عاجل

الطاقة المتجددة لليمن الخيار الإجباري

اولى المحطات لتوليد الطاقة في اليمن

الحديث عن الطاقة في اليمن هو حديث ذو شجون ,  ستون عاما تقريبا مضت علي انشاء  اولى المحطات لتوليد الطاقة ولكن  الطلب المتزايد  للطاقة الذي يتراوح من 9% الي 10%كل عام  كنتيجة للزيادة السكانية الكبيرة وما يقابله من عجز حكومي في انشاء مشاريع استراتيجية لتوفير الطاقة جعل نصيب  الفرد اليمني من الطاقة هو الأدنى عالميا بمتوسط 202 كيلو وات ساعي ويغطي حاجه 40% فقط من سكان اليمن !




وضع الطاقة في اليمن

تعتمد اليمن في الحصول علي حاجتها من الطاقة علي الوقود الاحفوري من النفط والغاز بنسبه 99%, فبحسب إحصائية عام 2008  تستهلك اليمن حوالي سبعمئة وستون الف طن من الديزل و حوالي مليون طن من المازوت او ما يسمي بالنفط الثقيل. ويبلغ اجمالي ما تنتجه محطات توليد الطاقة الف ميجا وات علي احسن تقدير وهو ما يغطي حاجه نصف سكان اليمن فقط !


تكمن ازمه الطاقة في اليمن في العجز التراكمي في مواكبه الطلب المتزايد علي الطاقة فالزيادة السكانية السنوية تبلغ 3% في حين تشير احد تقارير مؤسسة الكهرباء العامة الي ان اليمن بحاجه الي ثلاثة الف ميجا وات  علي اقل تقدير لتغطيه حاجه السكان. فمحطات توليد الطاقه الي جانب ضعف قدرتها التوليدية الا انها هي الأخرى تعاني من مشاكل جمه وضعف في الصيانة تخرجها من الخدمة احيانا وتؤدي الي فقد مقداره 34% . 




منذ اندلاع الثورة عام2011 تعرضت خطوط الكهرباء محطات التوليد الي اعتداءات متكررة بسبب مما تمر به اليمن من ازمات سياسيه ادت الي انخفاض في انتاج الطاقة بمقدار 20% عن العام السابق وتسببت بزيادة وتيرة الانقطاعات المتكررة. وبحلول عام 2015 زادت حدة الازمه السياسية وشهدت البلاد حرب اودت بخروج منظومة الطاقة الرئيسة من الخدمة وغرقت علي اثرها اغلب المدن اليمنية في الظلام !




تلوث الهواء
تواتر ازمه الطاقة اضطر سكان اليمن سواء اصحاب المشاريع التجارية او المواطنين اصحاب المنازل الي شراء الطاقة وتوليدها باستخدام مولدات كهربائية(مواطير) والتي تعتمد في تشغيلها علي الديزل والمشتقات النفطية والذي يلحق تلوث هائل بالمناخ والصحة, ففي دراسة نشرت لتقدير حجم الانبعاثات الناتجة عن استخدام المولدات الكهربائية في العاصمة صنعاء حيث شمل البحث خمسه الف مولد كهربائي وكانت اجمالي الطاقة المولدة بـ   21727,25  كيلو وات وخلصت الدراسة انها تتسبب بانبعاث ثاني اكسيد الكربون بمقدار.85  كيلو جرام لكل كيلو وات من احتراق البترول المستخدم في المولدات وهي نسبه عالية وتتسبب في تلوث هواء العاصمة . الهواء الملوث يودي بحياة 1100 شخص سنويا بحسب إحصائية منظمه الصحة العالمية كما تتسبب بخسارة اقتصادية قُدرت بـ  100مليون دولار سنويا.

ويقول الدكتور فيصل الشميري استاذ الهندسة الحيوية والزراعية في جامعه ذمار   " احتراق الوقود. ينتج عنه اكاسيد ملوثه تشمل أكاسيد الكربون وأكاسيد النتروجين وأكاسيد الكبريت بالإضافة إلى المواد العضوية المتطايرة مثل المركبات الهيدروكربونية الناتجة من عوادم السيارات و يؤثر غاز أول أكسيد الكربون على هيموجلوبين الدم  ويلحق الضرر بالجهاز التنفسي ".



ويضيف الشميري " أما غاز ثاني أكسيد الكربون فيسبب صعوبة في التنفس والشعور بالاحتقان مع تهيج للأغشية المخاطية والحلق و التهاب القصبات الهوائية، بينما غاز ثاني أكسيد الكبريت فانه يتحول في الهواء إلى حمض الكبريتيك نتيجة لتا كسده إلى ثالث أكسيد الكبريت والذي يؤثر على الجهاز التنفسي(التهاب القصبات الهوائية وضيق التنفس وآلام في الصدر وتشنج الحبال الصوتية وتهيج العيون والجلد) كما يؤدي إلى مشاكل بيئية منها الأمطار الحامضية. أما أكاسيد النيتروجين تسبب تهيج الأغشية المخاطية للمجاري التنفسية والتهابات في الرئة وتهيج العين)".    ليس هذ فقط نصيب مدينة مكتظة كالعاصمة صنعاء فعلي جانب اخر المدن الساحلية تتعرض الي تلوث مهول  من قبل مصانع ومصافي تكرير البترول.


الوقود والمناخ
حسب إحصائيات المعهد العالمي للموارد  لعام 2012فان نسبه ما تساهم به اليمن من انبعاثات للغازات الدفيئة يقدر بـ.07%   وتصدّر قطاع الطاقة والمواصلات وما يصاحبه من احتراق للوقود الاحفوري النسبة الأعلى وهو ما قدره المعهد العالمي بحوالي 20.78 مليون طن من ثاني اكسيد الكربون. 

انبعاث ثاني اكسيد الكربون جراء احتراق الوقود الاحفوري يتسبب بظاهرة الاحتباس الحراري نتيجة التصاعد المتزايد لثاني اكسيد الكربون الي الغلاف الجوي لتعمل جزيئاته علي امتصاص الأشعة المنعكسة من سطح الارض لترتفع بذلك درجه الحرارة عن المعدل الطبيعي . سخونة الارض بدورها تؤدي الي خلل وتغير في انظمه المناخ.

لعل ما تسهم به اليمن في انبعاثات يكاد يكون بسيط اذا ما قورن بالدول الصناعية الكبرى ولكنها كأي بلد نامي تفتقر الي الامكانيات  في مواجهة تبعات التغير المناخي , حيث يعتمد اغلب سكانه علي الموارد الطبيعية والتي تعتمد بدورها علي المناخ وتقلباته.  مؤخرا بدأت تظهر علامات اختلال المناخ بشكل متكرر فموجات الجفاف  المتعاقبة  والعواصف والاعاصير التي شهدتها بعض المدن الساحلية تنذر بتحولات كارثيه مستقبلا . 



يقول الدكتور غازي البنا استاذ الجغرافية الطبيعية بجامعه صنعاء "تظهر  الكثير من سيناريوهات التغيرات المناخية الكثير من الاخطار الطبيعية والتي بالإمكان ان تتحول الي ازمات وبخاصه في دول العالم الثالث جراء الهشاشه الاقتصادية والاجتماعية , وتأتي تداعيات التغيرات المناخية المحتملة  علي تدهور ونضوب المصادر المائية وتقلص المساحات الزراعية وتراجع الإنتاجية الغذائية  مما يشكل خطورة علي الامن المائي والغذائية".

ويضيف البنا قائلا" ستزداد ظاهرة المجاعة وهجرة المجتمعات من الريف الي المدينة , وستتصاعد وتيرة الجريمة بشكل مريع كنتيجة لشح الموارد! ".


وضع الطاقة المتجددة  في اليمن



تحظي اليمن بمصادر عدة للطاقة المتجددة ولعل من ابرزها  الطاقة الشمسية حيث يصل مقدار الاشعاع الشمسي اليومي من 4  الي 6 كيلو وات لكل ساعه وهي من أعلى النسب علي مستوي العالم , يقول الشميري"ان استخدام الطاقة الشمسية بداء في السنتين الأخيرتين بشكل ملفت وهي ظاهرة ممتازة يمكن ان تساهم في تقليل التلوث البيئي، وهي طاقة نظيف وصديقة للبيئة ولا تحتاج إلى صيانة تقريبا. الا ان تكلفة التركيب ربما كبيرة نوعا ما ولكن مقارنة بالمولدات التي تستخدم الوقود الأحفوري فهي افضل بيئيا وصحيا، حيث انه عند المقارنة ينظر فقط للتكلفة للمكونات ولا ينظر للمشاكل التي يسببها احتراق الوقود. ان سعر الألواح الشمسية في تناقص مستمر، حيث هبط من 500 $ /وات في عام 1972م إلى 4-5 $/وات عام 1990. كما ان العمر الافتراضي للألواح الشمسية يصل إلى 25 سنة” الي جانب ان التنوع التضاريسي للطبيعة جعلها غنيه بموارد اخري كطاقه الرياح والتي تأتي في المرتبة الثانية بعد الطاقة الشمسية فالشريط الساحلي  بطول  2500كيلو متر  يمتد من البحر الاحمر مرورا بخليج عدن وانتهاء بالبحر العربي يعتبر موقع مثالي لو استغل لتوليد طاقه نظيفة  بالتور بينات الهوائية.

الطبيعة البركانية لبعض مناطق اليمن هي الأخرى تؤهلها لتوليد طاقه متجددة اذا استغل التدفق الحراري  في باطن الارض . وكأي بلد زراعي في العالم تمتلك اليمن مقومات لإنتاج الوقود الحيوي لتوليد الكهرباء وغاز الميثان الطبيعي لأغراض الطبخ بالأخص في المناطق الريفية.

معوقات وفرص 
شهدت اليمن في السنوات الاخيرة انتشار غير مسبوق لاستخدام انظمه الطاقة الشمسية , يكاد لا يخلو سطح منزل من لوح شمسي علي الاقل , هذا الانتشار جاء نتيجة غياب الطاقة الكهربائية وخروج معظم محطات توليد الطاقة عن الخدمة بسبب ما تمر به البلاد من صراعات داخلية. الاستخدام الفردي لاستغلال الطاقة الشمسية والذي وصل لأكثر من نصف سكان الجمهورية بواقع  300 ميغاوات لم يكن توجه بدافع وعي بيئي وانما لحل ازمه غياب الطاقة التام الذي عاني منه معظم السكان ولكن ارتفاع تكلفه انظمه الطاقة الشمسية ذو الجودة العالية وغرق السوق بأنظمة تخزين رديئة في ظل غياب جهاز الدولة الرقابي لم يوفر الحل الامثل للمواطن اليمني.   عزمت وزاره الطاقة ضمن خطتها الي رفع نسبه استغلال الطاقة المتجددة بنسبه 15% بحلول عام 2025  ولكن حتي الان لم نري توجه حكومي فعلي لإنشاء مشاريع طاقه متجددة استراتيجية  بل علي العكس فقد تم الاعلان مؤخرا عن انشاء محطه حضرموت ومحطة لحج وكلاهما تعتمدان علي الوقود الاحفوري!

بحسب الخبراء فان مصادر الطاقة المتجددة لها مردود اقتصادي كبير من العملة الصعبة , وذلك من خلال تأمين 675 ألف طن من الوقود التقليدي (البنزين والديزل) بقيمة تساوي نحو 600 مليون دولار في كل غيغا واط من الطاقة الكهربائية بحسب دراسة نشرت في مركز الاعلام الاقتصادي. الي جانب ان مشاريع الطاقة المتجددة  تتيح لليمن فرصه اقتصادية أخرى من خلال بيع شهادات الكربون في سوق الكربون العالمي مقابل خفض الانبعاثات  واستبدال المشاريع التقليدية.

الاستثمار الجاد في مصادر الطاقة المتجددة  بالنسبة لليمن يعد ضرورة قصوي ويستلزم تضافر جهود مشتركه من شركات تصنيع وسلطات تشريعيه ,  وفرض رسوم جمركيه وغرامات علي المصادر الملوثة وما يقابله من تسهيلات واعفاء جمركي يعزز من التوجه العام نحو الطاقة النظيفة , فمعوقات التمويل لمثل هذه المشاريع  تقف حجر عثرة . الي جانب المعوقات الفنية والمعرفية التي تفتقر لها بلد نامي كاليمن ,ولكن العمل الجاد في الاستثمار المعرفي وتدريب الايدي العاملة و التوسع في نقل مكونات تصنيع الطاقة المتجددة قد يأتي اكله بعد حين  ولن يحل ازمه الطاقة في اليمن فحسب ولكن قد يجعلها  في مصاف الدول الغنية.

شاهد الفيديو بالأسفل: