عاجل

العالم يحتفل يوم 16 أكتوبر بيوم الأغذية العالمي

يحتفل العالم يوم 16 أكتوبر بيوم الأغذية العالمي 2013 تحت شعار"نظم غذائية مستدامة من أجل الأمن الغذائي والتغذية "، ويهدف الشعار هذا العام إلى التركيز علي زيادة فهم المشاكل والحلول التي تطرحها حملة القضاء على الجوع . وبالنظر إلى وجود نحو 870 مليون شخص في العالم يعانون اليوم من نقص التغذية المزمن، وأن نماذج التنمية غير المستدامة تؤدي إلى زيادة تدهور البيئة الطبيعية ، وتهدد النظم الإيكولوجية والتنوع الحيوي التي سنحتاج إليها للحصول على إمداداتنا الغذائية في المستقبل ، فقد باتت الدعوات التي تنادي بإحداث تغييرات عميقة في نظم الزراعة والنظم الغذائية لدينا أكثر تكرراً وإصراراً. ويتألف نظام الأغذية من بيئة وأشخاص ومؤسسات، وعمليات يتم من خلالها إنتاج السلع الغذائية وتجهيزها وعرضها على المستهلكين، وكل جانب من جوانب نظام الأغذية يؤثر على التوفر النهائي لأغذية متنوعة ومغذية ، وبالتالي على قدرة المستهلكين على اختيار نظم غذائية صحية، كذلك نادراً ما تشكل التغذية الهدف الأساسي في السياسات والتدخلات التي يتم تصميمها بالنسبة إلى نظم الأغذية ، لذا إن معالجة سوء التغذية تستوجب إجراءات متكاملة وتدخلات مكملة في مجال الزراعة ونظام الأغذية ، وإدارة الموارد الطبيعية، والصحة العامة والتربية، وفي المجالات السياساتية الأوسع. وكانت البلدان الأعضاء في منظمة الأغذية والزراعة اتفقت على إقامة "يوم الأغذية العالمي"، وذلك أثناء الدورة 20 للمؤتمر العام للمنظمة في نوفمبر 1979، ويوافق اليوم الذي اختارته لهذا الاحتفال وهو 16 أكتوبر ذكرى الاحتفال بقيام منظمة الأغذية والزراعة. وأعرب جوزيه غرازيانو دا سيلفا المدير العام لمنظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة "فاو"، في رسالته بمناسبة إطلاق تقرير المنظمة السنوي "حالة الأغذية والزراعة لعام 2013 "، عن شجبه للتكاليف الإنسانية الهائلة المترتبة على سوء التغذية ودعا إلى بذل جهود حازمة لاجتثاث سوء التغذية على نحو مشترك مع استئصال شأفة الجوع في جميع أرجاء العالم . وقال إن العالم حتى ولو أحرز تقدماً في مناهضة الجوع باعتباره أحد أشكال سوء التغذية إلا أن هنالك طريقاً طويلا قدماً علينا أن نقطعها بعد، موضحا أن رسالة الفاو ليست أقل من أننا علينا أن نناضل من أجل هدف ليس بحال دون استئصال شأفة الجوع وسوء التغذية كلياً. ولاحظ تقرير المنظمة لهذا العام، ويحمل عنوان "نظم غذائية لتغذية أفضل"، أن نحو 870 مليون شخص ما زالوا جياعاً في عالم اليوم وبالتحديد خلال الفترة من 2010 - 2012، ويمثل ذلك مجرد كسر في المجموع العام لمليارات من البشر مِمَن تعاني صحتهم ورفاههم وحياتهم تحت وابل سوء التغذية، والمقدر أن ثمة مليارين من البشر يعانون قصور المغذيات الدقيقة ، بينما ثمة 1.4 مليار نسمة من مفرطي الوزن ، منهم 500 مليون شخص يعانون البدانة ، كذلك ثمة 26% من أطفال العالم يعانون فعلياً من تقزم النمو بسبب سوء التغذية، و31% من المجموع يعانون نقص فيتامين "أ". وعلى ذلك تستتبع سوء التغذية بالنسبة إلى الاقتصاد العالمي ومعدل الإنتاج المهدور، وتكاليف الرعاية الصحية تكلفة عالية لا يمكن القبول بها، بل وقد تقدر بما يصل إلى 5 % من قيمة الناتج المحلي الإجمالي العالمي بأسره ، أي ما يعادل 3.5 تريليون دولار أمريكي أو ما يضاهي تكلفة 500 دولار أمريكي للشخص الواحد، ويمثل هذا المقدار الناتج المحلي الإجمالي السنوي لألمانيا باعتبارها أكبر اقتصاد أوروبي . وبالمقاييس الاجتماعية ، لم تنفك سوء التغذية في صفوف الأطفال والأمهات تتسبب في نوعية حياة متردية للملايين وتخفض متوسط العمر المتوقع للملايين أيضاً، بينما تؤثر المشكلات الصحية ذات العلاقة بالسمنة مثل الأمراض القلبية وداء السكري على ملايين غيرهم، ولمواجهة سوء التغذية المستشري ، يطرح تقرير منظمة الفاو الرئيسي هذا العام القضية من منظور أن سواء الحمية الصحية أو التغذية الجيدة يجب أن تنطلق من قطاعي الغذاء والزراعة. ويكشف التقرير أن ما نطبقه من سبل وأساليب للزرع والإنتاج، وتربية الحيوان، وتصنيع الناتج، ونقله، وتوزيعه إنما يؤثر على ما نتناوله من أطعمة، مشيراً إلى أن النظم الغذائية المحسنة بمقدورها أن تجعل الغذاء أرخص ثمناً وأكثر تنوعاً وأعلى محتوى من المغذيات. وكشف تقرير رئيسي صادر عن وكالات الأمم المتحدة المختصة بالغذاء أن ثمة 842 مليون شخص أو نحو واحد من كل ثمانية أشخاص ، ما زالوا يعانون براثن الجوع المزمن خلال الفترة 2011/ 2013، نظراً إلى العجز عن تأمين غذاء كاف يسمح لهم بعيش حياة من النشاط والصحة، لكن الرقم الكلي للجياع سجل انخفاضاً من 868 مليون نسمة للفترة 2010 2012 ، وفق التقرير السنوي الرئيسي "حالة انعدام الأمن الغذائي في العالم" الذي يصدر مشاركة كل عام بين منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة " FAO" ، والصندوق الدولي للتنمية الزراعية "IFAD"، وبرنامج الأغذية العالمي. "WFP" ويعيش القسم الأكبر منهم في البلدان النامية حيث يقدر عدد ناقصي التغذية بزهاء 850 مليون نسمة أو أقل بشكل طفيف من 15% من السكان ، في حين يعيش 15.7 مليون منهم لدى البلدان الصناعية. ويشير التقرير إلى أن استمرار نمو البلدان النامية اقتصادياً عزز مستويات الدخل ، وبالتالي زاد من إمكانية الحصول على الغذاء، وعموماً فإن انتعاش نمو الإنتاجية الزراعية مؤخراً، يدعم أيضاً من تزايد الاستثمار العام وتجدد الاهتمام من جانب مستثمري القطاع الخاص بقطاع الزراعة وهي عوامل تمخضت جميعاً عن النهوض بتوافر الغذاء. وعلاوة على هذا وذاك، كان للتحويلات النقدية من المهاجرين دور في خفض مستويات الفقر لدى بعض البلدان النامية ، مما انعكس إيجابياً على تحسين الحمية الغذائية وأسفر عن إحراز تقدم في الأمن الغذائي ، وقد ساهمت التحويلات المالية أيضاً في زيادة الاستثمارات الإنتاجية من جانب صغار المزارعين. وبالمقياس العام ، فعلى الرغم من التقدم المحرز في جميع أنحاء العالم لم تزل هنالك اختلافات ملحوظة قائمة في مستويات الجوع السائدة ، وتظل إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى الإقليم الذي حقق أقل تقدم في غضون السنوات الأخيرة حيث لم ينفك نقص التغذية مستشرياً فيه على نحو أعلى من الأقاليم الأخرى ، ويقدر أن واحداً من كل أربعة أفارقة في هذا الإقليم أي 24.8% ما زالوا جياعاً. وبينما لم يلاحظ تقرير منظمة الفاو إحراز أي تقدم مؤخراً في غرب آسيا ، فإن جنوب آسيا وأيضاً شمال إفريقيا شهدا تقدماً بطيئاً بالمقارنة، خلافاً لذلك أورد التقرير أن ثمة انخفاضات أكبر بمقياس عدد الجياع وانتشار نقص التغذية سجلت في معظم بلدان شرق آسيا وجنوب شرق آسيا وفي أمريكا اللاتينية. وكشف التقرير في الوقت ذاته أن الأعداد الكلية لضحايا نقص التغذية منذ الفترة 1990 - 1992، هبطت لدى البلدان النامية بنسبة 17 % ، مما يبلغ 995.5 مليون إلى 826.6 مليون شخص. وحتى إن جاء التقدم المحرز متفاوتاً ، يؤكد تقرير الجوع الدولي أن المناطق النامية ككل أحرزت تقدما هاماً صوب بلوغ الهدف المحدد لخفض نسبة الجياع إلى النصف بحلول عام 2015، كغاية مطروحة على الصعيد العالمي في إطار أهداف الألفية الإنمائية ، بل وفي حالة استمرار متوسط تراجع الجوع سنوياً على هذا النحو بدءاً من عام 1990 وإلى 2015، يقدر التقرير أن انخفاض نقص التغذية سيقترب من تحقيق الهدف المتضمن في الألفية الإنمائية. أما الهدف الأكثر طموحاً الذي طرحه مؤتمر القمة العالمي للأغذية عام 1996، لخفض عدد الجياع في العالم إلى النصف بحلول عام 2015 فما زال بعيد المنال على المستوى العالمي، بالرغم من أن ثمة 22 بلداً حققته فعلياً في نهاية عام 2012 ، لذا استحث كل من منظمة الفاو والصندوق الدولي للتنمية الزراعية وبرنامج الأغذية العالمي البلدان على بذل جهود إضافية، رئيسية وفورية تحقيقاً لأهداف الألفية الإنمائية ومؤتمر القمة العالمي للأغذية. وصرح كل من المدير العام لمنظمة الفاو "جوزيه غرازيانو دا سيلفا"، ورئيس الصندوق الدولي للتنمية الزراعية "كانايو نوانزي" ، والمدير التنفيذي لبرنامج الأغذية العالمي "إرثرين كازين"، في تقديمهم المشترك للدراسة بالقول إن دفَعة نهائية للجهود المبذولة في غضون السنتين القادمتين، ما زال من الواقعي أن تمكن من بلوغ الهدف المحدد بهذا الشأن ضمن أهداف الألفية الإنمائية ، ودعا الرؤساء الثلاثة إلى تنفيذ تدخلات مدركة لاحتياجات التغذية في نظم الغذاء والزراعة ككل ، وكذلك في مجالات الصحة العامة والتعليم ولا سيما في حالة النساء. وأضافوا في تمهيدهم أن بوسع السياسات التي تستهدف تحسين الإنتاجية الزراعية وزيادة توافر الغذاء، خصوصاً حين تقصد صغار المزارعين بالذات ، أن تخفض مستويات الجوع حتى أينما يستشري الفقر على نطاق واسع ، وأوضحوا أن دمج الحماية الاجتماعية وغيرها من الإجراءات التي تعزز مستويات دخل الأسر الفقيرة سيكون لها المزيد من التأثيرات الإيجابية ولسوف تدفع عجلة التنمية الريفية إلى الأمام من خلال إتاحة أسواق نشطة وتوفير فرص العمل مما سيقود إلى نمو اقتصادي منصف . في الوقت ذاته يبرز التقرير أن النمو الاقتصادي لا غنى عنه لإحراز تقدم في تقليص الجوع ، لكن النمو قد لا يفضي إلى زيادة فرص العمل ومستويات الدخل وتحسينها في حالة الجميع سواسية ما لم تستهدف السياسات فئة الفقراء على وجه التحديد وخصوصاً في المناطق الريفية. وأورد التقرير أن خفض مستويات الجوع والفقر لدى البلدان الفقيرة، سيكون من الممكن إنجازه ليس فقط بفضل النمو المتواصل بل أيضاً بفضل النمو الشامل لجميع الأطراف على النطاق الواسع ، وأكدت الفاو أن 38 بلداً تمكنت من تحقيق الأهداف الدولية المطروحة في الحرب على الجوع ، بتدوين نجاحات قبل انتهاء المهلة المحددة في نهاية عام 2015. وقال دا سيلفا إن هذه البلدان أضحت في موقع الطليعة صوب مستقبل أفضل، ودللت على أن الإرادة السياسية القوية والتنسيق والتعاون قادرة على إنجاز تخفيضات سريعة ودائمة في مستويات الجوع ، وحث جميع البلدان على مواصلة الطريق بهدف الاجتثاث التام للجوع تماشياً مع تحدي مبادرة "صِفر جوعا " التي أطلِقت في عام 2012 على يد الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون،وتؤدي الزراعة دور المحور في توفير الغذاء، إذ أن ما يتجاوز 70 % من فقراء العالم يقيمون في مناطق ريفية ويعتمد معظمهم مباشرة أو غير مباشرة على الزراعة كمورد للرزق، لذا يمثل رفع الإنتاجية الزراعية أحد العناصر الفائقة في زيادة إمكانية تدبير الغذاء. وأكد دا سيلفا أن إشارات الالتزام المتزايد من جانب العديد من البلدان لإنهاء الجوع وسوء التغذية بالاعتماد على الزراعة والتنمية المستدامة تأتي كعلامات جد مشجعة . ولم ينصب تقرير الجوع الصادر عن الأمم المتحدة على قياس مستويات الجوع المزمن فحسب، إذ عرض لجملة واسعة من المؤشرات في كل بلد على حدة للإحاطة بالأبعاد المتعددة لظاهرة انعدام أمن الغذاء، وتتيح هذه المؤشرات صورة أكثر شفافية لحالة انعدام الأمن الغذائي لدى البلد المعني.. ففي بعض البلدان على سبيل المثال ، من الممكن أن يعتبر الجوع منخفضاً بينما تستشري معدلات بالغة الارتفاع من نقص التغذية على نحو ما يظهر من النسبة الكبيرة للأطفال المصابين بتقزم النمو (انخفاض القامة قياساً على العمر) أو نقص الوزن ، مما يعرض صحتهم ونموهم في المستقبل إلى الخطر. كما تشـكل هذه الفروق المقارنة عاملاً مهماً من أجل زيادة فعالية التدابير والإجراءات المنصوص عليها لخفض مستويات الجوع وانعدام الأمن الغذائي بأبعادهما كافة، فمن بين الأطفال هناك ما يقدر بنحو 171 مليون طفل دون الخامسة من العمر يعانون من سوء التغذية المزمن (التقزم) ، منهم 104 ملايين تقريباً يعانون من نقص الوزن، ونحو 55 مليونا يعانون من سوء التغذية الحاد (الهزال) أما نقص العناصر الغذائية الدقيقة أو "الجوع الخفي" فيعاني منه أكثر من ملياري نسمة في جميع أنحاء العالم ، مما يعرقل التنمية البشرية والتنمية الاجتماعية الاقتصادية ويسهم في حلقة مفرغة من سوء التغذية والتخلف، وبالإضافة إلى الأبعاد الأخلاقية لهذه المشكلة المعقدة ، فإن التكاليف الإنسانية والاجتماعية والاقتصادية للمجتمع ككل هي تكاليف باهظة من حيث ضياع الإنتاجية والصحة والرفاهية وتراجع القدرة على التعلم وانخفاض الإمكانيات البشرية. وإن تحقيق الأمن الغذائي يستدعي معالجة جميع أبعاده المختلفة بصورة كافية ، بما في ذلك توافر الأغذية والحصول عليها واستقرارها واستخدامها، وبالمثل فإن التغذية الجيدة تعتمد على أفعال مؤثرة في جميع القطاعات مثل تحسين فرص الحصول على تغذية متنوعة، والرعاية المناسبة، وممارسات التغذية، مع تحقيق قدر كافٍ من الصحة والنظافة العامة، وإزاء هذا التحدي المتشابك، فإن أي تقدم سوف يتوقف على نظم فعالة للحوكمة، وإشراك الكثير من أصحاب المصلحة في جميع القطاعات، على أن تكون المشاركة والشفافية والمساواة والمساءلة مبادئ رئيسية في هذا الشأن. وعلى المستوى العالمي، تشكل لجنة الأمن الغذائي العالمي منطلقاً وحيداً لحوكمة الأمن الغذائي ، أما على المستويات الإقليمية والوطنية وشبه الوطنية فلابد من تصميم وتنسيق سياسات وبرامج قطاعية مختلفة بطريقة تضمن الاهتمام بها وأن تعمل باتجاه استئصال الجوع وانعدام الأمن الغذائي وسوء التغذية، وإن ارتفاع أسعار الأغذية وتقلبها وتدهور الموارد الطبيعية والعولمة والتوسع العمراني وتغير المناخ ، ليست سوى أمثلة معدودة للتحديات الهائلة التي تواجه الأمن الغذائي في أيامنا هذه حيث يمكن للآليات المعززة للحوكمة والتنسيق الفعال فيما بين القطاعات أن تحدث فرقاً حقيقياً.