عاجل

ننشر نص كلمة شيخ الأزهر في المؤتمر العالمي لنصرة القدس

جانب من المؤتمر

بسم الله الرحمن الرحيم


الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله، وعلى آله وصحبه ومَن سار على دربه.


فخــامة الرئيس/ محمــود عبــاس – رئيس السُّلْطة الفلسطينية!

الســادة أعـلام المنصــة!

أصحـاب المعالي والسعادة وأصحاب النيافة والفضيلة!

الســـيدات والســــادة!

الحضـــــور الكــــــريم!


السَّلامُ عليكم ورَحْمَة الله وبركَاته.. وأَهْلًا ومَرْحَبًا بحضراتكم في بلدكم مصر، وفي رحاب الأزهر الشَّريف، ونشكُركم على تفضُّلكم بالحضور وبالمشاركة في هذا المؤتمر الدولي العام، مؤتمر: «نُصْرَة القُدْس الشَّريف» والمسجِد الأقصى، أُولَى القِبْلَتين وثالِث الحرمَين، ومَسْرَى رَسُول الله مُحمَّد ﷺ.. هذا المؤتمر الذي ينعقد تحت رعاية كريمة ومشكورة من السيِّد الرئيس/ عبد الفتَّاح السيسي – رئيس جمهورية مصر العربية، والذي يرعى –مع مصر وشعبها-قضيَّة فلسطين الحبيبة، وبخاصةٍ ما آلَت إليه -مُؤخَّرًا-من تعقيدات السياسات الجائرة والقرارات غير المسؤولة، فلسيادته ولكل القادة المسؤولين العرب والمسلمين، ولكل شُرفاء العالَم المهمومين بفلسطين وشعبها وبُمقدَّساتها وأرضها خالص الدُّعاء بالتوفيق والسَّداد والقُوَّة والعزم والصَّلابة التي لا تلين إلَّا للحقِّ والعدلِ وإنصاف المستضعفين، وتحيَّة للسيِّد الرَّئيس/ محمود عبَّاس – رئيس السُّلْطَة الفلسطينية، نحييه، ونشد على يديه، وندعوه إلى المزيدِ من الصمود والثبات.


السَّيِّداتُ والسَّادَة!


مُنْذُ أبريل عام 1948م من القرن الماضي والأزهر الشَّريف يَعْقِدُ المؤتمراتِ تِلْوَ المؤتمرات عن فلسطين وعن المسجِد الأقصى والمقدَّسات المسيحيَّة في القُدْس، وقد تتابعت هذه المؤتمرات حتَّى بلغت أحد عشر مؤتمرًا ما بين 1948 و 1988، وحضرها أساطين العلماء والمفكِّرين المسلمين والمسيحيِّين من أفريقيا وآسيا وأوروبا، وقُدِّمت فيها أبحاث غاية في الدِّقَّة والعُمق والاستقصاء، وبنَفَسِ المهمُوم الذي لَمْ يَتبقَّ له إلَّا نفثاتٌ تُشْبِه نفثات المصدُور الذي فقد الدَّواء واسْتعصَى عليه الدَّاء.


وكانت هذه المؤتمرات في كُلِّ مَرَّة تُعبِّر عن رفضِ العُدوان الصُّهيوني على مُقدَّسَات المسلمين والمسيحيِّين واحتِلال بيت المسجد الأقصى ثُم حَرقه وانتهاك حُرماته بالحفريات والأنفاق والمذابح في سَاحاته، واغتِصَاب الآثار المسيحيَّة وتدميرها، من كنائِس وأديرَة، ومآوي ومقابِر في القُدْس، وطبرية ويافا وغيرها.


واليَوْم يَدْعُو الأزهَر للمُؤتمر الثَّاني عَشر بعد ثلاثين عامًا من آخِر مُؤتمر انعقَد بشأنِ القضيَّة الفلسطينيَّة والمقدَّسات الإسلاميَّة والمسيحيَّة.. ومُؤتمرنا اليَوْم، رُغم ثرائه الهائل بهذه العُقُول النيِّرَة والضَّمائِر اليَقظة من شَرْقٍ وغَرب، قد لا يُتوَقَّع منه أنْ يضيفَ جديدًا إلى ما قيل وكُتِب من قبل في «قضيتنا» وما يتعلَّق بأبعادها العلميَّة والتاريخيَّة والسياسيَّة، لكن حسب هذا المؤتمر أنه يَدُق –من جديد- ناقوس الخطَر، ويشعل ما عساه قد خبا وخمد من شُعلَة العَزم والتصميم، وإجماع العرب والمسلمين والمسيحيِّين وعُقلاء الدُّنيا وشُرَفائها – على ضرورة الصُّمُود أمام العبث الصهيوني الهمَجِي في القَرن الواحِد والعشرين، والذي تدعمه سياسات دولية، ترتعد فرائصها إنْ هي فكَّرت في الخروج قيدَ أنمُلَةٍ عمَّا يرسمه لها هذا الكيان الصهيوني والسياسات المتصهينة.


والذي أعتقده اعتقادًا جازمًا، هو أنَّ كل احتلال إلى زوال إنْ عاجلًا أو آجلًا، وأنه إنْ بدا اليوم وكأنه أمر مستحيل إلَّا أن الأيام دول، وعاقبة الغاصب معروفة، ونهاية الظَّالم وإن طالَ انتظارها، مَعْلُومة ومؤكَّدة.. واسألوا تاريخ روما في الشَّرق، واسألوا الفُرس عن تاريخهم في شرقِ جزيرة العَرب، واسألوا حملات الفرنجة (والتي يسميها الغرب بالصليبيَّة)، والتي طاب لها المقام في فلسطين مائتي عام، واسألوا الدول التي طالما تباهَت بأنَّ الشَّمْس لا تغرب عن مستعمراتها، واسألوا الاستعمار الأوروبي وهو يحمِل عصاه ويرحل عن المغرب والجزائر وتونس ومصر والشام والعراق والهند وإندونيسيا والصومال.. اسألوا جنوب أفريقيا ونظام التمييز العنصري وما آل إليه، اسألوا كل هؤلاء لتعلموا -من جديد-أن ال