عاجل

ديباجة الدستور

الباحث في كتب اللغة يجد أن الديباجة تعني المقدمة المصاغة بأسلوب حسن ، التي تمهد لما يأتي بعدها . وقد احتوت غالبية دساتير دول العالم علي ديباجة تمهد لمتونها ، فالأصل في الدساتير هو احتوائها علي ديباجة ، والاستثناء هو خلوها منها . والديباجة مادامت هي المدخل الرئيسي لمتن الدستور، فإنها تجد في نصوص مواد ذلك المتن امتدادا طًبيعياً لًمعظم ما ورد فيها . وبالتالي فهي تحمل نفس المعنى الذي يحمله الدستور نفسه . وقد تنوعت أساليب صياغة ديباجة الدساتير علي النحو التالي : - أسلوب الصياغة علي شكل مواد . - أسلوب الصياغة باستخدام الترقيم بالأرقام رقماً وكتابة أًو بالأحرف . - الأسلوب الإنشائي المطول أو الموجز . - اعتماد أسلوب يجمع بين أسلوبين أو أكثر في الصياغة . وقد اختلف الفقه الدستوري في تحديد القيمة القانونية لديباجة الدستور ، وبرزت الاتجاهات الآتية : - الاتجاه الأول: يعطي مقدمة الدساتير قيمة قانونية أعلى من قيمة القواعد الدستورية . - الاتجاه الثاني : إنكار كل قيمة قانونية للمقدمة ، واعتبارها تعكس مبادئ فلسفية مجردة من أية قيمة إلزامية تقيد السلطة التشريعية أو التنفيذية أو القضائية ، وكل مالها هو قيمة معنوية وأدبية . - الاتجاه الثالث : أعطى مقدمة الدستور قيمة قانونية تعادل قيمة النصوص الدستورية الأخرى التي يتضمنها الدستور . - الاتجاه الرابع : يفرق ما بين النصوص التقريرية القانونية التي تتميز بأنها محددة ، ومن ثم فهي قابلة للتطبيق الفوري ، يستطيع الأفراد المطالبة بها دون حاجة ما لتدخل المشرع لينظم كيفية التطبيق ، والنصوص التوجيهية المنهجية التي تتميز بأنها غير محددة ، فهي تمثل أهدافاً يعمل النظام السياسي علي تحقيقها ، أو هي أصول فلسفية تصور روح الجماعة وضميرها ، وتعمل علي توضيح معالم النظام الذي يجب أن يسود في المجتمع ، وعلى هذا الأساس فإن الأفراد لا يستطيعون المطالبة بتطبيقها ، إذ يقتضي الأمر أن يتدخل البرلمان فيبين كيفية وضعها موضع التطبيق . ويميل أغلب الفقه الدستوري العربي إلى تأييد الاتجاه الذي يرى أن لديباجة الدساتير قوة قانونية ملزمة تعادل قوة النصوص الدستورية الأخرى التي تتضمنها ، ومما يؤكد هذا الرأي اعتبار المجلس الدستوري الفرنسي في قراره عام ١٩٧١ أن الديباجة جزء لا يتجزأ من الدستور ، وذلك للأسباب الآتية : - أن الديباجة ومتن الدستور يعبران عن إرادة واحدة هي إرادة السلطة المؤسِسة ، وصادرين في وثيقة واحدة هي الدستور . - شمول المقدمة بتعديلات الدستور . - امتداد مبدأ سمو الدستور إلى مقدمته . - أن تطبيق الرقابة علي دستورية القوانين من حيث مطابقتها ليس فقط لنصوص مواد الدستور وإنما لنص ديباجته أيضاً. - أن الديباجة تلزم النصوص الأخرى الواردة في الدستور التي تليها في أن تكمل ما ورد فيها وأن تؤسس علي أساسها. ومن أهم ما تتناوله الديباجة من مواضيع ما يلى : • تحديد الفلسفة التي يعتمدها النظام السياسي . • تحديد شكل وأسلوب نظام الحكم . • تحديد أهم أهداف النظام السياسي الآنية والمستقبلية في مختلف الميادين . • بيان أهم مبادئ المجتمع الأساسية . • التذكير بظلم العهود السابقة والإشادة بالتضحيات المقدمة من قبل أبناء الشعب في سبيل تحقيق الاستقلال والحرية . • التأكيد علي وحدة الدولة شعباً وإقليماً وسيادة . • التأكيد علي الوحدة الوطنية رغم التنوع . • بيان الاهتمام بحقوق الإنسان وحرياته. • التعبير عن الالتزام بالمبادئ الأساسية للقانون الدولي العام . • بيان الأسباب الموجبة لصدور الدستور .