عاجل

الشيخ مصطفى دياب يكتب: مغلق أو غير متاح

الحمد لله وحده والصلاة والسلام علي من لا نبي بعده ﷺ

مغلق مؤقتا .. خارج الخدمة .. غير متاح .. في وقت لاحق .. الجوال الذي تحاول الاتصال به لا يمكن أن يرد عليك .. لا يمكن الاتصال به الان .. لقد نُقلت إلي البريد الصوتي .. بعد الصفارة ...
كلمات كثيرة لعلك تُصدم بها إذا أردت شيئا هاماً من أخ قريب أو مسئول عن عمل أو قيادتك الأعلي أو ممن تقودهم ..

نعم إنها إجابات صادمة خاصة إذا كان المُتصل يحتاج لردود إيجابية يحل بها أزمة أو يُنهي بها مشكلة أو يُفرج بها هما أو يُذهب بها غما أو يقضي بها حاجة من حاجات المسلمين أو يُقيم بها فرضا كفائيا أو غير ذلك

أخي الحبيب .. 
إن مَن يحمل هم الدين حقا و ينذر نفسه لخدمة هذا الدين صدقاً فإنه يعيش للدين ويموت للدين ويبيع نفسه لله عز و جل و يجعل الدين أكبر همه و لذا فلا يمكن أن يحجب نفسه عن عباد الله ولا عن قضاء حوائجهم ودعوتهم لأنه صاحب رسالة و إذا كان الطبيب لا يغلق هاتفه لأنه يتابع حالة فى العناية حفاظاً على حياته ، فكيف بطبيب القلوب وقائدها إلى علاّم الغيوب .

يا صاحب الرسالة .. 
لا تحجب نفسك عن عباد الله بل التواصل مهم والوصول إليهم في كل مكان وفي أي زمان
( قَالَ رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلًا وَنَهَارًا )
بل و ارفع صوتك لدعوتهم أحيانا و سرّ بها لهم أحيانا أخري قال نوح عليه السلام :
( ثُمَّ إِنِّي دَعَوْتُهُمْ جِهَارًا. ثُمَّ إِنِّي أَعْلَنتُ لَهُمْ وَأَسْرَرْتُ لَهُمْ إِسْرَارًا )

يا صاحب الهم ..
يتصل بك إخوانك لخطبة الجمعة فيرد قرينك أنك غير متاح أو خارج الخدمة أو مغلق الأن.
وللأسف لو كنت في جلسة مع إخوانك ترتب شئون الدعوة ثم كان عليك أن تقوم بكذا و كذا فإنك تحتاج بعدها لعشرات الاتصالات حتي تُنهي ما تم الاتفاق عليه فتصبح عبئا علي إخوانك ويا ليتك ترد !!
فكم من مصلحة دعوية تعطلت بسببك
وكم من ضعيف ظُلِمَ بسبب عدم ردك
وكم من صاحب حق ضاع حقه بسبب عدم ردك
وكم من مهموم مغموم بات متألما مقهورا بسبب عدم ردك ؟

أخي الحبيب .. 
إذا قيدك الله لكي تكون عونا للناس و خادما لهم دالا لهم علي طريق الله فيجب عليك أن لا تحجب نفسك عنهم و أن تصبرعليهم عامة و علي أذاهم خاصة لأنك تبتغي الأجر من الله عز و جل 
وقد تقول يتصل إخواني و الناس في أوقات راحتي ونومي و إن لبدنك عليك حقا و إن لأهلك عليك حقا و أقول لك : إن السلبيات و المشاكل يكون لها حل و ليس الحل أن تغلق وسيلة التواصل بينك و بين عباد الله أما سمعت قول النبى ﷺ " و من مشى فى حاجة أخيه حتى يثبتها له ثبَتَ الله قدمه يوم تذل الاقدام "
أما سمعت قول النبى ﷺ " و لأن أمشى فى حاجة أخى أحب إلي من أن اعتكف فى مسجدي هذا شهراً "

أخى الحبيب ..
إذا أغلقت هاتفك دون القوم فهل فكرت كم من باب خير أُغلق دونك ،هل فكرت فى الحرمان الذى لَحِقَ بك ؟ أم أنك ترى أن أعمالك كثيرة و طاعاتك ثقيلة و أنك من أهل الجنة ؟! مسكين هذا العبد الذى ما أدرك قول ربه " إنما يتقبل الله من المتقين "
و ما سمع صوت الجُنيد و هو يموت و يقرأ فيقولون له الآن يا إمام فيقول لهم : " أُبادر طيِّ صحيفتي " نعم ربما تكون صاحب أعمال برٍ كثيرة و لكن هل تضمن أنها رُفِعَتْ و أنها مقبولة و أنها خالية من الرياء و النقائص .

أخى الحبيب ..
الجزاء من جنس العمل فإذا حرمت رفاق دربك و الناس من حولك من الوصول إليك فقد يأتي يوم على هاتفك لا تسمع له صوتاً .

لحظة نظام ..
افتح هاتفك دوماً و إذا كنت فى مجلس علم أو اجتماع فاجعله صامتاً و بعد انتهاء الفاعلية عليك بالاتصال بمن حاول الاتصال بك و رد على الرسائل و أبلغ إخوانك أنك لن ترد على الهاتف مثلا بعد الثانية عشر من منتصف الليل و التزم بذلك و احمل الناس على ذلك .

أخي المسكين ..
سيأتى عليك يوم و لابد أن يتصل عليك رفاقك و الناس من حولك فيرد هاتفك برسالة ( إن الرجل الذى تحاول الاتصال به الان لن يرد عليك أبداً )
و صلِ اللهم على محمد و على آله و صحبه وسلم .