عاجل

ننشر نص كلمة وزير الخارجية أمام «القمة الإسلامية» بجاكرتا


ألقى وزير الخارجية سامح شكري، الاثنين 7 مارس، كلمة مصر أمام القمة الاستثنائية لمؤتمر القمة الإسلامية حول قضية فلسطين والقدس الشريف، المنعقدة في جاكرتا، نيابة عن الرئيس عبدالفتاح السيسي.

فخامة الرئيس/ چوكو ويدودو – رئيس جمهورية إندونيسيا.. فخامة الرئيس/ محمود عباس – رئيس دولة فلسطين .. معالى الدكتور/ إياد مدني – أمين عام منظمة التعاون الإسلامي

السادة رؤساء وأعضاء الوفود، السيدات والسادة الحضور، يشرفني أن ألقي البيان التالي نيابة عن السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي والذي كان يتطلع المشاركة في هذه القمة الهامة إلا أنه حال دون ذلك ارتباطات هامة بأرض الوطن. وأقتبس:
بدايةً، أود أن أُعبر عن خالص امتناني للحكومة الإندونيسية لاستضافتها الكريمة للقمة الاستثنائية واثقاً من أنها سوف تشكل علامة بارزة في سبيل دعم التضامن بين أعضاء منظمتنا، وإسهاماً أكيداً في دعم القضية الفلسطينية، ونصرة الشعب الفلسطيني الذي يواصل نضاله وصموده أمام الاحتلال الإسرائيلي الغاشم في ظل التطورات المتلاحقة التي تشهدها الأراضي الفلسطينية المحتلة مؤخراً.

أود التأكيد أيضاً على إيمان مصر الكامل والراسخ بحق الشعب الفلسطيني في الحصول على حقوقه المشروعة، وفي مقدمتها إقامة دولته المستقلة على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، وحل مشكلة اللاجئين وفقاً لقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة. ورغم الظروف الإقليمية الاستثنائية الراهنة وتعقيدات المشهد في الشرق الأوسط، تظل القضية الفلسطينية دائماً في دائرة الأولويات والاهتمام المصري والعربي والإسلامي، وتُمثِّل ركناً أساسياً للأمن الإقليمي والدولي، إذ أن تحقيق التسوية العادلة والشاملة للقضية الفلسطينية هو مفتاح التعايش السلمي في المنطقة.

تُحذر مصر من خطورة مواصلة الاحتلال وعمليات التعدي على الأراضي وهدم المنازل والتهجير القسري للفلسطينيين في إطار سياسة التوسع الاستيطاني في الضفة الغربية، ونؤكد أن الاستيطان يظل العائق الرئيسي أمام تحقيق السلام، ويقوض من فرص تطبيق حل الدولتين والذي يعتبر الركيزة الأساسية في أي اتفاق سلام محتمل بين الجانبين. كما أود الإشارة إلى خطورة تنامي ظاهرة أعمال العنف والتخريب ضد الفلسطينيين وممتلكاتهم من قبل المستوطنين.

السيدات والسادة، تُعرب مصر عن بالغ قلقها من استمرار الهجمة الشرسة على مدينة القدس المحتلة، لاسيما مخططات الاحتلال لتغيير هوية ومعالم المدينة المقدسة، وطمس تراثها الثقافي والإسلامي، فضلاً عن التلاعب بالوضع الديموغرافي لسكانها وتضييق الخناق عليهم لإجبارهم على ترك أرضهم من خلال تعريضهم للبطش، وهدم منازلهم ومصادرتها، وإصدار القوانين والتشريعات لسحب هوياتهم، وتكثيف حملات اعتقالهم دون توجيه التهم.

إن مدينة القدس الشريف تمر بهجمة شرسة تهدد وجودها كعاصمة إسلامية، حيث يسعى الاحتلال الإسرائيلي إلى عزل المدينة ثقافيا واقتصاديا وماليا، فضلاً عن الاستمرار في بناء وتثبيت الجدار العازل العنصري غير القانوني، واستكمال سياسة الاستيطان بشكل مكثف. ولقد أمعنت قوة الاحتلال في سياساتها العدوانية ضد الشعب الفلسطيني في القدس الشريف عبر تكثيف أعمال الحفر تحت المسجد الأقصى، وتصعيد وتيرة اقتحامات المجموعات اليهودية المتطرفة في حماية شرطة الاحتلال للمسجد الأقصى المبارك لأداء الطقوس اليهودية في باحاته، بالتوازي مع تقييد أعداد وأعمار المصلين المسلمين، وهى السياسات التي تهدف في نهاية المطاف إلى فرض واقع جديد للتقسيم المكاني والزمني لحرم المسجد الأقصى، كما سبق تنفيذه في الحرم الإبراهيمي.

أدعو في هذا السياق إلى إيلاء أهمية خاصة لدعم المقدسيين الذين يتعرضون لأسوأ أشكال الاضطهاد والتمييز، فهؤلاء هم خط الدفاع الأول في مواجهة عمليات التهويد المستمرة، ويتعين إعانتهم للاستمرار في صمودهم على أرضهم وذلك من خلال توفير موارد تخصص لتوفير المسكن، ودفع الغرامات المفروضة عليهم لتثبيتهم على أرضهم ولتمكينهم من شراء الأراضي لتنفيذ مشروعات سكنية، وإعداد برامج مباشرة لدعمهم بالتنسيق مع السلطة الفلسطينية.

السيدات والسادة، يعانى أهلنا في غزة من التداعيات المأساوية للعدوان الإسرائيلي المتكرر على القطاع، والذي فجَّر أزمات إنسانية جمة عمقت من حدة تدهور الوضع الإنساني، خاصة مع استمرار الحصار الإسرائيلي المفروض على غزة منذ أكثر من 8 سنوات.

وتحرص مصر، بقدر الإمكان وعلى الرغم من الظروف الاستثنائية التي تمر بها اتصالاً بمكافحة الإرهاب في شمال سيناء، على المساهمة في تخفيف حدة التدهور في القطاع من خلال تسهيل مرور الأشقاء الفلسطينيين وإنفاذ المساعدات والحالات الإنسانية عبر معبر رفح البري.

وتناشد مصر كافة الأطراف المانحة على الوفاء بما تعهدت به من التزامات في "مؤتمر القاهرة حول فلسطين: إعادة إعمار غزة" في أكتوبر 2014، تجنباً لحدوث كارثة محققة في غزة إذا استمرت الظروف الراهنة، كما تدعو مصر إلى ضرورة تكثيف العمل الإسلامي المشترك للضغط على إسرائيل لرفع الحصار المفروض على القطاع، والتأكيد على مسئوليتها كسلطة احتلال تجاه سكان القطاع، وتوفير احتياجاته الأساسية، بما في ذلك متطلبات إعادة الإعمار.

السيدات والسادة، يتواصل تدهور الأوضاع في الأراضي الفلسطينية المحتلة بدون أي أفق لحل سياسي قريب، وأود من هذا المنبر التأكيد على أهمية الدفع نحو إحياء عملية السلام تمهيداً للتوصل لحل نهائي على أساس حل الدولتين.

وختاماً، اسمحوا لي أن أؤكد على أهمية الجهود التي نبذلها في إبقاء القضية الفلسطينية حية وحاضرة في أذهان العالم، كما أود أن أتوجه إلى إندونيسيا حكومة وشعباً بجزيل الشكر والامتنان على تنظيم هذه القمة وعلى حسن الضيافة والتنظيم.. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.