عاجل

السعودية تضاعف الجهود لإنهاء مشكلة ديون قيمتها 22 مليار دولار

الملك سلمان بن عبد العزيز

قالت ثلاثة مصادر مطلعة: إن المملكة العربية السعودية ضاعفت المساعى الرامية لتسوية نزاع على دين قيمته 22 مليار دولار يرى فيه المستثمرون اختبارا حاسما لمدى التزام ولى العهد محمد بن سلمان بالإصلاحات.


فقد طال أمد المعارك القانونية على الديون التى خلفتها مجموعة سعد ومجموعة أحمد حمد القصيبى وإخوانه على مدى ما يقرب من عشر سنوات منذ انهيار المؤسستين العائليتين عام 2009، ومن سويسرا إلى جزر كايمان تنازعت المجموعتان على الطرف المسؤول عن الانهيار.


وقد حدث تقدم تدريجى فى حالة شركة القصيبى منذ عام 2009 وقدمت الشركة عرض تسوية يحظى بمساندة حوالى ثلثى المستثمرين إلا أن التقدم كان أقل كثيرا فيما يتعلق بديون مجموعة سعد.


وأبدت السلطات السعودية نفاد صبرها فى أكتوبر عندما تم احتجاز معن الصانع صاحب مجموعة سعد بسبب الديون غير المسددة. وقالت المصادر إن ذلك دفع أسرة الصانع لبذل جهود لمحاولة تسوية نزاع الدين.


وخطت مجموعة سعد خطوة أولى كبيرة للتواصل مع الدائنين العام الماضى بالاستعانة بمجموعة ريماس كمستشار مالى لتقديم تسوية مقترحة تغطى ديونا قيمتها أربعة مليارات دولار.


وفى علامة أخرى على استمرار الحركة قال أحد المصادر إن هيئة قضائية من ثلاثة قضاة تشكلت عام 2016 للتعامل مع المطالبات المالية على مجموعة القصيبى ومجموعة سعد صدقت على مطالب لدائنين تبلغ قيمتها 11.5 مليار ريال (ثلاثة مليارات دولار) على مجموعة القصيبى وعينت مسؤولين لتولى تصفية امبراطورية أعمال مجموعة سعد.


وقد تكون الخطوات من هذا النوع حاسمة فى مساعى الحكومة لاستمالة المستثمرين وضمان الحصول على التمويل الخارجى لمشروعات الخصخصة التى تقتضيها خطة رؤية المملكة 2030 التى طرحها الأمير محمد فى ابريل نيسان عام 2016 للتغيير فى السعودية وتقليل اعتمادها على النفط.


وقال أحد المصادر المطلعة على التطورات "هذه مشكلة للسعودية بأكثر من 20 مليار دولار وإذا لم تعالج معالجة سليمة فستخلق مشكلة طويلة الأجل لبعض المستثمرين الأجانب".


تدين المجموعتان معا بالمال لأكثر من 100 بنك عالمى من بينها إتش.إس.بى.سى وبى.إن.بى باريبا وسيتى جروب. كما أن مجموعة سعد مدينة لشركات من بينها سيمنس الألمانية وآلاف العاملين.


وكانت مجموعة القصيبى قالت إن الصانع المتزوج بإحدى بنات عائلة القصيبى منذ أكثر من 30 عاما حصل دون وجه حق على مليارات الدولارات بعد أن تولى إدارة الأعمال المالية للمجموعة. وينفى الصانع بشدة ارتكاب أى أخطاء.


ولا توجد فى السعودية قواعد تنظم العجز عن الوفاء بالديون لكن قانونا للإفلاس ينتظر مصادقة الملك سلمان عليه، وإمتنعت مجموعة القصيبى عن التعليق فى هذا التقرير استنادا إلى أن الأمر منظور أمام القضاء.


وأحال الديوان الملكى فى السعودية طلبا للتعليق إلى مركز التواصل الدولى الذى لم يرد على الطلب. ولم ترد أيضا وزارة العدل على طلب للتعليق.


ولم يكن اعتقال الصانع مرتبطا مباشرة بتوقيف عشرات من كبار المسؤولين ورجال الأعمال فى حملة على الفساد فى أوائل نوفمبر تشرين الثانى غير أن النزاع يتعلق بمخاوف مماثلة لدى المستثمرين عن الفساد.


ولا يزال الصانع موقوفا فى حين أن كل الذين احتجزوا فى أوائل نوفمبر فى فندق ريتز كارلتون بالرياض إما أطلق سراحهم أو نُقلوا منه.


وصدر حكم غيابى فى البحرين على الصانع بالسجن خمس سنوات لإدانته باتهامات من بينها مخالفة لوائح البنك المركزى، وأرجئ تنفيذ الحكم لحين النظر فى استئنافه. وسبق أن نفى الصانع ارتكاب أى أخطاء وقال إن الاتهامات الموجهة له لها دوافع سياسية.


وفى علامة على أن بعض الدائنين أصبحوا الآن أكثر تفاؤلا بحسم نزاع الدين على نحو إيجابى قال مصرفيون إن التداول على ديون مجموعة سعد شهد ارتفاعا إذ أصبح يتراوح بين ثلاث وخمس سنوات مقابل الدولار فى الأسابيع الأخيرة بالمقارنة مع ما بين سنت واحد وثلاثة سنتات فى السابق، غير أن بعض المستثمرين ما زالوا متشككين.


وقال متعامل فى صندوق تحوط كان يفكر فى شراء ديون سعودية عن محاولات مستشارى مجموعة سعد لتسوية المشكلة إن ما تم إنجازه "قليل جدا" منذ نوفمبر الماضى.


وقال مصدران آخران إن ريماس تأمل مواصلة العمل فى الأسابيع المقبلة بتقديم اقتراح للدائنين المستعدين لتقبل خططها. ولم ترد مجموعة ريماس على طلب للتعليق.


ويتمثل أفضل الأصول فى إمبراطورية أعمال مجموعة سعد فى مستشفى سعد التخصصى فى مدينة الخبر الساحلية والذى يعد من أفضل المستشفيات لعلاج السرطان فى البلاد.


وقالت مصادر مطلعة على الوضع إن المستشفى توقف فعليا عن العمل فى نوفمبر تشرين الثانى تحت وطأة الديون والعجز عن سداد أجور المتعاقدين معها.


ويتابع المستثمرون الأجانب عن كثب ما يحدث بالمستشفى لأنه قد يحدد ما ستكون عليه خطة الحكومة لجذب الاستثمارات الخارجية إلى قطاع الصحة.


وقال مصدران إن لجنة تشكلت بأوامر من الديوان الملكى تدرس خيارات من بينها شركة خاصة لتشغيل المستشفى تحت إشراف وزارة الصحة، ولم ترد وزارة الصحة على طلب للتعليق.


وإحدى المشاكل التى يتعين تسويتها تتعلق بأجور ما يقدر بنحو 5000 موظف سابق ترجع إلى مايو2016. ومن غير الواضح عدد العاملين السابقين الذين سيستمرون فى العمل إذا ما أعاد المستشفى فتح أبوابه ربما فى فبراير الجارى.


وقال طلعت حبيب طبيب الأطفال البريطانى الذى كان يعمل فى المستشفى "آلاف الناس يعانون وكثيرون منهم لهم أسر. من الصعب على الناس أن يعيشوا بدون هذه الأموال" أى الأجور.


وقال مصدران مطلعان على الوضع إن شركة سيمنس لها دين عن عقد لصيانة المعدات الطبية المتطورة بالمستشفى. وامتنعت سيمنس عن التعليق.