عاجل

أحمد الشحات يقدم تحليلًا لفيلم "العساكر": يستهدف تحطيم الثقة فى الجيش المصرى

شاهدت فيلم العساكر الذى قامت قناة الجزيرة بعرضه علي شاشتها مساء يوم الأحد الموافق 27 - 11 - 2016 ، والتي ركزت فيه علي فكرة التجنيد الإجباري للشباب المصري ، وفيما يلي تقرير مختصر عن أهم الأفكار والعبارات التي وردت بالفيلم مع تعليق عام علي هذه الخطوة الجريئة :-

1 - تناول الفيلم مرحلة الكشف الطبي وهي الخطوة الأولي التي يتم علي أساسها تقسيم المتقدمين للخدمة العسكرية إلي لائق طبيا يمكن قبوله بالقوات المسلحة ، وغير لائق طبيا يعطي شهادة إعفاء نهائى لعدم صلاحيته الطبية للخدمة العسكرية ، القضية أنه ركز في عرضه لهذه المرحلة علي كشف التناسلية الذي يكشف فيه الطبيب علي مؤخرة الرجل لإستبعاد ذوى الميول الشاذة ، وعرض فيه صور الشباب وهم عراة من الثياب عدى شورت قصير يغطي العورة ، والمراد من ذلك بيان حجم الإهانة والإذلال الذي يعانيه الشباب في هذا الكشف.

2 - انتقل الفيلم إلي مرحلة مركز التدريب وهي 45 يوم يقضيها المجندون في معسكر عام قبل التوزيع علي الوحدات ، وركز الفيلم علي فكرة قلة الكفاءة وضعف المستوى داخل المعسكرات وأن الكلام كله نظري وأن تدريبات إطلاق النار والرماية وغيرها فشنك ، وأن صف الظابط لم يكن يهمه تعليم العساكر بقدر ما يهمه جمع الفوارغ.

3 - ذكر الفيلم أن كلية الضباط الاحتياط هدفها أنها تؤهل الأفراد لحفلة التخرج اللي بيحضرها الوزير " مجرد شكل جمالي فقط دون إعداد حقيقي للفرد المقاتل ".

4- عرض الفيلم لمرحلة التوزيع علي الوحدات وهي المرحلة التي يلقي فيها المجندون صور وألوان متنوعة من الذل والهوان ، ابتداءا من التشريفة والتي عرض الفيلم صور العساكر وهم يزحفون علي الأرض وهناك من يضربهم بالعصي علي مؤخراتهم من الخلف ، وصولا الي باقي أعمال السخرة والقهر داخل الوحدات.

5 - ركز الفيلم علي أن معظم أوقات العساكر يقضونها داخل الجيش في الأعمال الغير عسكرية مثل أعمال النظافة ، حمل الطوب ، وفي المزارع والمتاجر والمصانع ، والأفظع من ذلك ما سماها أعمال السخرة في شئون الضباط الخاصة مثل قيادة السيارة ، شراء احتياجات المنزل أو في غيرها من الأعمال الخاصة بالقادة والظباط ، ووفقا للفيلم فبما إن مفيش حرب فالجيش بيمارس حاجات تانية غير الحرب.

6 - تناول الفيلم الهيئة الهندسية للقوات المسلحة وجهاز الخدمة الوطنية ، وتعرض لدخولهما في المجالات الزراعية والصناعية والتجارية والتعدينية ، وألمح إلي أن هذا يعد احتكارا للأنشطة وتضييقا علي المؤسسات المدنية.

7 - تناول الفيلم مرتبات العساكر المتدنية مع استغلالهم في الأعمال الغير عسكرية مثل الخدمة في فنادق القوات المسلحة وغيرها.

8 - تناول الفيلم مصطلح العسكري السيكا وهو العسكري المسؤول عن خدمة الضباط ، ونوه إلي أن كثير من هؤلاء العساكر يصبحون في منزلة الخدم بالنسبة للضباط لدرجة تلميع البيادة الخاصة بهم.

9 - تناول الفيلم مصطلح التفتيش وأن التدريبات كلها بهدف الاستعداد لهذا اليوم ، وعرج لإن مناظر المعدات التي تظهر في الصور بيكون أغلبها مركبات متعطلة ومتهالكة وقديمة من أيام 73 ولكنها مدهونة من الخارج لكي تبدو أنها جديدة.

10 - تناول الفيلم مشهد الطعام السئ والغير آدمي الذي يتناوله العساكر ، والفرق الهائل بينه وبين أكل الضباط.

11 - لم يكتفي الفيلم بالتعرض للعساكر فقط بل تناول شريحة الصف ضابط ، وذكر أنها أكثر فئة مقهورة في الجيش من الضباط ، وأكثر الفئات قهرا للعساكر وللمؤهلات العليا لما يحملونه من عقد نفسية تجاه الجميع.

12 - تناول الفيلم أنواع مختلفة من التكدير وذكر منها الحرمان من نزول الأجازات ، ثم ذكر حيل العساكر للتغلب علي هذا الأمر والتي منها تعريض النفس للإيذاء للنزول تحت بند الأجازة المرضية.

13 - ذكر الفيلم كثرة حوادث الإنتحار بين المجندين ، وأن إدارة الجيش بتستعين بشيوخ يعطوا محاضرات للمجندين للترهيب من الأنتحار.

عبارات وردت في الفيلم :-

التدريبات العسكرية لا تؤهل العساكر لإنهم يضربوا في حرب ، بل آخرهم يضربوا في ميدان الرماية.

يمارس المجندون في الجيش اللاشئ.

وأنت في الجيش لا تفكر ، سلامة عقلك من التفكير.

الجيش مبني علي الخوف.

في الجيش نفذ وبعدين اتظلم.

اخلع كرامتك علي باب الوحدة.

أرخص حاجة في الجيش هو العسكري ، ولما تقوم الحرب العساكر هيا اللي حتموت.

ملاحظات :-

معظم التصوير تم في أماكن عسكرية حقيقية مع تغمية صورة وجه المتحدث ، وهذا أمر له خطورته بالطبع.

ركز الفيلم بشدة علي صور الإهانة المتمثلة في الضرب علي القفا والزحف علي الرمل بدون ملابس، والشواية علي الأسفلت وهو التقلب تحت الشمس علي الأسفلت لمدة زمنية معينة، وتعليق العسكري من رجله في السقف مع السب والشتم وغيرها من الصور ليعطى انطباع أن العنوان الأساسي للخدمة العسكرية هو الإهانة والقهر والاستعباد.

جاء ختام الفيلم بشكل ماكر يخدم أحد الأهداف الأساسية لصناعة الفيلم حيث قام بتجميع مقتطفات من نشرات الأخبار عن ضحايا المواجهات في سيناء، والتي أغلب ضحاياها من العساكر.

لن نتحير كثيرا في محاولة اكتشاف أهداف قناة الجزيرة في عرض هذا الفيلم الخبيث في هذا الوقت، فالهدف الأول يبدو ظاهرا في محاولة تشويه صورة الجيش المصري في عيون كثير من المواطنين الذين ينظرون له بعين التقدير والإجلال ، حتي مع علم بعضهم بمثل هذه الممارسات التي يمكن أن يكون بعضها من باب حمل النفس علي الشدة والتخوشن، وبعضها تصرفات فردية شاذة لا يمكن تعميمها ، وبعضها بالفعل يحتاج إلي تغيير ومراجعة.

يبدو الهدف الثاني تشجيع الشباب علي التمرد علي فكرة التجنيد الإجباري التي تعطل مسيرة حياته العملية بدون أن تضيف له جديد لا في المعلومات العسكرية ولا في غيرها فضلا عن العقد النفسية التي سيحمل بها، هذا ما يحاول أن يؤكد عليه الفيلم ويرسخه.

بالإضافة إلي دق إسفين التذمر والإحتقان بين طبقات الجيش المختلفة من العساكر وصف الضباط والضباط، وتشجيع الطبقات المقهورة علي الإنتصار لنفسها واسترداد حقوقها.

تحطيم فكرة الثقة في الجيش المصري الذي يحتل المركز الأول عربيا بأنه غير ذو كفاءة، وأن معداته متهالكة وقدرته القتالية منعدمة ، وأفراده ناقمين عليه غير محبين له.

بإختصار شديد يسعي الفيلم إلي زعزعة الثقة في آخر جيش عربي في المنطقة ، غضت الجزيرة الطرف عن قوات بشار العلوية الطائفية وما تقوم به من انتهاكات تجاه المدنيين العزل ولو أرادت جمع مادة فيلمية عن ذلك لما وسعتها سلاسل ، وغضت الطرف كذلك عن قوات الحشد الشيعي وما تقوم به من حملات تطهير عرقي داخل العراق بل تم دمجها حديثا في الجيش العراقي ليتحول الجيش العراقي الي جيش شيعي طائفي يقتل علي الهوية ويبيد أهل السنة.

لم أطمع أن تنتج الجزيرة فيلما عن الكيان الصهيوني ، فهذا من المحال صدوره ، فكيف يتم ذلك وأراضيها حاملة لأكبر قاعدة أمريكية في المنطقة ، ولكن علي الأقل كان الأشرف لها أن تتناول قضايا الأمة المبعثرة هنا وهناك وأشلاؤها هنا وهناك بسبب ما أطلقته من عدوي الربيع العربي التي استغلت فيه القهر الذي تعانيه الشعوب من حكامهم ، فهيجتهم لكي يثوروا عليهم لا لكي ينتقلوا إلي الأفضل ولكن لكي يصيروا لاجئين في دول أوروبا لا يجدون من يؤويهم أو يستقبلهم ، أو لكي تنجرف بلادهم إلي بحر الفوضي والحرب الأهلية والانقسامات الداخلية ، أو تدخل بلادهم في أجندة التقسيم المدمرة تطبيقا لمبدأ تقسيم المقسم وتفتيت المفتت.

قد يقول قائل ولكن الفيلم تناول أشياء من الحقيقة ، نقول مشاهد حق أريد بها باطل ، فلم تأت هذه المشاهد في طور النصيحة ولا من أجل الخوف علي الجيش ، وإنما أتت لتصب البنزين علي الجرح ولتستغل الواقع الذي يشوبه سوء في تدمير الواقع ذاته ، لكي ينتهي بلا رجعه ، وهذا مما يجب أن يدفع ذوو الرأي والأمر لليقظة والتنبه ولمعالجة ما في الواقع من أخطاء وتجاوزات ، حتي لا تجد مثل هذه الدعوات الماكرة صدي عند بعض أبناءنا ، نسأل الله السلامة والعافية.