عاجل

  • الرئيسية
  • محافظات
  • مسيرات الإخوان بالإسكندرية .. مسار إجباري بسبب الاحتقان الجغرافي

مسيرات الإخوان بالإسكندرية .. مسار إجباري بسبب الاحتقان الجغرافي

مع اقتراب عقارب الساعة من يوم غد "الجمعة" ودعوتين أحداهما للقائد العام للقوات المسلحة بالتظاهر لتفويضه والجيش لمكافحة الإرهاب والعنف ، وأخرى لجماعة الإخوان المسلمين لمناصرة الرئيس المعزول الدكتور محمد مرسي والمطالبة بعودته للسلطة لاتزال الجماعة تخسر مساحات جغرافية بالإسكندرية لانطلاق مسيراتها التي بدأت تقتصر على مناطق قليلة الكثافة السكانية أو غير شعبية. ومع توالي الصراعات السياسية منذ وصول جماعة الإخوان المسلمين إلى سدة الحكم خلال الانتخابات الرئاسية والانتخابات البرلمانية التي نجح ذراعها السياسي "الحرية والعدالة" في الحصول على أكثرية بالمقاعد البرلمانية تقزم دورها جغرافيا في أحياء ومناطق الإسكندرية؛ خاصة في ظل الأحداث التي ارتبطت بالعنف. وبالرغم من أن الإسكندرية تمثل معقل "العمل العام" لنشاطات جماعة الإخوان المسلمين من قبل ثورة الخامس والعشرين من يناير على مستوى محافظات الجمهورية لتتنافس فيها عقب الثورة مع أنشطة جماعة الدعوة السلفية – ومهدها الإسكندرية – ولكن يتكبد الإخوان خسائر على مستوى تعاطف الشارع مع توالي الأحداث. وبدأت خسارة النطاقات الجغرافية للجماعة بتكرار العنف والاشتباكات ثم توقف الفعاليات الإخوانية أو مرور المسيرات المناصرة والمؤيدة لمواقفهم السياسية؛ والأبرز على الساحة الإعلامية منطقة سيدي جابر – التي شهدت أعنف اشتباكات المحافظة لتمتد عشر ساعات ويروح ضحيتها 32 قتيلا ومئات المصابين، وينتشر الفيديو الشهير لإلقاء الصبية من أعلى سطح عقار سكني. ورغم أن المتهمين المضبوطين في القضية بإلقاء الصبية من أهالي المنطقة من أعلي العقار لا ينتموا تنظيميا لجماعة الإخوان المسلمين – أو أية جماعة أخرى – وانتمائهم العقائدي للفكر الجهادي، إلا أن نتيجة تلك الجريمة والاشتباكات أدت إلى تحريم المنطقة على أي شخص ينتمي لجماعة الإخوان المسلمين؛ فيما تحول قطاع من منطقة سيدي جابر إلى ثكنة عسكرية تنتشر فيها المصفحات والمجنزرات والأسلاك الشائكة لحماية محيط قيادة المنطقة الشمالية العسكرية. أما منطقة الرمل – ثاني أكبر دائرتين انتخابيتين جغرافيا وأقواهم من حيث مؤيدي الجماعة خلال الانتخابات البرلمانية 2005، 2010، 2011؛ والتي استعصت على النظام السابق ليدفع بمحافظ الإسكندرية الأسبق اللواء عبدالسلام المحجوب لكسر شوكة الجماعة خلال دورة عام 2010 عبر جهد كبده مسيرات على الأقدام شارك بها المرشح السبعيني مستعينا بزملائه من وزراء حكومة "نظيف" ودعم عدد من رجال أعمال الإسكندرية ليتمكن أخيرا من التفوق على منافسه الإخواني صبحي صالح. ولكن تذهب شعبية الإخوان عقب الثورة مذهب الرياح بسبب اشتباكات تقع مع منسقي حملة تمرد بوقوع مصابين من أهل المنطقة ليعلنوا العداء للجماعة ويحرموهم من أهم معاقلهم التي كانت تشهد مشاركة عشرات الآلاف في الفعاليات الدينية متوجة بصلاة العيدين (الفطر والأضحى) بشوارع (عشرين، والترعة المردومة وأحمد أبو سليمان). وتسببت تلك الواقعة في خسارتهم الشوارع الرئيسية والخروج في مسيرات عقب 30 يونيو في الشوارع الجانبية تلافيا لرفض ونبذ أهالي المنطقة لفعاليات الجماعة التي تسببت مواقفها السياسية ضد "تمرد" من إصابة أبنائها وإلحاق الضرر بهم. وتشابهت المواقف في غرب الإسكندرية بمنطقتي (محرم بك، والدخيلة) بعد أن لاحق مواطنين مسيرات لجماعة الإخوان في أعقاب 30 يونيو بالحجارة لتقع اشتباكات خلال فترات متباعدة أحجمت فيما بعدها الجماعة عن تنظيم فعاليات أو مسيرات بالمنطقة، وامتدت تلك المشاهد المتكررة بمنطقة (باب شرقي) حين لاحق أهالي منطقة الحضرة مسيرة أخرى للجماعة؛ على الرغم من أن المناطق الثلاثة هي مناطق شعبية كانت تشهد زخما لفعاليات الإخوان قبل الثورة وطوال عام 2011. ويختلف المشهد ليصل إلي حد محاولة "مختل" بمنطقة المنتزة طعن أحد قيادات الجماعة ومرشحها بالنطاق الجغرافي ويدعا "مصطفي محمد"، وتتضارب الأقاويل عن الواقعة فتسيسها الجماعة وتدعي أنها محاولة لاغتيال وتصفية قيادتها، بينما تذهب تحريات الشرطة وروايات أهالي المنطقة إلي أن المتهم شخص مختل كان النائب السابق وعده بإيجاد فرصة عمل، وتتفق النتيجة لتتوقف فعاليات الجماعة بالمنطقة التي تمثل أكبر الدوائر الانتخابية بالمحافظة. أما عن المسيرات الحالية والتي باتت يومية بالإسكندرية عقب صلاة التراويح فانحصرت في مسجد القائد إبراهيم لتستفيد إعلاميا من حشود المصلين – القادمين للمشاركة في روحانيات رمضانية بأشهر مساجد المحافظة – والبعد عن كافة مناطق الصراع مرورا بالقرب من المقر السابق لأمانة حزب الحرية والعدالة – الذي تم اقتحامه وإحراق محتوياته منذ عدة أشهر وتحول حاليا لمكتب محاماة وصولا إلى كورنيش المدينة ثم قطعه بالوصول إلى طريق أبوقير الرئيسي بمنطقة تنتشر على جانبي الطريق منشآت عامة من مستشفيات وجامعات لختام تلك المسيرات في أولى نطاق الحيز الجغرافي الشعبي. وكانت المحاولات السابقة بالوصول إلى مقر الأمن الوطني بسموحة منذ يومين في الساعات الأولى للصباح؛ حيث ينشغل المواطنون بالاستعداد لوجبات السحور، وعلى الرغم من ذلك خرجت لجان شعبية للمنطقة كإجراء احترازي ضد أية حالات عنف. ولم تتمكن المسيرات الإخوانية حتى الآن العودة إلى محيط منطقة سموحة حيث مقر مكتبها الإداري – الذي تم اقتحامه وإضرام الحريق في محتوياته – منذ عدة أسابيع – بسبب اقترابه من منطقة سيدي جابر التي باتت محرمة على الإخوان بالإرادة الشعبية. وتراجعت الجماعة وأنصار المعزول مرسي عن تنظيم فعالياتهم الاحتجاجية بمحيط مسجد سيدي بشر؛ والذي شهد اشتباكات عنيفة راح ضحيتها قتلي ومصابون عقب دقائق من إعلان القوات المسلحة لخارطة الطريق التي انتهت بتعيين المستشار عدلي منصور – رئيسا مؤقتا للبلاد. وعلى الجانب الآخر اختفت عادات الجماعة السنوية في شهر رمضان من مراكز لبيع المنتجات الاستهلاكية والغذائية بأسعار منخفضة، أو الترويج لأيام الإعتكاف بمساجد بعينها بالمحافظة تتبعهم، بعد أن عزف المواطنون عن أداء الصلوات في المساجد المحسوبة على جماعة الإخوان بسبب إقحام الخطاب السياسي على الديني.