كشف فريق دولي من الباحثين عن مسارٍ للمعالجة الكمومية للمعلومات عن طريق قلب الخاصية الأصيلة للإلكترونات في الحالة المثارة إلى الحالة المسترخية باستخدام "الشوكة الرنانة" لأشعة الميكروويف.
تمكن الباحثون من إثبات هذه العملية من خلال صعق مادة سيليكون غريبة بأشعة الميكروويف، الأمر الذي كان أثره تغير الحركة المغزلية للإلكترون من الحالة المثارة إلى الحالة المسترخية. هذه الطريقة تجعل الإلكترونات تبث جزءاً من طاقتها على شكل فوتونات.
إنه من غير المحتمل جداً أن تنقلب الإلكترونات إلى حالة الاسترخاء وتبث فوتون أيضاً من تلقاء نفسها. تأثير انبعاث الضوء هذا يسمى أيضاً تأثير بورسيل، ويحدث بشكل طبيعي بمعدل مرة واحدة كل عشرة آلاف سنة.
وقال توماس شنكل، الفيزيائي في قسم تكنولوجيا المسرعات والفيزياء التطبيقية في مختبر بيركلي، الذي صمم وطور مادة السيليكون الغريبة المستخدمة في هذه الدراسة، أن تجربتهم أثبتت بنجاح تسريع والسيطرة على استرخاء الحركة المغزلية للإلكترون وانبعاث فوتون الميكروويف.
ويصف شنكل، "إنه مشابه لساحر يرمي الكرات إلى الأعلى، وتنزل هذه الكرات بشكل أسرع ألف مرة من المعتاد، كما أنها تبث أيضاً وميضاً من الميكروويف أثناء نزولها".
ونشرت نتائج الفريق على الانترنت في دورية Nature.
معالجة المعلومات الكمومية
وقال باتريس برتيت، وهو عالم الإلكترونيات الكمومية من لجنة الطاقة الذرية الفرنسية (CEA) ، أن نتائجهم "مهمة للغاية لمعالجة المعلومات الكمومية."
"في الواقع، فهي الخطوة الأولى نحو الربط القوي بين الحركة المغزلية للإلكترونات الفردية وفوتونات الميكروويف، والتي يمكن أن تشكل الأساس لبنية كمبيوتر كمومي جديد قائم على الحركة المغزلية."
وتكمن أهمية هذه الطريقة الجديدة للحوسبة الكمومية هي أن مغزلية الإلكترون قد تكون مرشحةً لما يسمى "الكيوبت" - أي الأساس المعلوماتي لأجهزة الكمبيوتر الكميّ، مماثلة للبت الثنائي في الحواسيب الإلكترونية. الكيوبت (qubit) الذي يعتمد على الخصائص الغامضة لميكانيكا الكم، لن يكون موجوداً بشكل ثنائي إما واحد أو صفر، ولكن سيكون كلاهما في نفس الوقت، وبالتالي سيضاعف الطاقة الحسابية لمثل هذه الكمبيوترات. بعبارة أخرى، بدلاً من إجراء عملية حسابية واحدة تلو الأخرى بشكل متسلسل، يمكن للكمبيوتر الكمومي إجراء عمليات حسابية متعددة في وقت واحد، متفوقاً على أجهزة الكمبيوتر العملاقة الموجودة اليوم وبعدة أضعاف قوتها الحسابية.
وبالتالي فإننا نأمل أن يكون البحث الجديد خطوة نحو جعل هذا الحلم حقيقة. الفكرة هي جعل فوتونات الميكروويف تعمل مع مغزلية الإلكترون لنقل المعلومات بطرق جديدة - لربط هذه الكيوبتات معاً، وخلق كمبيوتر كميّ متكامل، قادر على العمل.
وقال جون مورتون، الأستاذ في مركز لندن لتكنولوجيا النانو، الهدف النهائي للباحثين هو العثور على صلة بين النقطة الثابتة في المعلومات الكمومية والمعلومات الكمومية التي "يمكن نقلها".
يمكن أن يساعد البحث في رفع حساسية التقنيات العلمية المستخدمة في مجموعة واسعة من التجارب، بما في ذلك الاستقطاب النووي الديناميكي والتحليل الطيفي بالرنين المغناطيسي النووي.
وللمضي قدماً، يهدف للفريق لمعرفة كيف يمكنهم أن يستحثوا حالة استرخاء الإلكترون عند الطلب، وتسريع عملية تقلب الإلكترونات لتصل إلى مللي ثانية واحدة بدلاً من معدل الثانية الواحدة الحالي.
