عاجل

  • الرئيسية
  • تقارير
  • شيخ الأزهر: عمر بن الخطاب أرسى قواعد التعايش السلمى فى القدس

شيخ الأزهر: عمر بن الخطاب أرسى قواعد التعايش السلمى فى القدس

قال الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، إن القضية الفلسطينية هى أم القضايا فى الشرق الأوسط، فأغلب البلاد فى العالم تحررت إلا فلسطين، متابعًا: "نحن نؤمن أن هذه القضية إن لم تحل حلًّا عادلًا لن يهدأ العالم ولن يرى السلام، لأنها قضية حق وعدل".

 

وأضاف فى حديثه الأسبوعى على الفضائية المصرية الذى يذاع، اليوم الجمعة، أن تاريخ العرب سابق على ظهور الإسلام بآلاف السنين، فتاريخ العرب فى هذه الأرض يعود إلى 5 آلاف سنة، فالكنعانيون واليبوسيون وهم فرع كنعانى هاجروا من اليمن إلى شمال الجزيرة العربية وحكموا هذه المدينة أكثر من ألف سنة، ويوجد كتاب اسمه "القدس فى الضمير" لخص تلخيصًا دقيقًا تاريخ الأمم التى حكمت القدس، وقد سجل التاريخ أن اليبوسيين هم أول من حكمها من 3000 ق.م، إلى 1750ق.م يعنى أنهم حكموا لمدة 1250 سنة، ثم جاء الهكسوس حكموا 150 سنة، ثم الفراعنة المصريين حكموا 200 سنة، ثم جاء بنو إسرائيل مع سيدنا داوود وسيدنا سليمان وحكموا 463سنة فقط، حتى جاء الآشوريون فحكموها 8 سنين وبعدهم البابليون حكموا 49 سنة، ثم حكمها الفرس 206 سنوات، وبعدهم حكمها اليونان 166 سنة، ثم المكابيون 103 سنوات، وبعدهم الرومان حكموها 298 سنة، ثم عاود الفرس احتلالها 14 سنة، ثم البيزنطيون 300 سنة، حتى فتحها المسلمون ثم احتلها الصليبيون فترة، قبل أن يحررها المسلمون، وبذلك يكون المسلمون قد حكموها 1383 سنة، فكيف يدعى البعض أن المسلمين والعرب أغراب؟ هم الأغراب والشعب المقدسى كان دائمًا شعبًا عربيًّا، فالتركيبة الأساسية للمجتمع المقدسى عربية منذ 5 آلاف سنة لم تتغير، ما كان يتغير فقط هو المستعمر، لكن المستعمرين لم يغيروا التركيبة السكانية العربية.

 

وتابع الإمام الأكبر: هذا بالنسبة للوجود العربى والأصل العربى للقدس، أما بالنسبة للوجود الإسلامى فقد حكمها الرومان قبل المسلمين، وكان الحكم الرومانى قاسيًا فقد دمروا المدينة وغيروا اسمها إلى إيليا وهو اسم مشتق من اسم الحاكم الرومانى وقتها إليانوس وحرم دخول اليهود إليها بعد أن طردهم منها واستمر ذلك من سنة 135 حتى سنة 635 أى 500 سنة، وكانت فى بداية حكم الرومان وثنية حتى عادت إليها المسيحية عن طريق هرقل الذى أرسل إليه النبى صلى الله عليه وسلم كتابه المشهور، وبعد ذلك دخل المسلمون المدينة، وخلال 500 سنة من وقت حكم هادريان حتى الفتح الإسلامى لم يدخل اليهود المدينة، واستمر الشعب العربى فى المدينة.

 

وأوضح أنه فى 635 تم فتح الشام ومن ضمنها فلسطين ماعدا مدينة القدس تحصن أهلها وراء الأسوار فترة طويلة، حيث حاصرها عمرو بن العاص، ثم بعد أن طال الحصار عليهم انتهزوا زيارة أبى عبيدة لأنه كان من كبار القادة، فأخبروه أنهم مستعدون للمصالحة، فذهب سيدنا عمر لبيت المقدس بعد ان استشار الصحابة واستقبله البطريرك الكبير وأهداه المفتاح ودخل وأراد أن يصلى وهو فى كنيسة القيامة فصلى خارجها، فقال له البطريرك أنه كان بإمكانه الصلاة داخل الكنيسة، فقال أخشى أن يأتى جهال من المسلمين من بعدى ويتخذونها سنة، وكتب لهم كتاب العهدة العمرية الذى لا يزال موجودًا فى بطريركية الروم الأرثوذكس (كنيسة القيامة)، والمشهور أنها هى التى كتبها سيدنا عمر والبعض يرى أنها كتبت بعده، وسواء كتبت فى عهد سيدنا عمر أم بعده فهى تعبر عن موقف الإسلام وعهد سيدنا عمر، وتنص العهدة على التالى: " بسم الله الرحمن الرحيم، هذا ما أعطى عبد الله، عمر، أمير المؤمنين، أهل إيلياء من الأمان، أعطاهم أمانًا لأنفسهم وأموالهم ولكنائسهم وصلبانهم وسقمها وبريئها وسائر ملتها. أنه لا تسكن كنائسهم ولا تهدم، ولا ينقص منها ولا من حيِّزها ولا من صليبهم ولا من شيء من أموالهم، ولا يُكرهون على دينهم، ولا يضارّ أحد منهم، ولا يسكن بإيلياء معهم أحد من اليهود، وعلى أهل إيلياء أن يُعطوا الجزية كما يُعطى أهل المدائن. وعليهم أن يُخرِجوا منها الروم واللصوص. فمن خرج منهم فإنه آمن على نفسه وماله حتى يبلغوا أمنهم. ومن أقام منهم فهو آمن، وعليه مثل ما على أهل إيلياء من الجزية. ومن أحب من أهل إيلياء أن يسير بنفسه وماله مع الروم ويخلى بِيَعهم وصلبهم، فإنهم آمنون على أنفسهم وعلى بِيَعهم وصلبهم حتى يبلغوا أمنهم. فمن شاء منهم قعد وعليه مثل ما على أهل إيلياء من الجزية. ومن شاء سار مع الروم. ومن شاء رجع إلى أهله، فإنه لا يؤخذ منهم شيء حتى يحصد حصادهم، وعلى ما فى هذا الكتاب عهد الله وذمة رسوله وذمة الخلفاء وذمة المؤمنين، إذا أعطوا الذى عليهم من الجزية. كتب وحضر سنة خمس عشرة هجرية. شهد على ذلك خالد بن الوليد، وعبدالرحمن بن عوف، وعمرو بن العاص، ومعاوية بن أبى سفيان".

 

وبين الإمام الأكبر أن إيلياء هو اسم القدس بعد أن غيره هادريان الذى أخرج منها اليهود ومنع دخولهم إليها، لكن عندما دخل المسلمون لم يقتلوا واحدًا، وسيدنا عمر أخذ هذه الأحكام من النبى صلى الله عليه وسلم حينما أرسل كتابًا إلى اليمن قال فيه: "من كره الإسلام من يهودى أو نصرانى فلا يحول عن دينه" وهذا ما طبقه النبى صلى الله عليه وسلم فى اليمن وفى كل مكان، وهذا ما قاله عمر للمقدسيين، كما اشترط صفرونيوس ألا يسكن يهود مع أهل القدس حتى يسلم مفاتيحها لسيدنا عمر، حيث كانوا يعتبرون اليهود أعداءً.

 

 كما أوضح أن الجزية الواردة فى العهدة العمرية هى ضريبة، على غير ما يدعيه بعض المغالطين من أن الجزية هى لفرض الطاعة والخضوع، والحقيقة أنها على العكس من ذلك فهى شهادة مواطنة لغير المسلم، حيث سيدافع عنه المسلمون وتسيل دماؤهم من أجل حمايته، وكان يترتب على المسلمين أعباء مالية أكبر بكثير من الجزية وهى زكاة المال، فالمسلم كان يدفع أكثر ويحارب، ولكن قد يقال لماذا لم يدخل غير المسلمين الجيش؟ والإجابة: أن من كان يقاتل فى الإسلام كان يقاتل دفاعًا عن عقيدة، فكيف تكلف شخصًا غير مؤمن بهذه العقيدة أن يحارب ويقتل دفاعًا عن عقيدة لا يؤمن بها؟ هذا ظلم، ولكن الوضع الآن قد تغير وأصبحنا جميعًا مسلمين ومسيحيين مكلفين بالدفاع عن الوطن.

 

وأختتم حديثه بأن ما جاء فى العهدة العمرية، يؤكد أنه قد حدث تسليم ولم يقتل رومى واحد ولم يقتل يهودى واحد، ولا أحد من أهل إيلياء، واستمر التواجد الإسلامى منذ ذلك الوقت حتى 1967، حيث احتلت القدس وما زالت ترزح تحت الاحتلال حتى يوم الناس هذا.