على الرغم من كل المعارك والمنافسات التي يخوضها مرشحو الرئاسة الأمريكية خلال مرحلة الانتخابات التمهيدية التي بدأت 1 فبراير، وكل الآراء والتصريحات التي أثارت الكثير من الجدل ليس فقط داخل المجتمع الأمريكي وإنما بشكل عالمي.

إلا إن الانتخابات التي سيخوضها في النهاية مرشحو كلِ من الحزب الديمقراطي والجمهوري، المقررة نوفمبر 2016، ستظل غريبة وستظل نتيجتها "الأولى" بالنسبة للشعب الأمريكي.

من هم المرشحون؟

يتنافس حاليًا على الترشح للانتخابات الرئاسية الأمريكية من الحزب الديمقراطي كلا من هيلاري كلينتون، وبيرني ساندرز، أما من الحزب الجمهوري يتنافس دونالد ترامب، تيد كروز، ماركو روبيو.

هيلاري كلينتون "68 عامًا": تعتبر هيلاري من أكثر المرشحين مثابرة في ماراثون الانتخابات الرئاسية الأمريكية، وهذه هي المرة الثانية التي تترشح فيها للحصول على هذا المنصب كأول سيدة تتولى حكم الولايات المتحدة الأمريكية، وعلى الرغم من ترشحها في مواجهة الرئيس الأمريكي الحالي باراك أوباما من قبل، إلا إنها خسرت الرهان.

وتعتبر هيلاري كلينتون من أكثر المرشحين الديمقراطيين حظاً في معركة الانتخابات هذا العام، حيث تتقدم على منافسها الأقوى بيرني ساندرز في استطلاعات الرأي وفي نتائج الولايات خلال الانتخابات التمهيدية.

المرشح الثاني: بيرني ساندرز 75 عامًا، المرشح اليهودي الاشتراكي الأكبر سنًا، يطمح بيرني ساندرز للحصول على منصب رئيس الولايات المتحدة الأمريكية كأول يهودي يستطيع التفوق في الانتخابات الرئاسية، ليس هذا فقط، ولكنه يعتبر أكبر المرشحين عمرًا، بالإضافة إلى أن أرائه في السياسة والاقتصاد كانت محل جدل حيث انتقدها الكاتب الصحفي توماس فريدمان في مقال نشره 17 فبراير الماضي، قائلاً إنه على الرغم من كونه رجل جيد، إلا إن آراءه حول ما يحدث في "وال ستريت" مثيرة للكثير من الجدل.

وتابع فريدمان، "على الرغم من أنه رجل جيد، إلا أنه لا يتحدث مطلقا عن نظام العمل في الولايات المتحدة وعلى العكس يتهم معظم العاملين في وال ستريت أنهم مزورون ومحتالون".

يُعرف ساندرز بآرائه التي وصف نفسه فيها بأنه "ديمقراطي اشتراكي"، حيث كان متحدثًا دائما في كل ما يتعلق بقضايا الحقوق المدنية والحريات داخل الولايات المتحدة، وفي أحد مؤتمراته خلال سباق الانتخابات، قال ساندرز، نحن بحاجة كبيرة لإظهار وقول الحقيقة في السياسة، لأنه أمر لم نشهده في مجتمعاتنا منذ وقت طويل.

المرشح الثالث، دونالد ترامب – رجل الأعمال المثير للجدل، 69 عامًا: لن يكون دونالد ترامب هو أول رجل أعمال يستطيع الوصول لمنصب الرئاسة إذا فاز في الانتخابات المقررة نوفمبر 2016، فقد استطاع جورج دبليو بوش وهو رجل أعمال، يدير عددًا من شركات النفط أن يصل لمنصب رئيس الولايات المتحدة الأمريكية عام 2001 كمرشح عن الحزب الجمهوري، إلا إنه على رغم من سياسات بوش المعادية، لم يلق ترشحه الجدل والمعارضة الذي تواجه ترامب من داخل حزب الجمهوريين نفسه.

وأظهر عدد من السياسيين الذين ينتمون للحزب الجمهوري اعتراضا أكثر من مرة على ترشح ترامب كممثل عنهم في الانتخابات الرئاسية، حيث قال فريدمان في مقاله بصحيفة نيويورك تايمز، إن المرشح الأوفر حظاً الذي ينتمي للحزب الجمهوري يسعى لتدمير المبادئ التي قامت عليها أمريكا نفسها، حيث يتعجب من أن يكون ترامب يروج لنفسه على أنه "سيجعل أمريكا عظيمة مرة أخرى"، بينما ينتقد المسلمين والمهاجرين اللاتينيين ويصفهم بأنهم إما إرهابيين أو مجموعة من المغتصبين.

كما قال بيتر وينر، مستشار الرئيس الأمريكي السابق جورج دبليو بوش، إن انتخاب دونالد ترامب تهديد للحزب الجمهوري، مؤكدًا في مقال نشره بصحيفة نيويورك تايمز، أنه منذ تولي الرئيس الأمريكي رونالد ريجان عام 1981 وهو يحرص على انتخاب الجمهوريين كل عام، بل والمشاركة في العملية السياسية، حيث كان مستشارًا للرئيس جورج دبليو بوش، إلا أنه هذا العام وللمرة الأولى لن يصوت لـ"ترامب".

أما "مايكل جرسون - أحد السياسيين المهتمين بالحزب الجمهوري والذي كان مختصًا في كتابة خطابات جورج بوش عندما كان رئيسا للولايات المتحدة" فأوضح أنه من أجل مصلحة الحزب على كل من دونالد ترامب وتيد كروز الخسارة في معركة الرئاسة الانتخابية هذا العام.

من جهته، وصف مارك سالتر، مستشار المرشح الرئاسي الجمهوري السابق جون ماكين، دونالد ترامب بالرجل "الأحمق والكاذب"، وفقًا لصحيفة وال ستريت جورنال، إضافة لكل هذا، يعتبر ترامب أول مرشح رئاسي يتلقى انتقادا من بابا الفاتيكان بسبب أحد تصريحاته حول بناء سور حول الولايات المتحدة الأمريكية لحمايتها من اللاجئين والمهاجرين، حيث وصف البابا كل من يدعو لبناء الأسوار بدلا من الجسور بين الناس، "ليس مسيحيًا".

تيد كروز – المرشح الكندي ذو الأصول الأسبانية، 46 عامًا، وعلى الرغم من ارتفاع أسهم ترامب في الانتخابات الأمريكية، إلا إن تيد كروز يعتبر أبرز منافسيه في معركة الانتخابات، حيث استطاع تحقيق الفوز في عدد من الولايات أثناء الانتخابات التمهيدية.

تظل حقيقة أن كروز ولد في كندا بدلا من الولايات المتحدة، وأن والده قادم من أصول أسبانية فكرة مؤرقة للمرشح الرئاسي الجمهوري، حيث انتقده "فريدمان"، قائلا: "إنه ليس رجل جيد، وإنه يمسك بالعلم الأمريكي في يده من جهة ومن جهة أخرى ينتقد كل مؤسساتها وحكوماتها".

كما رفع عدد من الناخبين بحسب صحيفة يو إس إيه توداي، عددا من القضايا المطالبة بمنع كروز من الوصول للترشح النهائي للانتخابات النهائية لأنه في الحقيقة ليس أمريكيا، لكن كروز رد على هذه التصريحات من قبل مؤكداً أنه ولد فقط في كندا، لكنه مارس عمله السياسي بالولايات المتحدة، كما أنه اكتسب جنسيته بكل سهوله لأن أمه ولدت في أمريكا.

ماركو روبيو 44 عاماً - المرشح الأصغر سناً ذو الأصول الكوبيهة، يعتبر ماركو روبيو المرشح الجمهوري الأصغر سناً في سباق الانتخابات الرئاسية، وعلى الرغم من ذلك فإن له صوتاً واضحاً وسط ماراثون الانتخابات جعله مستمراً حتى الآن على الرغم من تراجع وانسحاب عدد من المرشحين الآخرين مع ظهور المؤشرات الأولية لنتائج المرشحين التمهيدية.

ولد روبيو في ميامي بفلوريدا، وبحسب وكالة الأنباء الفرنسية، فإن روبيو يرغب في تقديم نفسه على أنه مرشح من جيل جديد، يسعى لمنح الأمريكيين اختيارات سياسية جديدة.

من يختار الأمريكيون؟

على الرغم من انشغال الرأي العام الأمريكي بما يحدث من مناظرات وانتخابات تمهيدية، إلا إن ذلك لا يمنع من أن بعض السياسيين الأمريكيين يعتقدون أن المرشحين للرئاسة، وعلى رأسهم ترامب، لن يصلحوا لأن يكونوا في هذا المنصب، حيث يقول فريدمان في مقاله، إنه إذا طلب منه أحد أن يُعدد الأسباب التي قامت على أساسها قوة أمريكا، سيقول بلا تردد، "أسلوب الحكم، وثقافة قبول التعددية، والرأسمالية في نظام العمل"، بينما يرى اليوم كل المرشحين للانتخابات الأمريكية يقومون خلال حملاتهم بهدم كل هذه المبادئ.

وفي كل الأحوال فإنه مع اقتراب موعد اختيار الأحزاب الأخير لمن يمثلها في نوفمبر 2016، فإن الأمريكيين عليهم حتى الآن الاختيار من بين، "أول امرأة، أو أول يهودي وأكبر المرشحين سناً، أو رجل يسعى لطرد كل ما هو غير أمريكي، أو كندي من أصل إسباني، أو مرشح صغير في السن من أصول كوبية".