ألقى وزير الأوقاف أ.د محمد مختار جمعة خطبة الجمعة اليوم 28 من ربيع الآخر 1440هـ ـــ الموافق 4 من يناير 2019م بمسجد الإمام الحسين بالقاهرة ، بحضور الدكتور هشام عرفات وزير النقل , والدكتور محمد سعفان وزير القوى العاملة ، والدكتور أبو بكر عثمان وزير الأوقاف السوداني ، والدكتور أسامة العبد رئيس اللجنة الدينية بمجلس النواب ، والدكتور محمد أبو هاشم نائب رئيس جامعة الأزهر الأسبق ، والشيخ خالد خضر وكيل وزارة الأوقاف بالقاهرة ، وقيادات الدعوة بمديرية أوقاف القاهرة ، ولفيف من القيادات التنفيذية والشعبية بالمحافظة ، وجمع غفير من المصلين .
وتلاحظ وجود حاجز خشبى يفصل بين الوزراء والجمهور، مما أثار تعجب كثير من رواد مواقع التواصل الإجتماعى .
وفي بداية الخطبة أكد وزير الأوقاف ، على أن المال هو مال الله ، وقد استُخلِفنا عليه ، والأيام بين الناس دول ، فغني اليوم قد يكون فقير الغد ، وفقير اليوم قد يكون غني الغد؛ هكذا الأيام ، يوم لك ويوم عليك ، مصداقًا لقول الحق سبحانه : ” وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ ” ، ومن هنا كان الإنفاق من الغني على الفقير من مظاهر التواد والبر التي وصى بها الإسلام وأمر بها ، فالمال من نعم الله التي امتن بها على عباده ، وجعله ديدن حياة تسير به ، فيقول رب العزة سبحانه : ” وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ اللَّه ” ، ويقول (صلى الله عليه وسلم ) : ” إن لله عند أقوام نعماً يقرها عندهم ما كانوا في حوائج الناس ، ما لم يملوهم فإذا ملوهم نقلها من عندهم إلى غيرهم” .
ثم أكد على أن قدر كل إنسان حسبما يقدمه للإنسانية من خير ، وأفعال عظيمة يخدم بها البشرية ، وفي ذلك يقول القائل :
ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻟﻠﻨﺎﺱ ﻣﺎ ﺩﺍﻡ ﺍﻟﻮﻓﺎﺀ ﺑﻬﻢ ﻭﺍﻟﻌﺴﺮ ﻭﺍﻟﻴﺴﺮ ﺃﻭﻗﺎﺕ ﻭﺳﺎﻋﺎﺕُ
ﻭﺃﻛﺮﻡ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻣﺎ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻮﺭﻯ ﺭﺟﻞٌ ﺗُﻘﻀﻰ ﻋﻠﻰ ﻳﺪﻩ ﻟﻠﻨﺎﺱ ﺣﺎﺟﺎﺕُ
ﻻ ﺗﻘﻄﻌﻦ ﻳﺪ ﺍﻟﻤﻌﺮﻭﻑ ﻋﻦ ﺃﺣــﺪٍ ﻣـﺎ ﺩﻣتﺖ ﺗـﻘﺪﺭ ﻭﺍﻷﻳـﺎﻡ ﺗـــﺎﺭﺍﺕُ
ﻭﺍﺫﻛﺮ ﻓﻀﻴﻠﺔ ﺻﻨﻊ ﺍﻟﻠﻪ ﺇﺫ ﺟﻌﻠﺖ ﺇﻟﻴﻚ ﻻ ﻟﻚ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺣﺎﺟـــﺎﺕُ
ﻗﺪ ﻣﺎﺕ ﻗﻮﻡ ﻭﻣﺎ ﻣــﺎﺗﺖ ﻓﻀﺎﺋﻠﻬﻢ ﻭﻋﺎﺵ ﻗﻮﻡ ﻭﻫﻢ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺃﻣﻮﺍﺕُ
فالكرم والسخاء صفات إنسانية قبل أن تكون أخلاقًا إسلامية ، دعا إليها رسول الإنسانية (صلى الله عليه وسلم) .
كما بين الوزير أنه إذا كان الأصل في العمل المجتمعي وخدمة أفراده أمرًا تطوعيًا ، أو مندوبًا ، فإنه قد يتحول للواجب الكفائي أو العيني ، كمعالجة المرضى ، وإطعام الجوعى ، وإغاثة الملهوف ، فلو أن إنسانًا تعرض لحادث في طريق ، يُندب لكل الناس إنقاذه ، ومن حوله يكون في حقهم واجبًا كفائيًا ، وإذا لم يُقدِم أحد على إنقاذه أثِمَ الجميع بذلك ، وإذا كان المرء وحده وجب عليه إنقاذه وجوبًا عينيًا .
ويقد لنا رسول الإنسانية إنموذجًا يدل على أن البر جزاؤه عظيم وثوابه عند الله كبير ، فيقول (صلى الله عليه وسلم ) أن رجلا دخل الجنة في كلب قد سقاه ، وقد غفر الله له ، فيقول :” بَيْنمَا رَجُلٌ يَمْشِي بطَريقٍ اشْتَدَّ علَيْهِ الْعَطشُ، فَوجد بِئراً فَنزَلَ فِيهَا فَشَربَ، ثُمَّ خَرَجَ فإِذا كلْبٌ يلهثُ يَأْكُلُ الثَّرَى مِنَ الْعَطَشِ، فَقَالَ الرَّجُلُ: لَقَدْ بلَغَ هَذَا الْكَلْبُ مِنَ العطشِ مِثْلَ الَّذِي كَانَ قَدْ بَلَغَ مِنِّي، فَنَزَلَ الْبِئْرَ فَملأَ خُفَّه مَاءً ثُمَّ أَمْسَكَه بِفيهِ، حتَّى رقِيَ فَسَقَى الْكَلْبَ، فَشَكَرَ اللَّهُ لَه فَغَفَرَ لَه” قَالُوا : يَا رسولَ اللَّه إِنَّ لَنَا في الْبَهَائِم أَجْراً؟ فَقَالَ : “في كُلِّ كَبِدٍ رَطْبةٍ أَجْرٌ ” (متفقٌ عليه ) ، فما بالنا بمن يحنو على يتيم ، أو يقضي حاجة فقير أو مسكين ، هكذا ديننا دين البر والجود والكرم ، وأن ما لدينا من نِعم مختلفة هي من ودائع الحق سبحانه ، للفقراء نصيب منها ، وفي الأثر : ” المال مالي والفقراء عيالي ، والأغنياء وكلائي ، فإن بخل وكلائي على عيالي أذقتهم وبالي ولا أبالي ” .