عاجل

مدفن "العليقات الصحى" ينشر سمومه فى 4 قرى

خطوات قليلة تفصل المدفن الصحى بالقليوبية عن عزبة الثروة المعدنية ومحطة الإرسال الإذاعى الرئيسية التابعة لمركز الخانكة «الطريق الأسفلت» هو الفاصل بين مصدر الوباء والأمراض والأهالى الذين يسكنون هذه المنطقة منذ نصف قرن من عام 1948 وحتى الآن. ما أن تطأ قدمك أرض عزبة الثروة المعدنية حتي تشعر بأنها مهجورة لا حياة فيها، فالمنازل مغلقة والنوافذ موصدة ومغلقة من الخارج بإحكام بقطع من البلاستيك هوائها لا يختلف كثيرًا عن الهواء المحيط بالمدفن غير الصحى والمنبعث من داخله رائحة القمامة الكريهة تفوح داخل شوارع القرية تجعل عملية التنفس صعبة للغاية، فمنازل العزبة متلاصقة لا يزيد ارتفاعها على طابقين وتبدأ المنازل بعد 10 أمتار من المدفن. معاناة السكان داخل أول منزل إلي جوار الطريق الأسفلت تسكن فاطمة عبدالمقصود العشماوى 70 عاماً، وتقول: «عائلتي من أوائل من سكنوا عزبة الثروة المعدنية منذ قرابة 40 عاماً، ثم تزوجت وأنجبت 4 أبناء تزوجوا جميعاً داخل المنزل بعد بعض التوسعات الصغيرة وتوفى والدهم بعد البدء في العمل بالمدفن منذ حوالى 13 عاماً أي بعد البدء بالمدفن بعام واحد لإصابته بالربو ولازمته أزمات التنفس ليدخل في غيبوبة لا يفيق منها ووصل أعداد الأربع عائلات إلى 18 فرداً منهم 9 أطفال. وتضيف: الهواء غير نقى ولا يتحمله أهالي العزبة حتي أصبحنا زائرين مترددين باستمرار علي المستشفيات. تحولت مساكن القرية إلي خنادق تغلق بعد وصول سكانها من أعمالهم خاصة أن الكلاب الضالة التي اتخذت من المدفن مأوي لها كثيراً ما تتجول داخل شوارع العزبة مهددة صغارها وكبارها بشراستها. محمد المصرى يروي أن بعض الكلاب الضالة تجمعت حول طفلة صغيرة من أطفال العزبة وحاولت مهاجمتها إلا أن النيران التي استخدمها هو وزوجته أخافتها لتعود إلي المدفن ويبقي الخطر موجوداً يهدد جميع من يسكنون العزبة ويؤكد أن الأهالى طلبوا مرات عديدة بنقل المدفن بعيداً عن المنطقة السكنية، إلا أن القائمين علي إدارة المدفن الصحي أنكروا وجود رائحة تنبعث من داخله تؤذى السكان ولكنهم وعدوا أن تنتهي مشكلة كثيرة وجود الكلاب الضالة ولكن بلا تنفيذ. واتهم أحمد عزت الطامبولى أحد أهالى عزبة الثروة المعدنية أن القائمين على المدفن الصحى بالإضرار بالصالح العام لأنهم يؤجرون المقلب لأصحاب قطعان الأغنام ويتربحون من وراء ذلك. والمصيبة تكمن في أكل لحوم الأغنام التي ستكون هلاكاً للبشر. وأكد المتخصصون بأن المنطقة في خطر نتيجة تحلل مادة الحجر الجيرى، مع مخلفات القمامة فينتج «غاز الميثان» الذي يعمل علي تلوث التربة المائية والمياه الجوفية علي مساحة حوالي 2 كيلو متر مربع من جميع الجهات حيث توجد ترعة الإسماعيلية علي بعد حوالى 500 متر فقط وجميع مصادر مياه الشرب التي يعيش عليها الأهالى علي بعد 400 متر من المدفن الصحى. علي الجانب الآخر فقد تسبب وجود المدفن في كارثة محققة، حيث أغلق مستشفى الهيئة القومية لسكك حديد مصر بأبو زعبل التي كانت من المفترض تعالج أهالى المنطقة التي يزيد عدد سكانها علي 40 ألف نسمة وتم الصرف لبناء هذه المستشفي حتي التشطيب إلي أكثر من 40 أو 50 مليون جنيه حيث تم بناؤها علي مساحة 6 آلاف متر تقريباً. ولكن لم يتم افتتاح هذه المستشفي حتي تاريخه نتيجة وجود مسابك الرصاص بالمنطقة علي بعد حوالى 50 متراً فقط والمدفن الصحي علي بعد 300 متر، حيث تلوثت أجواء المنطقة بالروائح الكريهة ورائحة المسابك والرصاص والشبة المتطايرة مع الهواء وتعد المنطقة غير صحية ولا يصلح أن يقام فيها مستشفى ليؤكد أن المدفن كارثة بيئية حيث يدخل المدفن يومياً حوالى 2862 طناً من القمامة. والأغرب من ذلك قامت المحافظة بالبدء في إنشاء 140 وحدة سكنية علي بعد 150 متراً من المدفن الصحى. والغريب أن نفس المخاطر التي تواجه عزبة الثروة المعدنية هي نفس المخاطر التي سوف تقابل المدينة السكنية الجديدة.