عاجل

خلال15 دقيقة .. شجاعة ضابط تنهي أسطورة عصابة "نُص الليل"

الشرطة المصرية

شابان في مقتبل العمر، لم يتما عقدهما الثالث بعد، سلما عقلهما إلى وساوس الشيطان بأن عالم الإجرام هو السبيل لتحقيق ثروة طائلة في غضون فترة وجيزة دون تكبد عناء العمل الجاد والاستمتاع بلذة الرزق الحلال، كونا تشكيلا عصابيا للسرقة بالإكراه؛ أملا في غد أفضل إلا أن النهاية جاءت قاتمة داخل حجرة ضيقة.


على مساحة نحو 30 كيلو مترا شمال محافظة الجيزة، يقع مركز أوسيم، عُرف منذ قديم الزمان بنشاط قاطنيه في مجال الزراعة إذ يضم مساحات خضراء شاسعة مزروعة بمحاصيل عدة، داخل أسرة بسيطة بقرية البراجيل نشأ "أحمد" وارتبط بعلاقة صداقة مع "أشرف" توطدت أواصرها بمرور السنوات فبات الاثنين كتوأم ملتصق لا يفرقهما إلا ساعات النوم.


مع استقبال الشابين العشرينيات من العمر أخذت حياتهما منعطفا خطيرا بمثابة عنق زجاجة، طرقا باب عالم الجريمة عبر بوابة سرقة المارة بالإكراه، اختار الصديقان دائرة المركز لتنفيذ جرائمهما في وقت متأخر من الليل، إلا أنه رغم التزامهما بقدر من الحذر سقطا في قبضة الشرطة مرات عدة ليحمل كل منهما لقب "مسجل خطر".


14 سابقة زُج على إثرها "أحمد" وشهرته "وزة" وصديقه "أشرف" وشهرته "ريشة" خلف القضبان لكنها لم تقف حائلا بينهما وبين المضي قدم في نشاطهما الآثم بحثا عن المال.


في وقت متأخر من مساء الأحد الماضي، هدوء يسود أرجاء قسم شرطة أوسيم، الأجواء بدت مألوفة بعد يوم عمل شاق، حتى دلف سائق يدعى "محمد عماد"، للإبلاغ عن تعرضه للسرقة الإكراه على يد شخصين أدلى بأوصافهما متذكرا "في واحد منهم اسمه وزة".


صباح اليوم التالي اطلع المقدم مجدي موسى، رئيس مباحث أوسيم على دفتر النوبتجية المسائية، لفت انتباهه محضر سرقة بالإكراه بسيناريو مشابه لبلاغات سابقة ليدعو لاجتماع عاجل مع معاونيه؛ لإيجاد حل جذري لتلك العصابة التي أضحت كابوسا يؤرق أهالي المركز البسطاء.


تولى النقيب إبراهيم فاروق، معاون مباحث أوسيم، مسؤولية جمع المعلومات حول نشاط العصابة من خلال تنشيط مصادره السرية، وامتد الأمر إلى تنكره لجمع التحريات بشكل دقيق حتى باتت الصورة جلية أمام رجال المباحث.


جهود البحث والتحري أشارت إلى تورط مسجلي خطر في ارتكاب وقائع السرقة وهما كل من: "أشرف. ي"، 26 سنة، سبق اتهامه في 6 قضايا آخرهم سرقة سيارة، و"أحمد. س" 27 سنة، السابق اتهامه في 8 قضايا سرقة وموضوع "تحت الملاحظة".


العاشرة مساء الاثنين الماضي، انطلق النقيب إبراهيم فاروق على رأس قوة أمنية لتفقد الحالة الأمنية بدائرة القسم بحثا عن "صيد ثمين"، وقعت عيناه على المتهمين المطلوب ضبطهما أثناء وقوفهما بناصية أحد الشوارع الجانبية لموقف البراجيل، أخرج "وزة" سلاحا ناريا من طيات ملابسه ولاذ ورفيقه بالفرار.


لم يتردد الضابط الشاب في اتخاذ قرار المطاردة، استقل سيارة الشرطة الحديثة في ملاحقة استمرت 15 دقيقة، حاصرت القوات "وزة" في منطقة لن يستطع "البوكس" تخطيها ليتولى معاون المباحث مهمة مطاردته سيرا على الأقدام، قطع مسافة طويلة وكأنه في ماراثون حتى نجح في الإيقاع به والسيطرة عليه وبحوزته فرد خرطوش خالي من الطلقات، وقطعة حجرية من الهيروين.


انتقل أفراد القوة الأمنية إلى المرحلة الثانية من المطاردة، طوق رجال الأمن المنطقة بالكامل "مداخل ومخارج" لتضييق الخناق على المتهم الثاني "ريشة" وأمكن ضبطه وبحوزته مطواه قرن غزال بها آثار دماء على النصل المعدني وهاتف محمول ماركة "هواوي" ومبلغ مالي.


"تمام يا فندم.. العيال بتوع السرقة قبضنا عليهم" بهذه الكلمات أبلغ المقدم مجدي موسى، أحد القيادات الأمنية بالمديرية نجاح المأمورية وحل لغز بلاغات السرقة الإكراه.


أمام العميد عمرو طلعت، رئيس مباحث قطاع الشمال، أقر المتهمان بتكوينهما تشكيلا عصابيا تخصص نشاطه الإجرامي في الاتجارد بالمخدرات والسرقات بالإكراه، وحيازتهما للسلاح بقصد الدفاع عن النفس وتجارته، والمواد المخدرة للاتجار، والمبلغ المالي حصيلة نشاطهما.


داخل غرفة التحقيق، انصب اهتمام العقيد أحمد الوليلي مفتش مباحث قطاع الشمال، على السلاح المدمم، فبادر بسؤال "ريشة" عن مصدر الدماء الحديثة فأجاب "عورنا واحد امبارح وسرقنا التليفون ده" ليلتقط رئيس المباحث طرف الحديث مشيرا إلى أن المجني عليه حضر ليلة البارحة للإبلاغ عن تلك الواقعة.


استدعى العميد مجدي عزيز مأمور قسم أوسيم، المبلغ محمد عماد، سائق مقيم بكرداسة، وتعرف على الهاتف المضبوط صائحا "هما دول اللي سرقوني امبارح" موجها الشكر لرجال الشرطة على سرعة استجابتهم وتحركهم.


24 ساعة من التحريات والعمل الشرطي الجاد أسدل معها رجال إدارة البحث الجنائي بالجيزة الستار على عصابة لتثبيت المارة ليلا، وأحالهما اللواء محمود السبيلي مدير المباحث إلى النيابة العامة التي أمرت بحبسهما على ذمة التحقيق.