عاجل

  • الرئيسية
  • تقارير
  • روسيا تبدأ الانسحاب من سوريا وبقاء نظام الدفاع الجوى «إس400»

روسيا تبدأ الانسحاب من سوريا وبقاء نظام الدفاع الجوى «إس400»

نظام الدفاع الجوى «إس400-»


أعلنت حكومة موسكو، أمس الثلاثاء، أنها بدأت عمليًّا تنفيذ قرارها المفاجئ بسحب قواتها من سوريا، وذلك بعد ساعات من إعلان اتخاذ القرار، بناء على اتصال هاتفى بين الرئيس الروسى فلاديمير بوتين ورئيس النظام السورى بشار الأسد، اتفقا خلاله على سحب القسم الأكبر من القوات الجوية الروسية، غير أنه سيتم الإبقاء على وجود جوى لمراقبة تطبيق وقف إطلاق النار.

ذكرت وكالة بلومبرج أن موسكو بدأت سحب مُعداتها العسكرية من سوريا، فى محاولة لإنهاء العقوبات الغربية المفروضة عليها منذ غزو أوكرانيا عام 2014، وبعد أن ساعدت القوات الروسية النظام السورى على تحقيق مكاسب عسكرية، حيث بدأت بتجهيز الطائرات الروسية فى قاعدة حميميم بمحافظة طرطوس السورية للعودة إلى روسيا، وإن الدفعة الأولى من الطائرات الحربية غادرت سوريا متوجهة إلى روسيا، ومنها قاذفات مقاتلة من طراز سوخوى 34.
كان التليفزيون الرسمى الروسى قد عرض صورًا لأفراد فى قاعدة جوية روسية بسوريا وهم يحملون معدات على متن طائرات نقل لإعادتها إلى روسيا، وذلك بعد يوم من إصدار الرئيس فلاديمير بوتين أمرًا ببدء انسحاب معظم القوة العسكرية الروسية من سوريا، إذ يوجد 50 طائرة مقاتلة نفاثة وطائرة هليوكوبتر على الأقل فى قاعدة حميميم، علاوة على معدات ومواد لوجيستية ومخزونات.

ونقلت وكالة الإعلام الروسية عن سيرجى إيفانوف، كبير موظفى الكرملين، قوله إن روسيا ستُبقِى نظام الدفاع الجوى إس- 400 الأكثر تطورًا بسوريا رغم الانسحاب المقرر لمعظم القوات الروسية من هناك؛ لضمان الأمن بفاعلية، بما فى ذلك القدرة الدفاعية من الجو، حيث يصل مدى النظام المضاد للطائرات إلى 400 كيلومتر، وبذلك تسيطر روسيا على مساحات كبيرة من الأجواء السورية، وحتى تتأكد موسكو من تحسن الأوضاع فى سوريا.

ومع ذلك يقول نيكولاى بانكوف، نائب وزير الدفاع الروسى، إن سلاح الجو الروسى سيواصل قصف الأهداف المرتبطة بتنظيم الدولة الإسلامية والجماعات الإرهابية الأخرى فى سوريا رغم هذا الانسحاب الجزئى؛ من أجل تكثيف مساعى السلام، فى ظل استئناف محادثات بوساطة الأمم المتحدة لإنهاء الحرب المستمرة بسوريا منذ أكثر من خمس سنوات. ويرى أن الكرملين أراد بهذا الانسحاب تجنب تكرار تجربة الاتحاد السوفيتى سابقًا فى أفغانستان عندما شنَّ الجيش الأحمر حربًا استمرت عشر سنوات ضد المجاهدين بين 1979 و1989.

وذكرت مجلة فورين بوليسى الأميركية أن إعلان روسيا انسحابها العسكرى من سوريا، يشيرإلى أنها تحاول أن تجد لنفسها مخرجًا من الحرب الأهلية الدائرة بسوريا، وربما يفتح المجال أمام تشكيل حكومة يقودها شخص آخر غير بشار الأسد، لكن موسكو أبقت المستشارين العسكريين الروس فى سوريا لمواصلة عملهم من أجل تقديم الدعم لكوادر الجيش السورى بالتدريب والمساعدة فى تنسيق عمل القوات السورية.

ويحذر مسئولون أميركيون من أن موسكو لم تحدد حجم القوات التى قرَّر الرئيس فلاديمير بوتين إعادتها إلى بلاده بعد أن ساعد قصف الطيران الحربى الروسى العنيف لمواقع المعارضة السورية المسلحة التى يحظى بعضها بدعم أميركى على فقدان توازنها، مما مكّن نظام الأسد من تعزيز مكاسبه فى غرب البلاد. غير أن مجلة فورين بوليسى التى تهتم بالسياسة الخارجية وتتمتع بتأثير على صانعى القرار بواشنطن، ترى أن الانسحاب قد يعنى نهاية الدعم الروسى غير المشروط للأسد ويزيد من مشاعر التفاؤل بإمكانية وجود حل دبلوماسى يضع حدًّا لما وصفته بالمجزرة البشعة التى يرتكبها نظام الأسد. 

من ناحية أخرى فإن بعض المحللين يرون أن الثقة الزائدة التى كان يبديها نظام الأسد بدأت تتلاشى تدريجيًّا بعد أن قطعت روسيا شريان الحياة الذى ظلت تمدُّه إلى الأسد، مما يجعل النظام السورى يغيِّر حساباته، كما يرى جوشوا لانديس، مدير مركز دراسات الشرق الأوسط الذى ظل حتى الأسبوع الماضى يتواصل مع مسئولين مقربين من نظام الأسد بدمشق، غير أنه قال إنهم لم يعودوا يردُّون على اتصالاته الهاتفية، وهو أمر مفاجئ ويجعله يعتقد أنهم باتوا محبَطين بسبب انسحاب القوات الروسية، وإن جاء الانسحاب بعد أن جعلت الأسد فى وضع أفضل لاستغلال المفاوضات التى تنعقد حاليًا بوساطة أميركية روسية، إلا أن مجلس الأمن الدولى والولايات المتحدة رحّبا بقرار روسيا سحب قواتها جزئيًّا من سوريا، وترى إيران أنها خطوة إيجابية، فى حين قالت المعارضة السورية إنها تريد أفعالا لا أقوالا.

وجاء فى صحيفة ول ستريت جورنال أن الرئيس الروسى فلاديمير بوتين يأمل فى إعلان سحب قواته أن ينال تنازلات من الولايات المتحدة الأمريكية ومن أوروبا لتخفيف عقوباته على بلاده كما يعتقد أن الرئيس الأميركى باراك أوباما يتطلع إلى عودة العلاقات لطبيعتها بين واشنطن وموسكو، ويحاول أيضًا بوتين منح أوباما غطاء دبلوماسيًّا يساعده على إعادة العلاقات الودية بين البلدين قبيل مغادرة أوباما البيت الأبيض بعد انتهاء مدة رئاسته.

وترى الصحيفة أيضًا أن التدخل الروسى لم يتمكن من القضاء على الحرب الأهلية بسوريا، وأن تنظيم الدولة الإسلامية لا يزال يسيطر على معظم أجزاء البلاد، وإن مكافحة الإرهاب لم تكن يومًا من أهداف بورتين الذى يحاول أن يثبت للعالم أن روسيا تقف إلى جانب حلفائها، وأن ينتزع نفوذًا جديدًا لبلاده بالشرق الأوسط وأوروبا.