عاجل

نصائح في قضية الغَلَاء مقال للدكتور ياسر برهامي


الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

1- قال النبي صلى الله عليه وسلم لما غلا السعر بالمدينة: (‌إِنَّ ‌اللَّهَ ‌هُوَ ‌الْمُسَعِّرُ الْقَابِضُ الْبَاسِطُ الرَّازِقُ، وَإِنِّي لَأَرْجُو أَنْ أَلْقَى اللَّهَ وَلَيْسَ أَحَدٌ مِنْكُمْ يُطَالِبُنِي بِمَظْلَمَةٍ فِي دَمٍ وَلَا مَالٍ) (رواه أبو داود والترمذي، وصححه الألباني).

فلقد كان الغلاء يحدث على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم تكن نهاية العالم، ولا تدمير المجتمع؛ فاشهدوا قدرة الله عز وجل على أمر الغِنَى والفقر، والغلاء والرخص، واحتسبوا، واقتصدوا، فالقصد القصد تبلغون النجاة.

2- قال النبي صلى الله عليه وسلم: (يَا مَعْشَرَ الْمُهَاجِرِينَ ‌خَمْسٌ ‌إِذَا ‌ابْتُلِيتُمْ بِهِنَّ، وَأَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ تُدْرِكُوهُنَّ: لَمْ تَظْهَرِ الْفَاحِشَةُ فِي قَوْمٍ قَطُّ، حَتَّى يُعْلِنُوا بِهَا، إِلَّا فَشَا فِيهِمُ الطَّاعُونُ، وَالْأَوْجَاعُ الَّتِي لَمْ تَكُنْ مَضَتْ فِي أَسْلَافِهِمُ الَّذِينَ مَضَوْا، وَلَمْ يَنْقُصُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ، إِلَّا أُخِذُوا بِالسِّنِينَ، وَشِدَّةِ الْمَئُونَةِ، وَجَوْرِ السُّلْطَانِ عَلَيْهِمْ، وَلَمْ يَمْنَعُوا زَكَاةَ أَمْوَالِهِمْ، إِلَّا مُنِعُوا الْقَطْرَ مِنَ السَّمَاءِ، وَلَوْلَا الْبَهَائِمُ لَمْ يُمْطَرُوا، وَلَمْ يَنْقُضُوا عَهْدَ اللَّهِ، وَعَهْدَ رَسُولِهِ، إِلَّا سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ عَدُوًّا مِنْ غَيْرِهِمْ، فَأَخَذُوا بَعْضَ مَا فِي أَيْدِيهِمْ، وَمَا لَمْ تَحْكُمْ أَئِمَّتُهُمْ بِكِتَابِ اللَّهِ، وَيَتَخَيَّرُوا مِمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ، إِلَّا جَعَلَ اللَّهُ بَأْسَهُمْ بَيْنَهُمْ) (رواه ابن ماجه والحاكم، وصححه الألباني). 

فالذنوب هي سبب البلايا والمحن، والمصائب المتتابعة، والخَرَاب "ولو كانت مِن المترفين"، قال الله عز وجل: (وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا ‌مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا) (الإسراء: 16)؛ فكيف إذا كانت في كلِّ طبقات المجتمع؟!

فالتوبة والاستغفار والرجوع إلى الله؛ خاصة ونحن مقدِمون على رمضان أعظم علاج لهذه المحن.

3- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (اللَّهُمَّ مَنْ ‌وَلِيَ ‌مِنْ ‌أَمْرِ ‌أُمَّتِي شَيْئًا فَشَقَّ عَلَيْهِمْ فَاشْقُقْ عَلَيْهِ، وَمَنْ ‌وَلِيَ ‌مِنْ ‌أَمْرِ ‌أُمَّتِي شَيْئًا فَرَفَقَ بِهِمْ فَارْفُقْ بِهِ) (رواه مسلم). ولفظ: (شَيْئًا) نكرة في سياق الشرط؛ فهو عام في كلِّ ولاية حتى أصغر الولايات والمسئوليات، إلى أكبرها؛ فالرفق عباد الله ببعضكم، واحذروا المشقة على المسلمين فلا تحمِّلوا الضعفاء وحدهم أزمة الغلاء؛ لكي تنجوا بأنفسكم، بل تَشَاركوا معًا في تحمُّل أعباء الأزمة، وكونوا عباد الله إخوانًا.

4- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لَا ‌يَحْتَكِرُ ‌إِلَّا ‌خَاطِئٌ) (رواه مسلم)؛ فليحذر التجار، وأصحاب المصانع والمخازن، وغيرهم مِن حبس السلع، وأخطر من ذلك: حبس العملات الأجنبية، وأخطر من ذلك: جمعها؛ لإضعاف الاقتصاد العام، ومَن يأملون في هدم النظام، وتخريب الوطن والمجتمع من خلال الأزمة أولى الناس بهذه الخطايا.

5- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ الْأَشْعَرِيِّينَ إِذَا ‌أَرْمَلُوا فِي الْغَزْوِ، أَوْ ‌قَلَّ طَعَامُ عِيَالِهِمْ بِالْمَدِينَةِ، جَمَعُوا مَا كَانَ عِنْدَهُمْ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ، ثُمَّ اقْتَسَمُوهُ بَيْنَهُمْ فِي إِنَاءٍ وَاحِدٍ بِالسَّوِيَّةِ، فَهُمْ مِنِّي وَأَنَا مِنْهُمْ) (متفق عليه)، فتقاسم الأزمة، والتعاون بين أفراد المجتمع، ورعاية الفقراء منهم، واقتسام الضرر، واقتسام الحاجيات الضرورية؛ هو مِن أسباب ولاية رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.

6- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (‌إِذَا ‌ظَهَرَ ‌الزِّنَا ‌وَالرِّبَا ‌فِي ‌قَرْيَةٍ ‌أَذِنَ ‌اللَّهُ فِي هَلَاكِهَا) (رواه أبو يعلى بإسنادٍ صحيحٍ عن عبد الله بن مسعود)، وفي رواية: (ما ظَهرَ في قومٍ الزِّنا أوِ الرِّبا؛ إلا أحَلُّوا بأنفُسِهِمْ عذابَ اللهِ) (رواه أبو يعلى، وحسنه الألباني)؛ فلننظر إلى عاقبة مَن يدعو إلى الفواحش "خاصة اللواط"، ويريد نشرها في العَالَم، والسعيد مَن وُعِظ بغيره.

فلنحافظ على العفاف، وتقوى الله عز وجل في مجتمعنا.

7- وأخيرًا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الرَّاحِمُونَ ‌يَرْحَمُهُمُ الرَّحْمَنُ ارْحَمُوا مَنْ فِي الْأَرْضِ يَرْحَمْكُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ) (رواه أبو داود والترمذي، وصححه الألباني).