عاجل

"اللقاح وحده لا يكفي".. كيف تنتهي جائحة كورونا؟

ربما لا يوجد هناك أي مؤشر لانتهاء جائحة كورونا قريبًا، ولكن الأزمة ستنتهي آجلاً إن لم يكن عاجلاً، ألقت مجلة بوليتيكو الأمريكية في تقرير مطوّل، نُشر على موقعها الإلكتروني، الضوء على السيناريوهات المُحتملة لانتهاء الأزمة في العالم لاسيما الولايات المتحدة.


تحتل الولايات المتحدة المركز الأول من حيث عدد الإصابات بإجمالي 34 مليون حالة، والوفيات التي بلغت مليون شخص، ولا تزال الأعداد ترتفع يوميًا.


"حرب بيولوجية"

شبهت المجلة الأمريكية هجوم فيروس كورونا على الجسم بالحرب البيولوجية، وقالت "الحزم المجهرية من الحمض النووي الريبوزي (رنا) ملفوفة في بروتينات شائكة تلتصق بالخلايا البشرية وتختطفها وتستخدمها كمصنع تُعيد فيه إنتاج نفسها، ثم تتركها لكي تموت".


حرب بيولوجية يحدث فيها غزو سريع وغير متوقع تكون فيه الجراثيم على استعداد للانتقال من مُضيف إلى آخر دون تدخل يُذكر.


قالت بوليتيكو إنه بحلول نوفمبر 2021 سيتلقى مُعظم الأمريكيين جرعتين من لقاح، وسيواصلون ارتداء الأقنعة ويتجنبون التجمعات الكبيرة، وبالتالي تنخفض أعداد الإصابات بكوفيد-19 بشكل مُطرد بعد سلسلة من الزيادات المفاجئة في وقت سابق من العام، وبهذه الطريقة فقط ستنتهي الجائحة في الولايات المتحدة.


مع مرور الوقت، وكلما زادت مناعة الأمريكيين ضد كوفيد-19 من خلال التطعيم واكتساب مناعة، ومع زيادة فعالية العلاجات، سيصبح كوفيد-19 من الأمراض العادية التي يُصاب بها الأمريكيون في فصل الشتاء.



تتطلب السيطرة على الفيروس القيام بأمرين وهما إجراءات النظافة وتصنيع لقاح ناجع. يقول باول أوفيت، مدير مركز تعليم اللقاحات والطبيب المُعالج في قسم الأمراض المُعدية بمستشفى الأطفال في فيلادلفيا، إن الأمرين مُرتبطان ببعضهما البعض ولا يمكن تحقيق أحدهما دون الآخر.


"السيناريو الأكثر احتمالاً"

هذا هو السيناريو الأكثر احتمالاً لكيفية انتهاء جائحة كوفيد-19 وفقًا لمقابلات أجرتها المجلة الأمريكية مع 11 خبير رفيع المستوى. ورغم أن مستقبل الوباء لا يزال غامضًا يرى الخبراء أن لقاح واحد فعال من شأنه المساعدة على القضاء على الوباء.


يأمل الخبراء، وفقًا لبولوتيكو، أن تتم الموافقة على اللقاح في الولايات المتحدة بحلول أوائل العام المُقبل، متوقعين أن يستغرق إنتاجه وتوزيعه عدة أشهر، على أن يكون جاهزًا للتوزيع على نطاق أوسع في منتصف أو أواخر عام 2021، ومع ذلك سيكون على المواطنين الالتزام بارتداء الأقنعة الواقية (الكمامات) وتجنب التجمعات الكبيرة.


أكد الخبراء أن تصنيع لقاح لا يعني انتهاء الوباء، فهو مجرد أداة قوية أخرى لاستعمالها ضد هذا العدو الخفي.


تتناقض تصريحات الخبراء مع تأكيدات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بأن اللقاح سيكون جاهزًا قبل موعد إجراء الانتخابات الأمريكية، والتي من المُقرر عقدها في 3 نوفمبر المُقبل، والأهم من ذلك أنها تتعارض مع افتراضات الرئيس الجمهوري الذي يسعى إلى الفوز في الاستحقاق الرئاسي بأن الحياة ستعود إلى طبيعتها فور تصنيع اللقاح توزيعه.


لن ينتهي الوباء قريبًا حسب عالمة الفيروسات أنجيلا راسموسن، مُرجحة أن تستمر هذه العملية لفترة طويلة، ربما لعدة سنوات.


تختلف تقديرات الخبراء حول الجدول الزمني للتوصل إلى لقاح، ولكن يبدو أن هناك شبه اجماع على أن أعداد الإصابات قد تتراجع أو أن الفيروس قد يصبح تحت السيطرة بحلول النصف الثاني من عام 2021، وأن العالم قد يتعامل مع ما قبل كوفيد-19 بشكل طبيعي في غضون عامين.


"الفيروس يتلاشى بالتدريج"

يتوقع زيك إيمانويل، مستشار أوباما السابق ورئيس إدارة الأخلاقيات الطبية والسياسة الصحية بجامعة بنسلفانيا، أن تنتهي الجائحة في نوفمبر 2021، وأرجع ذلك إلى أنه سيكون هناك ما يكفي من مناعة القطيع في الولايات المتحدة، وبالتالي تنخفض أعداد الإصابات بالتدريج.


أوضح إيمانويل أن مناعة القطيع هي المرحلة التي يكون فيها المواطنين مُحصنين من الإصابة بالفيروس، ما يجعله غير قادر على الانتشار على نطاق أوسع.


يتوقع فلوريان كرامر، أستاذ التطعيم في كلية الطب في إيكان، أنه في وقت ما في 2021 سيقل انتشار الفيروس، وستقل أعداد الإصابات والوفيات.



يؤكد الخبراء أنه لا يمكن تحديد توقيت دقيق لانتهاء الجائحة بالتأكيد، ولكنها مسألة تتوقف على العديد من الأمور مثل عدد الأشخاص الذين يستمرون في ارتداء الأقنعة ويلتزمون بتدابير التباعد الاجتماعي، وكذلك سرعة إجراء اختبارات كوفيد-19 وإتاحتها على نطاق واسع.


قال عالم الأوبئة مايكل أوسترهولم، مدير مركز أبحاث وسياسات الأمراض المعدية في جامعة مينيسوتا، إن انتهاء الوباء سيتوقف بصورة رئيسية على مدى فعالية اللقاح وعدد الأشخاص الذين يرفضون التطعيم.


إلى متى ستستمر المناعة؟

يتوقع أوسترهولم أنه يمكن الوصول إلى مناعة القطيع بالتطعيم، ولكن السؤال الأهم وفقًا لعالم الأوبئة هو إلى متى ستستمر المناعة، مؤكدًا أن هذا هو الأمر الأكثر أهمية الذي ينبغي أن يعمل العلماء والباحثون على فهمه في الوقت الحالي.


قال عالم الأوبئة: "لا يمكن التعامل مع أي شيء مرتبط بكوفيد-19 بيقين، لأن لا شيء مؤكد حول مستقبل هذا الوباء".


"المسافات والكمامات قبل اللقاح"

الوباء لم ينتهِ بعد، وبعيد كل البعد عن الانتهاء. قالت بوليتيكو إن عدد الإصابات بكوفيد-19 يرتفع في أكثر من 19 ولاية، وسجلت الولايات المتحدة في يوم واحد فقط الأسبوع الماضي أكثر من 40 ألف حالة جديدة وأكثر من 1000 وفاة.


يستبعد الخبراء أن تنخفض هذه الأرقام في وقت قريب، ولكن عالم الأوبئة مايكل مينا، الأستاذ في جامعة هارفارد، يرى أن الأوضاع قد تتغير مع رغبة الناس في البقاء بمنازلهم في فصلي الخريف والشتاء.


تؤكد الزيادة المُطردة في عدد الإصابات أن الأمريكيين لن يعيشوا حياة طبيعية قبل تصنيع لقاح، وفي هذه الحالة سيتحتم الاستمرار في ارتداء الأقنعة والحفاظ على المسافات، حسبما تؤكد إميلي لاندون، كبيرة علماء الأوبئة في جامعة شيكاجو، لذا يجب تجنب التواجد في أماكن مثل المطاعم والتي لا يمكن ارتداء الكمامات بداخلها.


فيما تؤكد لاندون أن ارتداء الكمامات وتدابير التباعد الاجتماعي يلعبان دورًا حاسمًا في مواجهة الفيروس.


"استخفاف بالعملية"

وفقًا للحكومة الأمريكية فإنه تم بالفعل تصنيع مئات الآلاف من الجرعات، لكن وفق التقارير الأخيرة الصادرة عن مركز السيطرة على الأمراض والوقاية منها (سي دي سي) فإن بضعة ملايين جرعة من لقاحين رائدين، يُعتقد أنهما اللقاحين اللذان تعمل عليهما شركتا مودرينا وفايزر، ستكون متاحة في البداية وستقدم إلى العاملين الأساسيين والأشخاص الأكثر ضعفًا.


يتوقع عدد كبير من الخبراء من بينهم مدير مركز السيطرة على الأمراض (سي دي سي) أن تُتاح اللقاحات على نطاق واسع في أواخر ربيع أو صيف العام المُقبل، وهو ما اعتبره إيمانويل استخفاف بمدى صعوبة تصنيع الجرعات وتوزيعها.


وأشار إيمانويل، في تقرير نشره مركز التقدم الأمريكي هذا الصيف، إلى وجود فجوات كبيرة في عملية تصنيع اللقاح، بما في ذلك العجز المُحتمل عن الإنتاج والحقن والتعبئة والتغليف، على سبيل المثال يجب تخزين اللقاح الذي تعمل عليه شركة فايزر في درجة حرارة تقل عن 70 درجة مئوية تحت الصفر، ولا يوجد مركز طبى مجهز لذلك، حسب إيمانويل.


ورغم أن الأطباء لا يستطيعون فعل شيء للتعامل مع تلك الأزمات، يقترح مركز السيطرة على الأمراض أن تستعد الدول لتوزيع الجرعات في المستشفيات والعيادات المتنقلة.


ينبغي التأكد من تلقّي الأمريكيين جرعتين من نفس اللقاح لمدة أربعة أسابيع. وبصرف النظر عن مدى سلاسة وكفاءة العملية الحكومية الضخمة، يعتقد إيمانويل أنها لن تنطلق قبل نوفمبر 2021، وذلك إذا كانت الحكومة الأمريكية تتمتع بـ"مهارات إدارية ولوجستية جيدة"، بحسب قوله. وأضاف: "لا دليل حتى الآن على أن هذه الإدارة (إدارة الرئيس دونالد ترامب) لديها القدرة على ذلك".


بعد توافر اللقاح، يقول إيمانويل:"علينا أن ننتظر لإثبات فعاليته".


إذا حلّ عام 2021 وحصل الأمريكيون على جرعتين من اللقاح، فإن الخطوة التالية ستعتمد إلى حدٍ كبير على عاملين: مدى فعالية اللقاح وعدد الأشخاص الذين يحصلون عليه.


الهدف من اللقاح أن يكون فعالًا وواسع الانتشار بما يكفي لسكان الولايات المتحدة ليبلغوا عتبة مناعة القطيع- وهي النقطة التي يمكن للأمريكيين نظريًا عندها خلع كماماتهم بأمان وحضور الفعاليات الرياضية الكُبرى.


"فعالية اللقاح"

لكن الخبراء ليسوا متفائلين بأن لقاحات الجيل الأول ستكون فعّالة للغاية في منع انتقال العدوى. يقول مايكل كينش، مدير مراكز ابتكار الأبحاث في مجال التكنولوجيا الحيوية واكتشاف الأدوية بجامعة واشنطن في سانت لويس: "إن احتمالية تحقيق نجاح كبير في البداية عند الخفافيش منخفضة للغاية".


ولم تضع إدارة الغذاء والدواء الأمريكية "إف دي إيه" معايير عالية للغاية؛ فقد أشارت إلى أن أي لقاح مُعتمد يجب أن يمنع كوفيد 19 أو يقلل من شدته بنسبة 50 بالمائة على الأقل لدى من تم تطعيمهم، لكن هذا يعني أن أكثر من 50 بالمائة من السكان يمكنهم الاستمرار في نقل العدوى.


بدون لقاح عالي الفعالية، تحتاج الدولة إلى معدلات تطعيم عالية نسبيًا. ومع ذلك، يقول ثلثا الأمريكيين إنهم لن يحصلوا على اللقاح عندما يكون متاحًا لأول مرة - ويقول ربعهم إنهم لن يحصلوا عليه أبدًا. يخشى العديد من العلماء من أن الكثير من الناس سيرفضون الحصول على جرعتين من اللقاح بسبب انعدام الثقة أو الخوف من عدم وصول أمريكا إلى مستوى عالٍ من الحماية، ناهيك بمناعة القطيع.


يقول إيمانويل: "على ما يبدو، أن جرعات لقاح كوفيد 19 ستسبب لك بعض الحمى، وبعض القشعريرة، وتجعلك تشعر بقليل من الإنفلونزا. لكن ما يقلقني هو أن لدينا الكثير من الأشخاص الذين تم تحصينهم جزئيًا فقط بجرعة واحدة".


هناك أيضًا مشكلة التوزيع المتساوي داخل الولايات المتحدة. قد تشهد بعض الأماكن مثل بوسطن، بصناعتها الطبية القوية، معدلات تطعيم عالية للغاية، في حين قد ينتهي الأمر بولايات مثل أيداهو وكولورادو، ذات معدلات التطعيم الأقل ضد الحصبة، بدون حماية سكانها تاركة إيّاهم مُهددين بمزيد من الأمراض. الأمر الذي يُمثل خطرًا بشكل خاص على مجتمعات السود، حيث تسبب فيروس كورونا في خسائر فادحة.


يقول كينش: "إذا كان التحصين يجري بشكل فعّال، فهذا يعني أنه بالإمكان العودة إلى العمل بشكل طبيعي. ولكن هذا بافتراض أننا حصلنا حصلنا على اللقاح الموزّع بشكل متساوٍ. واللقاحات لا يتوزّع عادة بالتساوي. وهذا يعني أنه يُمكن أن تظهر بؤر مثل التي رأيناها في مقاطعة مارين وأماكن أخرى مصابة بالحصبة [حيث] لا يزال يتفشى المرض".


فيما رأى بول أوفيت، مدير مركز اللقاحات في مستشفى الأطفال في فيلادلفيا، أن "50 بالمائة [فعالية] ليست بالقليل. لكنها لن تُمكّن الأشخاص من حضور المسرح أو الاسترخاء في حمام السباحة المفضل. لست متأكدًا أن الناس على دراية بذلك".


وتابع: "ما يقلقني في هذا هو أن الناس سيفكرون على هذا النحو: (عظيم. لقد حصلت على اللقاح. حسنًا حسنًا. يمكنني الآن الانخراط في نشاط عالي الخطورة). وهذا من شأنه أن يعيدنا إلى نقطة الصفر".


وأضاف توم فريدين، المدير السابق للمركز الأمريكي السيطرة على الأوبئة والوقاية منها (سي دي سي): "أعتقد أنه حتى ومع توافر لقاح، لن تعود المُصافحات وسيستمر ارتداء الكمامات مُستقبلًا".


مفتاح اكتشاف ما يمكن تحقيقه باستخدام اللقاح، بحسب لاندون، هو الصبر. قالت: "عليك أن تتعامل مع اللقاح بنفس سياسة ارتداء الكمامات. أنت تضع سياسة مفادها بأن الجميع يجب أن يرتدوا كمامات ثم تنفذ نسبة من الناس ذلك".


على المنوال ذاته، أوضحت لاندون أنه عندما "تعطي لقاحًا للناس، سيحصل نسبة معينة فقط من الناس عليه بالفعل. بعد ذلك، عليك أن تنتظر لترى ما إذا كانت إصابات ووفيات كوفيد -19 ستنخفض، الأمر الذي يستغرق حوالي شهرين بعد تلقي الأشخاص لجرعاتهم - بضعة أسابيع حتى يطوّر الناس مناعة، ثم من 4 إلى 6 أسابيع حتى تُترجم هذه الحماية إلى أرقام".


تقول لاندون: "إذا انخفضت الحالات، فحينئذٍ أعتقد أنه يمكننا السماح للأشخاص بتناول الطعام داخل المطاعم. وبعد ذلك تظل الأرقام منخفضة رغم دعوة الأشخاص للعودة إلى المطاعم."


في نهاية المطاف، إذا لم تعاود البلاد الفتح بسرعة كبيرة جدًا، "يمكننا أن نجد أنفسنا في موقف مُشابه لما هو عليه في الصين، وتايوان، حيث يُحتمل أن يكون لدينا عدد محدود من بؤر كورونا هنا وهناك، ولكن يمكن للغالبية منا العودة لممارسة معظم الأشياء التي ألفنا القيام بها. يمكن حضور بعض الحفلات والتجمعات".


وتعتقد لاندون أنه بإمكاننا الوصول إلى هذه المرحلة بحلول ربيع عام 2021 ، لكن الأمر سيستغرق عامين لهزيمة الوباء.


الأمر كله يتعلق بعدد الأشخاص المُحتمل أن يكونوا مُصابين بكوفيد 19. أوضحت لاندون أنه "إذا بلغت نسبة الإصابة في شريحة سكانية معينة 2.5 بالمائة، كما هو الحال في العديد من المجتمعات، وهناك شركة بها 100 شخص، فيُحتمل أن يكون هناك شخصان أو ثلاثة مُصابين بالمرض".


وتابعت: "بمجرد أن تكتشف الشركات ذلك، سيقرر مسؤولوها العمل عن بُعد قدر الإمكان. ولكن إذا أدركت أن واحدًا فقط من بين كل ألف شخص سيكون مُصابًا بكوفيد 19، ويكون هناك 100 شخص معًا في مكان واحد، مُلتزمين بارتداء الكمامات، فهذا يعني أنه لن يمرض أحد".


ستستغرق هذه العملية وقتًا أطول على الصعيد الدولي. يهدف تحالف المنظمات الدولية - التحالف العالمي للقاحات والتحصين (جافي)، ومركز التأهب للأوبئة، ومنظمة الصحة العالمية - إلى شراء ونشر ملياري لقاح في أكثر مناطق العالم المُهدّدة الآن في عام 2021. لكن منظمة "أوكسفام" حذرت مؤخرًا من أن 61 بالمائة من سكان العالم لن يحصلوا على لقاح حتى عام 2022 على الأقل، في الوقت الذي لا تستحوذ فيه البلدان الغنية على النسبة الأكبر. وفق المنظمة، حجزت البلدان الغنية التي تمثل 13 بالمائة من سكان العالم بالفعل بأكثر من نصف إمدادات اللقاحات المرشحة الرائدة.


يتوقع إيمانويل أن تفتح البلدان السفر الدولي فور حصولها على اللقاحات، ولكنه يُرّجح أن "يستغرق الأمر بضع سنوات أو ثلاث سنوات من إجادة إعادة الحياة الطبيعية إلى سابق عهدها بكل كامل، على صعيد السفر الدولي".


"نظرة قاتمة"

وفي نظرة تبدو أكثر قتامة، توقّعت راسموسن أن يعيش العالم مع كوفيد 19 إلى الأبد، حتى بعد التلقيح. قالت: "أعتقد أن الكثير من الناس يعتقدون أن اللقاحات تقضي تلقائيًا على الفيروسات. لكنها في الحقيقة لا تفعل ذلك. حتى الآن ، تم القضاء رسميًا على فيروسين فقط".


في المقابل، يعتقد خبراء عدة أنه إذا كانت معدلات التطعيم عالية بما يكفي، سيكون كوفيد 19 أمرًا روتينيًا في المستقبل، ويُصبح بالإمكان التحكم فيه، ليكون مجرد فيروس آخر يتمتع الأمريكيون بدرجة معينة من المناعة ضده.


يقول كرامر: "من المحتمل جدًا أن يُصيب فيروس كوفيد 19 السكان الذين تم تلقيحهم بأضرار طفيفة جدًا".



إذا تبين أن الحماية من اللقاحات تضاءلت في غضون عام أو نحو ذلك، كما يتخوّف بعض الناس، فقد ينتهي الأمر بالأمريكيين بالحصول على جرعة معززة من كوفيد 19 سنويًا إلى جانب لقاح الإنفلونزا، وهو ما تتوقعه لندن. أو قد تصبح اللقاحات أكثر متانة بمرور الوقت.


يقول كينش، الذي يعتقد أننا سنشهد لقاحات متواضعة في المستقبل القريب: "من خلال الطريقة التي رأينا بها اللقاحات الأخرى تاريخيًا، يمكن للقاح أن ينجح ثم يتحسّن تدريجيًا بشكل أفضل في غضون من 3 إلى 5 سنوات".


علاوة على ذلك، فثمة الكثير من التساؤلات حول مدة استمرار المناعة ضد المرض؛ لا سيّما مع إصابة بعض ضحايا كوفيد 19 بالفعل مُجددًا بعد تعافيهم منه. ويعتقد العديد من المتخصصين في الأمراض المعدية أنه حتى لو تراجعت مناعة الشخص بعد الإصابة - كما هو الحال بالنسبة لفيروسات كورونا الأخرى - فمن المحتمل أن تكون الإصابات المستقبلية، في المتوسط، أضعف من أول مرة.



في الواقع، فإن الإصابة بكوفيد 19 سيكون جزءًا مهمًا للحماية منه. يقول مايكل مينا، الأستاذ في جامعة هارفارد، "في النهاية، يوجد عدد كافٍ من الأشخاص ذوي المناعة القليلة، سواء كان ذلك من خلال تلقيحهم أو إصابتهم بالمرض مرة واحدة. ومن ثمّ فإنه وعند إصابتك مُجددًا بعد التعافي، ستتعزز مناعتك بشكل طبيعي، ولن تتأذّى".


وأضاف: "لنفترض أن شخصًا ما سيبلغ الستين من العمر بعد 5 أعوام. هذا يعني أن عمره الآن 55 عامًا. قد يحصل على لقاح العام المُقبل ورُبما يتعرض للإصابة. بحلول الوقت الذي يبلغ فيه عامه الستين، قد يكون أُصيب بالمرض مرتين أو ثلاث مرات. لذا فإنه لن يُصبح مُهددًا بعد ذلك الوقت لأنه سيكون اكتسب ما يكفي من الذاكرة المناعية".


ويتصوّر كرامر أنه على المدى الطويل، سيتم تطعيم الأشخاص أو تُنقل إليهم العدوى عندما يكونون أطفالًا، مما يؤدي إلى تعزيز مناعتهم. "وبحلول الوقت الذي يكونون فيه حقًا في الفئة الأكثر عُرضة للخطر، والتي تبدأ في الخمسين، يُعتقد أنهم لن يصابوا بمرض حاد بعد الآن، لكنهم قد يُصابون بالزكام".