عاجل

ابن تيمية المفترى عليه ...ترجمة موجزة لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله(1)

بدايةً لا بد من التنبيه إلى أن وصفَ ابن تيمية بـ”شيخ الإسلام” وصفٌ قديم من عدد كبير من كبار العلماء، وقد ألّف الإمام ابن ناصر الدين الشافعي (ت 842هـ) كتاباً حول أحقية ابن تيمية بلقب شيخ الإسلام سماه: “الرد الوافر على من زعم أن من سمى ابن تيمية شيخ الإسلام كافر”، جمع فيه شهادة أكثر من 80 إماما وعالما لابن تيمية باستحقاقه لقب شيخ الإسلام منهم: العلامة قاضي قضاة مصر والشام، محمد بن الصفي الحنفي، الإمام الذهبي الشافعي، الإمام ابن سيد الناس، الإمام السبكي، العلامة السيوطي، العلامة ابن دقيق العيد، الإمام ابن حجر، وغيرهم كثير.


الإمام أحمد بن تيمية من علماء الإسلام المشهورين بالعلم والعمل، كان ابن تيمية معروفًا بالتوسُّط والاعتدال في أمور الشريعة الإسلامية، وكان رحمه الله تعالى يحثُّ تلاميذَه على اتِّباع سنة النبي صلى الله عليه وسلم في جميع الأمور، وكان رحمه الله حريصًا على اجتماع كلمة المسلمين، وكان ابن تيمية متواضِعًا وسمحًا مع مُخالفيه؛ من أجل ذلك أحببتُ أن أُذكِّر نفسي وطلابَ العلم الكرامَ بشيءٍ من سيرته المباركة، فأقول وبالله تعالى التوفيق:

الاسم: أحمد بن عبدالحليم بن عبدالسلام بن عبدالله بن أبي القاسم بن محمد بن تيمية.


وكنيته: أبو العباس؛ (العقود الدرية، لابن عبد الهادي صـ:24).


لقب تيمية: قال الإمام الذهبي رحمه الله: حج جدُّ ابن تيمية، وله امرأة حامل، فلمَّا كان بتيماء - مدينة بين المدينة وتبوك - رأى طفلةً قد خرجت من خباء، فلما رجع إلى حران، وجد امرأتَه قد ولدت بِنْتًا، فلمَّا رآها قال: يا تيمية! يا تيمية! (يعني: أنها تشبه الطفلة التي رآها بتيماء) فلُقِّبَ بذلك.


وقال ابن النجار رحمه الله: ذكر لنا أن جدَّه محمدًا، كانت أمُّه تُسمَّى تيمية، وكانت واعظةً، فنُسِب إليها، وعُرِف بها؛ (تاريخ الإسلام، للذهبي جـ13 صـ723).


ميلاد ابن تيمية:


كان مولد ابن تيمية يوم الاثنين، عاشر ربيع الأول بحران، سنة إحدى وستين وستمائة، وقدم مع والده وأهله إلى دمشق وهو صغير؛ (البداية والنهاية، لابن كثير جـ14 صـ:142).


صفات ابن تيمية الجسمية:


قال الذهبي رحمه الله: كان ابنُ تيمية أبيضَ، أسودَ الرأس واللحية، قليلَ الشيب، شعره إلى شحمة أُذُنَيهِ، كأنَّ عينيه لسانان ناطقان، متوسِّط القامة، بعيد ما بين المنكبين، جَهْوَري الصوت، فصيحًا، سريع القراءة، تعتريه حِدَّةٌ لكن يقهرها بالحِلْم؛ (الدرر الكامنة، لابن حجر العسقلاني، جـ1 صـ:176)، (البدر الطالع، الشوكاني، جـ1 صـ:64).


فائدة هامة: الإمام ابن تيمية لم يتزوَّج؛ لأنه كان مشغولًا بالعلم والجهاد، وليس زاهدًا في سُنَّةِ نبينا محمد صلى الله عليه وسلم.

حرص ابن تيمية على طلب العلم:


(1) كان ابن تيمية منذ صغره مستغرق الأوقات في الجد والاجتهاد، وختم القرآن صغيرًا، ثم اشتغل بحفظ الحديث والفقه واللغة العربية، حتى برع في ذلك مع ملازمة مجالس الذِّكْر وسَماع الأحاديث والآثار، ولقد سمِعَ غير كتابٍ على غير شيخ من ذوي الرِّوايات الصحيحة العالية، أمَّا دواوين الإسلام الكبار؛ كمسند أحمد، وصحيح البخاري ومسلم، وجامع الترمذي، وسنن أبي داود السجستاني، والنسائي، وابن ماجه، والدارقطني، فإنه رحمه الله سمِعَ كُلَّ واحدٍ منها عدة مرات، وأول كتاب حَفِظَه في الحديث الجَمْعُ بين الصحيحين للإمام الحميدي، وقَلَّ كتابٌ من فنون العلم إلا وقف عليه؛ (الأعلام العلية في مناقب ابن تيمية، للبزار، صـ:18-17).


(2) قال ابن كثير رحمه الله: قرأ ابن تيمية رحمه الله بنفسه الكثيرَ من الكتب، وطَلَبَ الحديثَ، ولازم السَّماعَ بنفسه مدة سنين، ثم اشتغل بالعلوم، وكان ذكيًّا، كثيرَ المحفوظ، فصار إمامًا في التفسير وما يتعلَّق به، عارفًا بالفقه واختلاف العلماء، والأصلين - القرآن والسنة - والنحو واللغة، وغير ذلك من العلوم النقليَّة والعقلية، وما تكلَّم معه فاضلٌ في فنٍّ من الفنون العلمية إلا ظَنَّ أن ذلك الفنَّ فنُّه، ورآه عارفًا به مُتْقِنًا له، وأما الحديث فكان حافِظًا له مَتْنًا وإسنادًا، مُميِّزًا بين صحيحه وسقيمه، عارفًا برجاله مُتضلِّعًا من ذلك، وله تصانيفُ كثيرةٌ، وتعاليقُ مفيدةٌ في الأصول والفروع؛ (البداية والنهاية، لابن كثير، جـ14 صـ:142).