظر أهل مضايا دخول الأغذية ولكن لم يدخل شئ إلى المحاصرين.
* وفى 26 نوفمبر
انتزعت روسيا ملف الزبدانى ومضايا من إيران و التى كانت متحكمة فيه وادعت أنها ستقوم بحل أمر فى غضون أيام وقالت أن حلها فى هذه المنطقة سيتم اعتمادة لحل الأزمة السوريا ككل وبدأت روسيا فى العمل لإرساء تسوية جديدة في مدينتي الزبداني ومضايا في ريف دمشق، تتباين في بنودها مع هدنة الفوعة ـ الزبداني والتى قد قامت بها إيران منفردة.
وكانت روسيا تبغى من هذا الموقف السيطرة على أكبر مساحة ممكنة من الأراضى السوريا قبل اللجوء للحل السياسى وجلسات الحوارات، وكانت ترى أن هذا الأمر يساعد فى توقف تمدد المعارضة السوريا باتجاه العاصمة دمشق، وكانت الخطة تعتمد على أنّ يتم التوافق على خطة لوقف حصار مضايا ومعالجة أوضاع المسلحين المعارضين في الزبداني، على أن يبقوا في مناطقهم، ويعملوا على حفظ أمنها بالتعاون مع القوات النظامية، شرط أن يُفتح مكتب للأمم المتحدة في المنطقة وتوقعت روسيا نجاح المهمة فى غضون أيام إلا أن هذا لم يحدث.
* وفى 28 نوفمبر وجه
أهالى مضايا رسالة إلى الأمم المتحدة كان منها
"انقطعت كافة سبل الحياة و ادنى مقوماتها عن بلدة مضايا , لا طعام لا شراب ,
لا دواء , لا حليب اطفال , لا كهرباء عدنا الى العصور الوسطى بسبب التجاهل و
التعامي عن 40000 محاصر , وجهنا ندائات الاستغاثة عشرات المرات في الاسبوع المنقضي
لتدارك الازمة و العمل بشكل عاجل لانقاذ المحاصرين الا ان لا حياة لمن تنادي .
نأمل
منكم التدخل الفوري غداً لمنع وقوع كارثة اعظم من التي نعيشها !"
* فى
3 ديسمبر
وفد من الصليب الأحمر يدخل لمعاينة الجرحى للاستعداد لغجلئهم ولم يحدث أيضاً .
وقبل نهاية العام تم الاتفاق على أن يفك جيش الفتحة حصارة عن كفريا و الفوعة المحاصرتان فى ريف أدلب و أن يتم فك الحصار عن الزبدانى و مضايا ولكن هناك فارق كبير جداً فكفريا و الفوععة القوات السوريا تمدهم بالطعام و الشراب أما فى الزبدانى و مضايا فلا شئ .
* أما الآن ... فقد أختفت مظاهر الحياة تماماً فى مضايا فحتى القطط والكلاب في الشوارع فارقت الحياة من شدة الجوع فحاويات النفايات فارغة ورائحة الموت تنتشر في كل مكان فسكان المدينة الذين أضناهم الجوع والفقر لا يملكون القدرة على الحركة ولا يوجد غير الموت خارج البيوت.
من جملة سكان المدينة الـ40 ألف يصاب منهم 160 فرد يومياً بحالات إغماء بسبب نقص الغذاء، وصل سعر كيلو لبن الأطفال إلى أكثر من 150 دولار، و كيلو الأرز إلى 100 دولار.
كما أن أكثر من 65 فرد ماتوا جوعاً ولا مجيب، غالبهم من الأطفال. ولا أدل على ذلك من أمتلاء شبكات التواصل الإجتماعى بالصور والفيديوهات لما يتعرض أهل مضايا من حصار و جوع.
سرمضايا
فإن هذا الحصار ليس للسيطرة على بلدة مضايا، ولكن الضغط على مقاتلي المعارضة لكي يتوقفوا عن مقاومة حزب الله في بلدة الزبداني، وقد وضع جنود بشار لافتة على مدخل المدينة تقول إما الجوع أو الركوع.
حالة من الغضب وتحركات دولية وأممية لتقديم العون
سادت حالة كبيرة جدا من الغضب بسبب حصار حزب الله بمضايا، ومطالبات بضرورة فك هذا الحصار والسماح للمساعدات الإنسانية بالدخول الى البلدة، وقد تسائل الكثير من المغردين عن موقف إيران من هذا الحصار.
وقد أعلنت الأمم المتحدة أن القوات الروسيا سمحت لها بتقديم المعونات لأهالى مضايا.
ولكن السؤال الملح هل ستنجح الأمم المتحدة هذه المرة فى تقديم يد العون لأهل مضايا أم سيكون هذا الاتفاق كما سبق من اتفاقات.
