عاجل

القيود الدولية لممارسة الحقوق والحريات

العرف الدستوري المستقر منذ دستور 1923 وحتي الأن يقضي بضبط مواد الحقوق و الحريات بما لا يتعارض مع " النظام العام " وقد تم في دستور 2012 الاستعاضة عن تكراراها مع كل مادة بذكر مادة حاكمة لهذا الباب و هي الفقرة الثالثة من المادة 81 فصارت لها أهمية قصوى. إن فكرة النظام العام في فقه القانون تعبر – بصفة عامة – عن الأسس الدينية والثقافية والاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي يقوم عليها نظام المجتمع ، والتي تهدف الي تحقيق الحد الأدنى الذي لا يمكن الاستغناء عنه في بناء الجماعة وكيانها ، وعلي ذلك كانت القواعد المتعلقة بها من القواعد الآمرة التي لا تملك إرادة الأفراد إزائها أي سلطان أو قدرة علي مخالفتها ، لما في ذلك من تعريض كيان المجتمع للانهيار والتصدع . ولا شك أن ممارسة الحقوق والحريات بدون ضوابط تؤدى الى فوضى شاملة غير خلاقة ، وإذا رجعنا الى الاتفاقيات الدولية التي ساهمت في تكوين قواعد قانونية عرفية شكلت ما يُسمى بالقانون الدولي العرفي لحقوق الانسان وجدناها تؤكد هذه الضوابط . وأهم هذه المصادر : - الاعلان العالمي لحقوق الانسان 10/12/1948 . - العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية 16/12/1966 نفاذ 23/3/1976 . - العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية 16/12/1966 نفاذ 3/1/1976. أما الاعلان العالمي لحقوق الانسان فتقول ديباجته إن الجمعية العامة للأمم المتحدة تنشر على الملأ هذا الاعلان بوصفه المثل الأعلى المشترك الذى ينبغي أن تبلغه كافة الشعوب وكافة الأمم . وقد نص في المادة 29/2 على أنه لا يخضع أي فرد في ممارسة حقوقه وحرياته إلا للقيود التي يقررها القانون مستهدفاً منها حصراً ضمان الاعتراف الواجب بحقوق وحريات الأخرين واحترامها ، والوفاء بالعادل من مقتضيات الفضيلة والنظام العام ورفاء الجميع في مجتمع ديمقراطي. وأما العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية فقد نص في المادة 12/3 الخاصة بحرية التنقل وحرية اختيار مكان الإقامة على أنه لا يجوز تقييد الحقوق المذكورة أعلاه بأية قيود غير تلك التي ينص عليها القانون وتكون ضرورية لحماية الأمن القومي أو النظام العام أو الصحة العامة أو الآداب العامة أو حقوق الأخرين وحرياتهم . ووردت الضوابط أيضاً بالمادة 14 الخاصة بالمساواة أمام القضاء ، والمادة 18/3 الخاصة بحرية الفكر والوجدان والدين ، والمادة 19/3 الخاصة بحرية التعبير ، والمادة 21 الخاصة بالتجمع السلمى ، والمادة 22/2 الخاصة بحرية تكوين الجمعيات والنقابات . وهى نفس القيود الواردة في اتفاقية حقوق الطفل ( 20/11/1989 نفاذ 2/9/1990 ) في المواد أرقام 13/2 ، 14/3 ، 15/2 . أما العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية فقد نص على هذه الضوابط في المادة 2/3 حيث يقول : للبلدان النامية أن تقرر مع إيلاء المراعاة الواجبة لحقوق الانسان ولاقتصادها القومي الى أي مدى ستضمن الحقوق الاقتصادية المعترف بها في هذا العهد لغير المواطنين . ونصت المادة 8/1/أ/ج/د على أنه : لا يجوز إخضاع ممارسة هذا الحق ( تكوين النقابات والانضمام اليها ) لأية قيود غير تلك التي ينص عليها القانون وتُشكل تدابير ضرورية في مجتمع ديمقراطي لصيانة الأمن القومي ، أو النظام العام ، أو لحماية حقوق الأخرين وحرياتهم . حق الاضراب شريطة ممارسته وفقاً لقوانين البلد المعنى . ونصت المادة 8/2 على أنه : لا تحول هذه المادة دون إخضاع أفراد القوات المسلحة أو رجال الشرطة أو موظفي الإدارات الحكومية لقيود قانونية على ممارستهم لهذه الحقوق . ونصت المادة 13/3 على أن : تتعهد الدول الأطراف في هذا العهد باحترام حرية الآباء أو الأوصياء عند وجودهم في اختيار مدارس لأولادهم غير المدارس الحكومية ، شريطة تقيد المدارس المختارة بمعايير التعليم الدنيا التي قد تفرضها أو تقرها الدولة ، وبتأمين تربية أولئك الأولاد دينياً وخلقياً وفقاً لقناعتهم الخاصة . أما الاعلان الصادر بشأن القضاء علي جميع أشكال التعصب والتمييز القائمين علي أساس الدين أو المعتقد ، والذى نشرته الجمعية العامة للأمم المتحدة في 25/11/1981 فنص في المادة 1/3 علي أنه : لا يجوز إخضاع حرية المرء في إظهار دينه أو معتقداته إلا لما قد يفرضه القانون من حدود تكون ضرورية لحماية الأمن العام ، أو النظام العام ، أو الصحة العامة ، أو الاخلاق العامة ، أو حقوق الأخرين وحرياتهم الأساسية . كما نصت المادة 5/1/2 على أنه : يتمتع والدا الطفل أو الأوصياء الشرعيون عليه – حسبما تكون الحالة – بحق تنظيم الحياة داخل الأسرة وفقاً لدينهم أو معتقدهم ، أخذين في الاعتبار التربية الأخلاقية التي يعتقدون أن الطفل يجب أن يُربي عليها . يتمتع كل طفل بالحق في تعلم أمور الدين أو المعتقد وفقاً لرغبات والديه أو الأوصياء الشرعيين – حسبما تكون الحالة – ولا يُجبر على تلقي تعليم في الدين أو المعتقد يُخالف رغبات والديه أو الأوصياء الشرعيين عليه ، على أن يكون لمصلحة الطفل الاعتبار الأول . بيد أن موقف هذه المصادر الدولية من الحقوق والحريات السلبية هو رفض أي ضوابط أو قيود رفضاً مطلقاً . ففي اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة ، والمعتمدة من الجمعية العامة للأمم المتحدة في 10/12/1984 نفاذ 26/6/1987 تنص المادة 2/2: 3 على أنه لا يجوز التذرع بأية ظروف استثنائية أياً كانت ، سواء أكانت هذه الظروف حالة حرب ، أو تهديداً بالحرب ، أو عدم استقرار سياسي داخلي ، أو أية حالة من حالات الطوارئ العامة الأخرى كمبرر للتعذيب . لا يجوز التذرع بالأوامر الصادرة عن موظفين أعلى مرتبة ، أو عن سلطة عامة كمبرر للتعذيب . ونصت المادة 3/1 على أنه لا يجوز لأية دولة طرف أن تطرد أي شخص ، أو أن تقيده ، أو أن تسلمه الى دولة أخرى إذا توافرت لديها أسباب حقيقية تدعو الى الاعتقاد بأنه سيكون في خطر التعرض للتعذيب . وتكرر نفس النهج في اعلان حماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري المعتمد من الجمعية العامة للأمم المتحدة في 18/12/1992 في المادة 6/1 والمادة 7 والمادة 8/1 . - لا يجوز التذرع بأي أمر أو تعليمات صادرة عن أي سلطة عامة مدنية كانت أو عسكرية أو غيرها لتبرير عمل من أعمال الاختفاء القسري ، ويكون من حق كل شخص يتلقى مثل هذه الأوامر أو تلك التعليمات ومن واجبه عدم اطاعتها . - وفي المادة 7 : لا يجوز اتخاذ أي ظروف مهما كانت سواء تعلق الأمر بالتهديد باندلاع حرب أو قيام حالة حرب أو عدم الاستقرار السياسي الداخلي أو أي حالة استثنائية أخري ذريعة لتبرير أعمال الاختفاء القسري . - وفي المادة 8/1 : لا يجوز لأي دولة أن تطرد أو تعيد أو تسلم أي شخص إلي أي دولة أخري إذا قامت أسباب جدية تدعو إلي الاعتقاد بأنه سيتعرض عندئذ لخطر الاختفاء القسري .