عاجل

شريف طه يكتب .. اعرف ابن تيمية 4

شريف طه

ظلت جدلية العقل والنقل تمثل إشكالية في تاريخ الفكر الديني عموما والإسلامي كذلك، ففريق ينتصر للعقل وآخر للنقل، حتى جاءت أطروحة ابن تيمية الفذة حول هذه القضية، وأن التعارض لا يقع بين النقل والعقل، وإنما بين القطعي والظني، وفي هذه الحالة يجب تقديم القطعي على الظني (نقليا أو عقليا).. ولم يكتف ابن تيمية بهذا التنظير المجرد، بل دخل في تفاصيل الموضوع وناقش كل الأمثلة المتعلقة بهذه القضية، مثبتا أنه لا يتعارض نقل صحيح مع عقلي صحيح، وأن الأصول العقلية التي عورضت بها نصوص الكتاب والسنة هي أصول فاسدة مضطربة غير متماسكة، بل ومناقضة للعقل الصحيح..ولم يكتف ابن تيمية بذلك، بل أجهز بأدواته العقلية والعلمية التي من الله عليه بها على علم المنطق الارسطي الذي كان سائدا ومتسيدا، ونقضه نقضا موضوعيا، ليس من منطق تحريم دراسته كما فعل من قبله ابن الصلاح، ومن بعده السيوطي؛ ولكنه وجه نقدا موضوعيا لاقيسته ومبينا خطأ اعتماده كمنهج للمعرفة في الالهيات والطبيعيات..
هل استفاد من هذا الكلام رواد النهضة الأوربية الذين رأوا أن المنطق الارسطي وهم؟ وان المطلوب اعتماد المنهج التجريبي في العلوم الطبيعية؟! ربما.. وهو ما أحدث نهضة هائلة في الغرب، بينما أعمى التعصب أكثر أمتنا عن الاستفادة من عقل وفكر هذا المجدد العظيم، الذي لو تيسر له كيان سياسي يحمل آرائه التجديدية والإصلاحية لما دخلت أمتنا في عصور الانحطاط الذي كان تظهر بوادره ومؤشراته بقوة في زمن هذا الإمام العظيم.