عاجل

  • الرئيسية
  • تقارير
  • فى ذكرى حريق المسجد الاقصى ...إعتداءات متكررة وأخطار كبيرة تعزز مخططات التقسيم الاسرائيلية

فى ذكرى حريق المسجد الاقصى ...إعتداءات متكررة وأخطار كبيرة تعزز مخططات التقسيم الاسرائيلية

تمر هذه الايام الذكرى الرابعة والاربعين لاحراق المسجد الاقصى المبارك، أول قبلة للمسلمين وثانى المسجدين وثالث الحرمين الشريفين، وهى ذكرى اليمة للغاية ليس على الشعب الفلسطينى فحسب بل أيضا على كل عربى ومسلم ، كونه أحد اهم المعالم التاريخية والاثرية والاسلامية إضافة الى مكانته المقدسة عند المسلمين، حيث تعرض المسجد لحريق هائل فى عام 1969 تسبب فى تدمير أجزاء كبيرة من معالمه التاريخية والاثرية وأتلف الحريق ما يقرب من ثلث مساحة المسجد القبلى الاجمالية. إندلع حريق المسجد الاقصى فى صباح يوم الخميس الموافق 21 أغسطس من عام 1969 على يد المتطرف اليهودى دينيس مايكل روهان بتدبير وتخطيط مسبق لتتوافق وتتزامن مع الذكرى الثامنة والسبعين لعقد أول مؤتمر صهيوني بسويسرا عام 1897. وقد تسبب الحريق فى القضاء على كامل الجناح الشرقى للمسجد والذى شمل منبر صلاح الدين. ومن ضمن المعالم التي أتت عليها النيران مسجد عمر، الذي كان سقفه من الطين والجسور الخشبية، ويمثل ذكرى دخول عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلى مدينة القدس وفتحها، إضافة إلى تخريب محراب زكريا المجاور، ومقام الأربعين المجاور لمحراب زكريا، وثلاثة أروقة من أصل سبعة ممتدة من الجنوب إلى الشمال مع الأعمدة والأقواس والزخرفة، وجزء من السقف الذي سقط على الأرض خلال الحريق، وعمودين مع القوس الحجري الكبير بينهما تحت قبة المسجد، و74 نافذة خشبية كما تأثرت قبة المسجد المصنوعة من الفضة الخالصة والعديد من الزخارف والايات القرآنية. وإستطاع الفلسطينيون إنقاذ بقية المسجد من أن تأكله النار وتولت لجنة إعمار المسجد الاقصى التابعة لوزارة الاوقاف الاردنية إزالة آثار الحريق الذى تعرض له المسجد الاقصى وترميمه وإعادة صنع منبر صلاح الدين الايوبى. ويتعرض المسجد الاقصى لاعتداءات متكررة وممنهجة منذ بداية الاحتلال الاسرائيلى لمدينة القدس فى عام 1967 إما عن طريق القيام بالحفريات حول المسجد الاقصى المبارك او مبانيه او ساحاته او جدرانه لدرجة تصدع بعض اجزاء منها، فضلا عن السماح للمتطرفين اليهود باقتحام باحات المسجد من وقت الى آخر واستفزاز المصلين او منعهم من أداء الصلاة فى المسجد وخاصة فى ايام الجمعة حيث يزداد الاقبال على اداء الصلاة فى المسجد. وتشكل مسألة استمرار عمليات الحفر، تحت زعم البحث عن هيكل سليمان او غيرها من الحجج الواهية ، خطورة كبيرة على وضعية المسجد الاقصى ومبانيه ومعالمه التاريخية وهويته الاسلامية التى يسعى الاحتلال الاسرائيلى جاهدا لتغييرها ليصبح المسجد تابعا لدائرة الاثار الاسرائيلية. وكانت اولى هذه الاعتداءات إقدام اليهودى مايكل روهان على إضرام النيران فى الجناح الشرق للمسجد ، غير ان سلطات الاحتلال انذاك زعمت ان هذه الحريق تسبب فيه ماس كهربائى ، ولكنه لجان التحقيق التى ضمت مهندسين فلسطيينيين أثبتت أن هذا الحريق كان متعمدا ، مما أجبر الجانب الاسرائيلى على تغيير أدعائه وتحويل الشبهه الى شاب يهودى استرالى الجنسية يدعى مايكل روهان ، وبعد قيام السلطات الاسرائيلية بالقبض على هذا الشاب فى محاولة يائسة لاطفاء نار الغضب الفلسطينى والعربى والاسلامى ، زعمت اسرائيل ان هذا الشاب كان "معتوها" وقامت باطلاق سراحه وترحيله الى بلده. ونظرا لما تحمله هذه الجريمة من تبعات خطيرة على الصعيدين العربى والاسلامى وفى ظل الخسارة الفادحة على الصعد الدينية والحضارية والانسانية، فقد قام مجلس الامن الدولى انذاك بعقد إجتماع وإصدرا قرار رقم 271 الذى تضمن إدانة اسرائيل فى محاولاتها للنيل من المسجد الاقصى وإلزامها بالتراجع عن كل التدابير التى تحاول النيل من هويه المسجد الاسلامية. ولم تقف الاعتداءات على المسجد الاقصى عند هذا الحد ، بل امتدت لتتحول الى سياسة ممنهجة تقوم على إدراتها سلطات الاحتلال الاسرائيلى التى تسمح للمتطرفين اليهود بعمليات الحفر والتنقيب اسفل المسجد الاقصى مما يعرض اساسات المسجد لخطر كبير ويهدد بتدمير بنيانه. ويقوم المتطرفون اليهود بهذه العمليات الحفرية منذ عام 1968. فقد شهد هذا العام بدء الاسرائيليين فى حفر نفق طويل وعميق أدخلوا إليه سفر التوراة وشيدوا في داخله كنيساً يهودياً. ونظرا للقيود التعسفية التى تفرضها سلطات الاحتلال الاسرائيلى على كل من يرتاد المسجد الاقصى ، فقد تكررت الاشتباكات بين الجانبين الفلسطينى والاسرائيلى بسبب تلك الاجراءات القمعية والتى تتطور لتصل الى حد ارتكاب المجازر ضد الفلسطينيين المدافعين عن حرمه و قدسية المسجد المبارك. ويذكر أنه وقعت مجزرة فى عام 1990 فى المسجد ضد الفلسطينيين و كانت واحدة من المجازر البربرية التي ارتكبها الاسرائيليون بحق من اعتادوا التردد على المسجد الاقصى وتلقى العلم فى منابر العلماء حيث اسفرت هذه الجريمة عن مقتل 22 فلسطينيا. وفى 8 اكتوبر 1990 وقعت مذبحة بالمسجد الأقصى عندما حاول متطرفون يهود ممن يسمون بجماعة "أمناء جبل الهيكل" وضع حجر الأساس للهيكل الثالث المزعوم في ساحة الحرم القدسي الشريف، الامر الذى دفع أهالي القدس لمنع المتطرفين اليهود من تدنيس المسجد الأقصى، مما أدى إلى وقوع اشتباكات بين المتطرفين اليهود الذين يقودهم غرشون سلمون زعيم "أمناء جبل الهيكل" مع نحو خمسة آلاف فلسطيني قصدوا المسجد لأداء الصلاة فيه، وتدخل جنود حرس الحدود الإسرائيليون الموجودون بكثافة داخل الحرم القدسي ، وأخذوا يطلقون النار على المصلين دون تمييز بين طفل وامرأة وشيخ، مما أدى إلى استشهاد أكثر من 21 شهيدا وجرح أكثر من 150 منهم, كما اعتقل 270 شخصا داخل وخارج الحرم القدسي الشريف، وكانت تلك الاحداث هى التى فجرت انتفاضة الاقصى الاولى. وتوالت المذابح الدامية التى يرتكبها الاحتلال الاسرائيلى الغاشم ضد المصلين فى المسجد الاقصى أو غيره من الاماكن المقدسة لدى المسلمين ومن بينها مذبحة الحرم الإبراهيمي بالخليل فى 25 فبراير عام 1994 حين دخل باروخ جولدشتاين ومجموعة من مستوطنى كريات أربع المسجد الإبراهيمي وقت صلاة الفجر، ووقف جولدشتاين خلف أحد أعمدة المسجد وانتظر حتى سجد المصلون وفتح نيران سلاحه الرشاش على المصلين وهم سجود، فيما قام آخرون بمساعدته في تعبئة الذخيرة التي احتوت رصاص دمدم المتفجر ،واخترقت شظايا القنابل والرصاص رؤوس المصلين ورقابهم وظهورهم لتصيب أكثر من 350 منهم. وبلغت ذروة عمليات حفر الانفاق تحت بنيان المسجد الاقصى فى عام 1996 حيث أقدم الاسرائيليون على حفر نفق يمر أسفل السور السور العربى للمسجد ويربط بين حائط البراق وطريق الالام، ، الأمر الذي أثار في حينه غضب المقدسيين وأشعل موجة من المواجهات المسلحة التي اتسعت رقعتها لتشمل جميع الأراضي الفلسطينية المحتلة. وأسفرت تلك المواجهات عن سقوط 65 فلسطينياً و15 جندياً إسرائيلياً بالاضافة الى إصابة 1600 من الفلسطينيين وهو ما فجر انتفاضة الاقصى الثانية. وفى شهر سبتمبر من عام 2000، أقدم الجنرال الاسرائيلى ورئيس الوزراء السابق ارئيل شارون على اقتحام المسجد الاقصى والتجول بساحاته الداخلية بصحبة 3000 جندى إسرائيلى، وتصاعدت وتيرة الاحداث وإندلعت انتفاضة الاقصى الثالثة. وفى الفترة من عام 2000 وحتى الوقت الراهن، تتوالى الاعتداءات والاقتحامات التى يقوم بها المتطرفون اليهود سواء بشكل فردى أو بشكل جماعى والتى تستهدف النيل من حرمه المسجد وتدنيسه وإستفزاز مشاعر المقدسيين ، بل أنها وصلت فى بعض الاحيان الى حد التهديد بقصف المسجد نفسه لتدميره وبناء "الهيكل الثالث" المزعوم لليهود مكانه. وقد بدأت الجماعات اليهودية المتطرفة فى الاعلان عن تأسيس جمعية لبناء كنيس يهودى على أجزاء من المسجد الاقصى. ونشرت مؤسسة الاقصى للوقف والتراث أمس صورة توضح المكان الذى ترغب هذه الجمعية فى بناء الكنيس عليه وهو مدخل المسجد المروانى الذى يعد من أورع الاماكن فى التصميم المعمارى العتيق والمميز الذى يضمها المسجد الاقصى ويمتد لمساحة شاسعة تحت ساحات المسجد ومدخله يقع فى الجهة الجنوبية الشرقية منه. ولا تزال المزيد من المخاطر تهدد هذا الكيان المقدس. فبخلاف سياسة قوات الاحتلال الاسرائيلية فى فرض سيطرتها على مداخل المسجد الاقصى ومبانيه وانتشار دوريات الشرطة الاسرائيلية فى محيطه التى تمنع المصلين بين الحين والاخر من دخول المسجد، تتزايد يوما بعد يوم وتيرة الاعتداءات التى تقوم بها الجماعات اليهودية المتطرفة التى تقوم باقتحامات وتدنيسات متكررة لباحات المسجد الاقصى وتقيم شعائرها اليهودية والتلمودية هناك، بالاضافة الى قيام مجموعات أخرى باقامة حفلات الرقص والغناء والمجون فى تحد سافر لمشاعر المسلمين. وعلاوة على ذلك، تسعى السلطات الاسرائيلية بين الحين والاخر الى إفراغ مدينة القدس من المسلمين وخاصة محيط المسجد الاقصى كما تمنع دخول المصلين وتعمل على تهديدهم ومراقبتهم. وتنتهج السلطات الاسرائيلية حاليا سياسة لتهديد كيان وابنية المسجد الاقصى التى تأثرت بشدة بسبب الانفاق وعمليات الحفريات التى يقوم بها اليهود،عن طريق منع دخول مواد البناء والترميم، مما يعرض بعض أبنية الحرم القدسى لخطر الانهيار. وقد أشارت العديد من الحركات والمؤسسات الفلسطينية المعنية بشئون المسجد الاقصى الى ان ما يحدث الان من إعتداءات متكررة ومتنامية على المسجد الاقصى هو جزء من سعى الاحتلال الاسرائيلى لفرض تقسيم المسجد الاقصى المبارك بين المسلمين واليهود وفرض سياسة الامر الواقع بقوة الاحتلال. وذكرت ورقة عمل اعدها مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات ان مخططات تقسيم المسجد الاقصى تسير فى إتجاهين وهما التقسيم الزمانى والتقسيم المكانى للمسجد الاقصى. فبالنسبة للتقسيم الزمانى، يسعى الجانب الاسرائيلى، برعاية المنظمات اليهودية وبعض الشخصيات السياسية الاسرائيلية، الى تخصيص اوقات لقيام اليهود بدخول المسجد الاقصى وإقامة شعائرهم التلمودية فيه وذلك فى غير اوقات الصلوات الخمس للمسلمين. وتقوم المجموعات اليهودية التى تقتحم باحات المسجد الاقصى بشكل يومى بخطة كالتالى:"إقتحام المسجد الاقصى المبارك من جهة باب المغاربة، الزاوية الشرقية للجامع القبلى المسقوف ، ثم يتوجهون لمنطقة الكأس ووجوههم تجاه قبة الصخرة ثم يذهبون الى المنطقة الشرقية باب الرحمة يؤدون بعض الطقوس التلمودية ومنها الانبطاح ويتجولون من الناحية الشمالية ثم يخرجون من باب السلسلة وخلال تواجد المستوطنين تقوم الشرطة الاسرائيلية معززة بالاسلحة والعصى الكهربائية بمنع وجود المصلين خلال إقتحام المستوطنين لباحات الاقصى". يذكر ان رئيس الوزراء الاسرائيلى بنيامين نانينياهو قد طالب قبل الانتخابات الاسرائيلية الاخيرة بتقسيم المسجد الاقصى بشكل زمانى يتبعه تقسيم مكانى على غرار ما حصل للحرم الابراهيمى فى مدينة الخليل. أما بالنسبة للتقسيم المكانى، فقد انتهجت السلطات الاسرائيلية منذ إحتلالها لمدينة القدس سياسة مصادرة أملاك المقدسيين ومصادرة اراضيهم وهدم منازلهم وإعتقالهم وفرض ضرائب عليهم. يذكر ان رئيس الوزراء الاسرائيلى بنيامين نانينياهو قد طالب قبل الانتخابات الاسرائيلية بتقسيم المسجد الاقصى بشكل زمانى يتبعه تقسيم مكانى على غرار ما حصل للحرم الابراهيمى فى مدينة الخليل فقد أقرت اسرائيل فى عام 2010 ضم المسجد الابراهيمى الى قائمة التراث اليهودى وفرضت قيود على الصلاة فيه وخاصة فى أعياد اليهود. و تحذر الكثير من الحركات والمؤسسات المعنية بشئون الاقصى من التقسيم الزمانى للمسجد الاقصى قد بدأ فعليا من خلال إعطاء الضوء الاخضر للجمعيات الاستيطانية للوصول للمسجد الاقصى واستباحه باحاته ومرافقه بأعداد كبيرة خاصة فى الفترة الصباحية والاعتداءات المتكررة لليهود على المسجد من خلال التسلل عبر اسطح المنازل والتى اصبح امرا واقعا يحدث كل يوم تحت حراسة السلطات الاسرائيلية وموافقة المسئولين الاسرائيلين ما هو إلا نذير خطر محدق بالتقسيم المكانى للمسجد والسيطرة اليهودية عليه وعلى كامل مرافقه والصلاة فيه او حتى هدمه تنفيذا للمخطط اليهودى بناء "الهيكل الثالث" المزعوم. فهذا الخطر الداهم يدفع باتجاه مواجهات اخرى حادة ودامية بين الفللسطييين ، المدافعين عن حرمه المسجد المبارك ، والاسرائيلين الذى لن تردعهم الدماء من اجل تنفيذ مخططاتهم التهويدية للمسجد الاقصى.