عاجل

الدين والسياسة (1)

الدولة في مفهومها القانوني كيان له ثلاثة عناصر : 1- شعب . 2- إقليم يعيش الشعب فيه . 3- حكومة تسوس هذا الشعب . وبهذا المفهوم أقام الإسلام دولته بعد هجرة النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة . والدولة بهذا المفهوم لها دين ، حيث أن ثلثا عناصرها " الشعب والحكومة " بشر مكلفون ، وليسوا جمادات . لذلك نصت كثير من الدساتير العالمية على دين الدولة ، بل بعضها تنص أيضاً على المذهب الرسمي . ومما لا شك فيه أن طبيعة المسيحية تختلف عن الدين الاسلامي من حيث كونها عقيدة بلا شريعة شاملة " دع ما لقيصر لقيصر وما لله لله " . فالفصل بين الدين والسياسة عندهم يتفق وطبيعة دينهم . اما الذين ينادون بذلك ممن ينتسبون للإسلام فيمكن تقسيمهم لفريقين : • فريق يجهل طبيعة الإسلام كدين ، وقد يكون حسن النية . • وفريق معادي له – باطناً لا ظاهراً – يتستر بهذه الدعاوى الباطلة . ويتفرع عن هذه الدعوى رفض تأسيس أحزاب سياسية ذات مرجعية إسلامية ، لإزاحة منافس قوى ، وتحقيق مكاسب شخصية على حساب الدين والمصلحة الوطنية . وقد اصطلح علماء الإسلام على تقسيم الشريعة إلى ثلاثة أقسام رئيسية: - الأحكام العقائدية . - الأحكام التهذيبية . - الأحكام العملية " الفقه " . وأن الفقه يشتمل على : - العبادات . - المعاملات . - أحكام الأسرة . - السياسة الشرعية . فالسياسة الشرعية التي تُعد نوعاً من أنواع الفقه الإسلامي ، الذى هو قسم من أقسام الشريعة الإسلامية ، هي الأحكام التي تُنظم الدولة ، وعلاقتها بالأفراد ، وعلاقتها بغيرها من الدول . وسوف أسرد بعض الآيات التي توضح أن من يدعو لفصل الإسلام عن السياسة كمن يدعو لفصل الروح عن الجسد . - قال الله تعالى : (وَأَنِ احْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللَّـهُ ) سورة المائدة آية 49 . - (فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا ) سورة النساء آية 65 . - (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ ) سورة الأحزاب آية 36 . - (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ ) سورة البقرة آية 216 . - (وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّـهِ فَإِن فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّـهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ ) سورة الحجرات آية 9 . - (وأمرهم شورى بينهم ) سورة الشورى آية 38 . - (وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ ) سورة آل عمران آية 159 . - (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى ) سورة البقرة آية 178 . - (إِلاَّ الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلَىَ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُم مِّيثَاقٌ أَوْ جَآؤُوكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ أَن يُقَاتِلُونَكُمْ أَوْ يُقَاتِلُواْ قَوْمَهُمْ وَلَوْ شَاء اللّهُ لَسَلَّطَهُمْ عَلَيْكُمْ فَلَقَاتَلُوكُمْ فَإِنِ اعْتَزَلُوكُمْ فَلَمْ يُقَاتِلُوكُمْ وَأَلْقَوْاْ إِلَيْكُمُ السَّلَمَ فَمَا جَعَلَ اللّهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلاً ) سورة النساء آية 90 . - (إِلاَّ الَّذِينَ عَاهَدتُّم مِّنَ الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ لَمْ يَنقُصُوكُمْ شَيْئًا وَلَمْ يُظَاهِرُواْ عَلَيْكُمْ أَحَدًا فَأَتِمُّواْ إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَى مُدَّتِهِمْ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ ) سورة التوبة آية 4 . - (وَإِن جَنَحوا لِلسَّلمِ فَاجنَح لَها وَتَوَكَّل عَلَى اللَّـهِ إِنَّهُ هُوَ السَّميعُ العَليمُ ) سورة الأنفال آية 61 . - (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ) سورة المائدة آية 1 . - (فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا ) سورة محمد آية 4 . - (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّـهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّـهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ) سورة الحجرات آية 13 . هذه الآيات تتحدث عن الحكم والقتال والشورى والقِصاص والمواثيق والحياد والمعاهدات والسلام والوفاء بالعقود ومعاملة الأسرى والعلاقات الدولية ، وقد جاءت في معظمها مُجملة وعامة ومُطلقة ، لم تتعرض لتفصيلات وجزئيات المسائل ، لإعطاء مرونة وصلاحية لكل زمان ومكان ، دون الخروج على أحكامها ، فكيف نفصل بينها وبين السياسة ؟!! هذا غيض من فيض ، وللحديث بقية .