عاجل

نظرة نقدية للتعديلات الدستورية

تتلخص فلسفة تعديلات لجنة الخبراء العشرة في تقوية سلطتي القضاء والجيش علي حساب السلطة التشريعية وبقية السلطة التنفيذية ، ومن قبل ذلك كله سلطة الشعب التي عبر عنها في أكثر من استحقاق . وقد وضحت في مقال سابق انحياز اللجنة للمرجعية العلمانية علي حساب المرجعية الاسلامية في مواد الهوية والشريعة ، لذلك ستكون هذه النظرة علي مواد أخري . وبالمثال يتضح المقال : 1- ( مادة 64 ) مشاركة المواطن في الحياة العامة واجب وطنى؛ ولكل مواطن حق الانتخاب والترشح وإبداء الرأى في الاستفتاء، وينظم القانون مباشرة هذه الحقوق، ويجوز الإعفاء من أداء هذا الواجب في حالات محددة يبينها القانون . وتلتزم الدولة بإدراج اسم كل مواطن بقاعدة بيانات الناخبين دون طلب منه، متى توافرت فيه شروط الناخب وفقًا للقانون، كما تلتزم بتنقية هذه القاعدة بصورة دورية . وتضمن الدولة سلامة إجراءات الاستفتاءات والانتخابات وحيدتها ونزاهتها. تختلف هذه المادة عن أصلها في دستور 2012 وهي المادة رقم 55 من ناحيتين : الأولي : معالجة إشكالية مشاركة الجيش والشرطة في مباشرة الحقوق السياسية بإضافة عبارة : ويجوز الإعفاء من أداء هذا الواجب في حالات محددة يبينها القانون . الثانية : حذف عبارة " وتدخل أجهزة الدولة بالتأثير في شيئ من ذلك جريمة يُعاقب عليها القانون " !!. 2- استخدام مصطلحات وردت في وثائق دولية قد تتعارض مع مبادئ الشريعة أو قيم وثقافة المجتمع ، مثال المادة 66 " وغيرها من أشكال الاتجار في البشر " . 3- لم تكتفِ لجنة " الخبراء " العشرة بإلغاء ضابط ممارسة الحقوق والحريات من المادة 81 ، بل أضافت إلى المادة 189 بباب الأحكام العامة ما يُسمى في القانون الدستوري بالحظر الموضوعي " وفي جميع الأحوال لا يجوز تعديل النصوص المتعلقة بمبادئ الحرية والمساواة المنصوص عليها في هذا الدستور ما لم يكن التعديل متعلقا بالمزيد من الضمانات" . 4- ( مادة 112 ) لا يجوز لرئيس الجمهورية حل مجلس الشعب إلا عند الضرورة، وبقرار مسبب وبعد استفتاء الشعب، ولا يجوز حل المجلس لذات السبب الذى حل من أجله المجلس السابق . ويصدر رئيس الجمهورية قرارًا بوقف جلسات المجلس وإجراء الاستفتاء على الحل خلال عشرين يومًا على الأكثر، فإذا وافق المشاركون في الاستفتاء بأغلبية الأصوات الصحيحة على الحل أصدر رئيس الجمهورية قرار الحل، ودعا إلى انتخابات مبكرة خلال ثلاثين يومًا على الأكثر من تاريخ صدور القرار، ويجتمع المجلس الجديد خلال الأيام العشرة التالية لإعلان النتيجة النهائية . من أشد المواد المعيبة ، التي لا تراعي مبدأ التوازن في الفصل بين السلطات ، لأنها أقرت حق الرئيس في حل البرلمان باستفتاء شعبي ، ولم تقرر استقالته في حال رفض الشعب حل البرلمان كما ورد بالمادة 127 من دستور 2012 !!. 5- ( مادة 158 ) تقوم كل جهة أو هيئة قضائية على شئونها، ويكون لكل منها موازنة مستقلة تدرج في موازنة الدولة رقمًا واحدًا، ويؤخذ رأيها في مشروعات القوانين المنظمة لشئونها، وتقر بموافقة ثلثى أعضاء مجلس الشعب. إضافة ميزتان علي المادة 169 من دستور 2012 . الأولي : إدراج موازنة كل هيئة أو جهة رقماً واحداً في موازنة الدولة . الثانية : إقرار ما يخصهم من قوانين بأغلبية الثلثين . التعليق : تعالوا أنتم احكمونا !!. 6- ( مادة 162 ) النيابة العامة جزء لا يتجزأ من القضاء، تتولى التحقيق ورفع ومباشرة الدعوى الجنائية عدا ما يستثنيه القانون، ويحدد القانون اختصاصاتها الأخرى . ويتولى النيابة العامة نائب عام يعين بقرار من رئيس الجمهورية بعد موافقة مجلس القضاء الأعلى من بين نواب رئيس محكمة النقض أو الرؤساء بمحاكم الاستئناف أو النواب العامين المساعدين، وذلك لمدة أربع سنوات، أو للمدة الباقية حتى بلوغه سن التقاعد، أيهما أقرب، ولمرة واحدة طوال مدة عملـه . تضمنت توسعة سلطة الرئيس مقابل مجلس القضاء الأعلى ، حيث حُذفت من المادة 173 من دستور 2012 عبارة " بناء علي اختيار مجلس القضاء الأعلى " . 7- ( مادة 164 ) المحكمة الدستورية العليا جهة قضائية مستقلة قائمة بذاتها، مقرها مدينة القاهرة . وتتولى دون غيرها الرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح، وتفسير نصوص الدستور والنصوص التشريعية، والفصل في المنازعات المتعلقة بشئون أعضائها، والمنازعات المتعلقة بتنفيذ الأحكام والقرارات الصادرة منها . ويعين القانون الاختصاصات الأخرى للمحكمة، وينظم الإجراءات التي تتبع أمامها . ( مادة 165 ) تؤلف المحكمة من رئيس وعدد كاف من نواب الرئيس . يعين رئيس المحكمة بقرار من رئيس الجمهورية من بين أقدم ثلاثة نواب لرئيس المحكمة بعد موافقة الجمعية العامة للمحكمة . ويعين نائب رئيس المحكمة بقرار من رئيس الجمهورية بعد موافقة الجمعية العامة للمحكمة . وتؤلف هيئة المفوضين بالمحكمة الدستورية العليا من رئيس وعدد كاف من الرؤساء بالهيئة والمستشارين والمستشارين المساعدين، وتسري بشأنهم جميع الضمانات والمزايا والحقوق والواجبات المقررة، وذلك كله على النحو المبين بالقانون. التعليق : وكأن لم يكن هناك استفتاء علي دستور 2012 وافق عليه 8’63%. 8- ( مادة 171 ) وزير الدفاع هو القائد العام للقوات المسلحة، ويعين من بين ضباطها، بعد موافقة المجلس الأعلي للقوات المسلحة . يعني المجلس الأعلى للقوات المسلحة سلطة فوق الرئيس . 9- ( مادة 191 ) تكون انتخابات مجلس الشعب والمجالس المحلية التالية لتاريخ العمل بالدستور بنظام الانتخاب الفردى . نظام الانتخاب الفردي سيمكن الفلول وأصحاب الأموال والبلطجية من الفوز ، كما أنه مخالف لخارطة المستقبل المُعلنة في 3 /7 والتي دعت المحكمة الدستورية العليا لسرعة إنهاء قانون الانتخابات . رحم الله ثورة 25 يناير 2011 .