عاجل

  • الرئيسية
  • تقارير
  • القبض والتحقيق مع المستشار الخضيري.. مسألة قضائية أم محاكمة سياسية لثورة 25 يناير

القبض والتحقيق مع المستشار الخضيري.. مسألة قضائية أم محاكمة سياسية لثورة 25 يناير

مسلسل القبض على معارضي السلطة الانتقالية، لم يتوقف على رموز ومؤيدي التيار الديني بما فيهم الإخوان، ولكل من ارتبط بهم سياسيًا خلال الفترة السابقة، وإنما بدأ ينال شخصيات لها ثقلها السياسي في معارضة الاستبداد السلطوي قبل 25 يناير، وساهمت بأدوار مؤثرة بتلك الثورة وإسقاط مبارك. ما يحمل نقلة نوعية في الصراع السياسي الدائر حاليًا ستزيد حتمًا من الاستقطاب السياسي، وما حدث من اعتقال للمستشار محمود الخضيري مساء الاثنين، يحمل مؤشرًا على هذه النقلة التي نتحدث عنها. فالرجل لم يكن نائب رئيس لمحكمة النقض، ورئيس اللجنة التشريعية بمجلس الشعب المنحل، وأحد رموز تيار استقلال القضاء فحسب، وإنما كان أيضًا مشاركًا بقوة في ثورة 25 يناير رغم سنه، ولم يغادر ميدان التحرير طيلة أيام الاعتصام به، وأحد القضاة الذين تصدوا بقوة لممارسات نظام مبارك السياسية والقضائية. ما يضع علامة استفهام أكبر أن الرجل بحسب أوامر الضبط والإحضار متهم في قضية مضى عليها عام ونصف، تتعلق بحضوره ليس مشاركته في تعذيب 11 شخصًا والتحريض على العنف بوسط القاهرة وليس في الإسكندرية مسقط رأسه ومكان إقامته، وأن تحرك الدعوة شاركت فيها النيابة العامة بالتعاون مع الأمن الوطني، ليس من لهم حق الإدعاء المدني. فلا المكانة القضائية للرجل أو سنه يسمحا بما حدث، ما يضع علامة استفهام كبيرة، وهل المسألة مجرد إجراء قضائي بحت، أم جزءًا من مساعي أكبر تجري لمحاربة وتشويه ثورة 25 يناير ومن شارك فيها بوصفها مؤامرة سياسية على مصر..؟! فمن جانبه استنكر المستشار وليد شرابي منسق حركة قضاة من أجل مصر، اعتقال المستشار الخضيري، وتلفيق اتهامات باطلة له وصفها بالمضحكة سياسيًا، مؤكدًا: أنه من الشخصيات البارزة التي كان لها ثقل واحترام من الجميع، وأنه من الفئة القليلة التي استطاعت الاستحواذ على إجماعًا بين السياسيين والقانونيين لكفاءتها بالعمل والمشهود لها بالوطنية، من الشخصيات القليلة أيضًا التي كان تأثيرًا مباشرًا على شباب ثورة 25 يناير بسبب حضوره بالميدان. اعتبر شرابي، أن وجود الخضيري الآن في دائرة اتهامات سلطة الانقلاب سببه نقده المتواصل لسلطة الانقلاب، بسبب تدهور الأوضاع القائمة وغياب المصالحة السياسية، ما جعل من الطبيعي حسب رأيه أن يكون مصدر خطورة على سلطة الانقلاب. فالعقلية واحدة لدى السلطة في التعامل مع معارضيها الاعتقال والتشويه السياسي، في إعادة استنتاج لممارسات دولة مبارك حسب توصيفه. إلا أن ما يعرف المستشار يدرك أنه رغم سنه رجل يتسم بصلابة الموقف والقدرة على المواجهة. وفي رأيه أن التنكيل المتواصل بمعارضي السلطة ينم عن ضعف سياسي أكثر من اعتباره مظهر من مظاهر قواتها. وعلى مواقعه على فيسبوك، دعا شرابي للاحتشاد الجماهيري لنصرة المستشار الخضيري، بوصفه مصدر من مصادر إلهاب الشارع ضد السلطة القائمة. وأيدت هذا الموقف عائشة الشاطر، ابنة المهندس خيرت الشاطر، نائب المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين، التي أكدت إن معركة السلطة الحالية ليست ضد جماعة الإخوان المسلمين وإنما ضد من لديه ضمير حي لوطنه، وكل مدافع عن الحق أيا ما كان. وأضافت عبر صفحتها الشخصية على موقع فيسبوك: مازال بعضهم يتابع المشهد ويقول لك إنها حرب على الإخوان، فتغلق القنوات وهو مازال يري أنها حرب على الإخوان، وتكمم أفواه الحقيقة وهو يرى أنها حرب على الإخوان، وتغلق المساجد وتقيد الحريات وهو مصر على أنها حرب على الإخوان، ويعتقل كل من له صوت مؤيد للحق وكان آخرهم المستشار الخضيري. كما أدان المستشار أحمد مكي وزير العدل الأسبق طريقة الاعتقال التي تعرض لها المستشار محمود الخضيري, وأكد أن اعتقال تم بطريقة غير مألوفة بالنسبة للقضاة ولقيمته كأحد شيوخ القضاة، مؤكدًا أن حالته الصحية وسنه والعلاقة التي تربطهما لا تسمح لشخص المستشار الخضيري بارتكاب جريمة تعذيب المواطنين التي وجهت إليه. ولفت إلى أنه تلقى مكالمة هاتفية قبل اعتقاله أبلغه فيها بحضوره جلسة التحقيق مع أعضاء قضاة من أجل مصر المحالين للجنة التأديب والصلاحية في اليوم التالي بدار القضاء العالي. ما يضع علامات استفهام إضافية حول توقيت الاعتقال. كما شن حزب مصر القوية هجومًا على السلطة الانتقالية بسبب تلك الحادثة، أكد بيان الحزب، أن الأمم دومًا ما تفخر برجالها الذين يقفون للحاكم الجائر ليفضحوه ويكشفوا تزويره وفساده مهما عرضهم ذلك من متاعب ومصاعب. من هؤلاء الذين كشفوا فساد مبارك ورجاله وأعوانه شيخ القضاة المستشار الجليل محمود الخضيري الذي كان نضاله مع رفقائه من قضاة الاستقلال خطوة على طريق تحقيق ثورة ٢٥ يناير. كما كان متوقعا من مشهد الثالث من يوليو; فإن الغالب على مشهد سلطة الثورة المضادة الحالية هو الانتقام من كل رموز ثورة يناير ومحاولة تشويههم والإساءة إليهم من خلال توجيه اتهامات غير جادة في معظمها من خلال جهاز أمن الدولة الذي عاد بكل سوءاته لتلفيق الاتهامات وحبس الشرفاء. كما أدان الحزب طريقة التعامل الأمني مع الخضيري، وحبسه أربعة أيام على ذمة التحقيقات دون مراعاة لسنة أو حالته الصحية مع الاستمرار في ذات الوقت في تجاهل قضايا فساد لبعض أتباع نظام مبارك المعروفين! كما علقت على مَن يقول إنه ليس من الإخوان ولكنه مدافع عنهم قائلة: يكفيهم اعترافهم أنه مجرد مدافعته عن الإخوان سبب في اعتقاله واتهامه، حتى ولو كانت الحقيقة في كونه مدافعًا عن الحق أياً كان لا عن الإخوان، إنهم لن يدركوا حقيقة المعركة والتي لا تستهدف الإخوان فقط إلا بعد قدوم الدور عليهم ولكن بعد فوات الأوان. في المقابل كان لدى القوى الثورية التي شاركها الخضيري الأمل في التغيير، رأي مخالف، حيث اعتبر هيثم الخطيب المتحدث باسم تيار الشراكة الوطنية : أننا لا نستطيع أن ننكر دور الرجل خلال حكم مبارك، وتصديه الكبير لمكافحة تغول السلطة التنفيذية على مثيلتها القضائية ودره التاريخي كأحد رموز استقلال القضاء في مصر الذين شاركوا في الثورة، ولكنه للآسف كنا نأمل أن يبقي بمنأى كقاضي ورجل عدالة له تاريخ مضيء عن الصراع السياسي الدائر الآن بين الدولة والإخوان، وانحيازه لصف الإخوان في صراعهم مع الدولة. بسبب هذا الانحياز من السهل أن تلصق به أكثر من تهمة، ولكننا نأمل من قضائنا المصري الشامخ أن يدرك قيمة رجل من قضاته وأن انخرطوا في الصراع السياسي حسب توصيفه. موقف أكد عليه محمد جمال النفراوي عضو جبهة 30 يونيه، ولكنه مضى أبعد من وجهة النظر السابقة، بقوله للبوابة: كنا ننظر للرجل نظرة احترام وتقدير لدوره في حركة استقلال القضاء، وثورة يناير، إلا أنه بعد ذلك بدأت تصرفاته وتصرفات الحركة تصب في خانة دعم الإخوان، فهدف الحركة والمستشار الخضري من إعادة هيكلة المؤسسة القضائية تمكين الإخوان من السيطرة عليها. واتهم النفراوي الخضيري وحركة قضاة من أجل مصر بالعمل لصالح الإخوان وإصباغ المشروعية القانونية على ممارساتهم وقراراتهم طوال فترة حكمن الرئيس المعزول محمد مرسي بما فيها أحداث الاتحادية. فيما ذهب دعاء خليفة عضو حركة تمرد أبعد كثيرًا، وأكدت للبوابة أن القبض على المستشار الخضيري كانت خطوة جريئة وجيدة، بالرغم من تقديري لمكانة الرجل القانونية وكبر سنه، إلا أن الحركة لها تحفظات عديدة على مواقف وتصرفات الرجل بالفترة الأخيرة، ومحاولته المستميتة لتحقيق المصالحة الوطنية وتهديداته بأنه لو لم تتم تلك المصالحة مع الإخوان سوف تحدث تغييرات كبيرة في الشارع لغير صالح السلطة، ونحن نرفض إصدار تلك التهديدات حسب توصيفها. وأبدت دهشتها في كيفية الدعوة لمصالحة سياسية مع الإخوان، وفي كل يوم تسال فيها الدماء بالشارع بين الشرطة والجيش. واعتبرت أن ما يحدث الآن من عمليات للقبض على مؤيدي الإخوان خطوة جيدة للاستقرار، فلآبد للسلطة من الضرب بحديد لكل من يحاول تهديد الوطن واللعب بمقدرات مصر.

اقرأ أيضاً