عاجل

الدكتور محمد سعد الأزهرى يكتب: وماذا بعد؟!

الإصلاح الاقتصادى لا يبدأ عن طريق مرْهَمة "تمييع وتنعيم" العقيدة، لأن هذا معناه أن صراعك لن يكون بين حق وباطل، بل بين مغيّب وآخر مدعوم!

وبناء على رصدى لمقالات وتصريحات من يتولون الترويج للإصلاح الاقتصادى عبر شروط " أو توجيهات!" صندوق النقد الدولى فإنهم بكل وضوح يرسمون للبرلمان والحكومة دائرة التحركات خلال الفترة القادمة وذلك من خلال استخدام تفجير الكنيسة البطرسية فى تغيير المناهج التعليمية والسياسة الإعلامية وتنعيم الخطاب الدينى وتحجيم الخطاب المتّزن ووأد الخطاب الذى يعتنى بعقيدة الولاء والبراء وذلك بحجة أن الإرهاب بدأ من هناك!
وبناء عليه سيخرج لنا جيل لا يرى لنفسه ميزة على غيره إلا إذا كان دخله السنوى يتعدى 20 ألف دولار!
أو أنه لا قيمة له فى الحياة إلا إذا استطاع تصنيع الصاروخ والسيطرة على الفضاء!
وأنه لا فرق بين عربي ولا عجمى إلا بامتلاك الدخل الشهرى المناسب!
وأن الدين عند الله هو حرية الإنسان وحلاوة الإنسان وجمال الإنسان!
وأن امتلاكك للتقنية الحديثة هو السبيل الوحيد لتقدمك حتى ولو كنت بلا قيم ولا هوية!
 فانحرافك الشخصى وفكرك المعوجّ مع التزامك القوى بالقوانين سيجعلك قرين لليابانى والصينى والسنغافورى والأوروبي والأمريكى بغض النظر عن هويتك وتدينك، المهم أن تجعل الدنيا هى منتهى أملك ومبلغ علمك!
 ولابد كذلك أن ننبهك ليل نهار أن دينك بل وتدينك هو سبب تأخرك وتموضعك عند مؤخرة الركب!

لذلك يجب على العقلاء فى الدولة أن يدركوا أن التجهيل الشديد لأجيال الشباب نحو عقيدتهم وهويتهم لهو من أكبر الأسباب على صناعة البيئة الخصبة التى تنتشر من خلالها كل أفكار العنف والتكفير!!
 وأن من يظن أن التوازنات العالمية ستتيح له خنق المناهج "المتصلبة من وجهة نظره" والتى تختلف مع توجهات الدولة بل والعالم الغربى كذلك بحجة أنها عقبة فى طريق الإصلاح الاقتصادى فعليه أن ينتبه إلى أن الغرب سيُغمض عينيه لمزيد من الاحتقان الداخلى لإعادة الكرّة مرة أخرى نحو إيجاد صراع حضارى وآخر اقتصادى بينهما أزمات مصطنعة وذلك استعداداً لمباراة جديدة لصناعة الفوضى القادمة والتى قد تكون أكبر من طاقة الجميع!
بل وعليه أن يدرك أيضاً أن الغرب لا يريد بحال لدولنا أن تنجح  اقتصادياً ولا سياسياً ولا اجتماعياً إلا فى حالة التبعية الكاملة وحينها سيكون نجاحاً ضئيلاً للغاية لا يمنع من السقوط عند أول بادرة عصيان!

نعم أنا أدرك جيداً أن هناك مناهج منحرفة وضالة خاصة ببعض الأشخاص الذين ينتمون ظاهراً للتيار الإسلامى، ولكنها لا تصل بحال إلى أى عمق داخل الحالة المصرية او العربية، بل وهذه المناهج موجودة عبر التاريخ فليست جديدة علينا ، بل وأى قاريء جيد للتاريخ سيدرك ذلك بسهولة، وهناك كذلك مناهج أشد ضلالاً وانحرافاً فى علمانيتها وماركسيتها لو اتيح لها الوقت اللازم مع العدد المناسب المنتمى لها ، لوجدنا محاكم التفتيش تُرسم على كل شبر من الوطن ولوجدنا الرقاب معلّقة فوق الكنائس قبل المآذن!

لذلك أكرر التنبيه والبيان بأن الغرب وذيوله فى الداخل ممن يريدون بتغيير المناهج التعليمية خصوصاً هدفهم هو صناعة مجتمع يسهل ذوبانه داخل بوتقة العولمة وبالتالى تصبح عقيدة الشباب هى الحفاظ على النظام العالمى الجديد لا الدفاع عن الهوية الإسلامية للبلاد، بحجة تطرفها وعصيانها على الانصهار داخل الحلقات المعدّة بعناية لأن نكون عبيداً لا أسياد!
 والحل الناجح هو التوازن الشديد فى الحفاظ على المكونات الأساسية الصلبة والتى تمنع المجتمع من السقوط فى بئر الما بعدية والذى يُعد لبلادنا من جميع الأطراف!

اللهم قد بلّغت اللهم فاشهد.