رصدت مجلة "الإيكونوميست" البريطانية الأوضاع المأساوية بمخيم "اليرموك" للاجئين الفلسطينيين في سوريا، قائلة إنهم عانوا بما فيه الكفاية. وأعادت إلى الأذهان - في تقرير على موقعها الإلكتروني - كيف ظل مخيم اليرموك جنوبي دمشق بمثابة عاصمة فلسطين في المنفى على مدى ستة عقود، منوهة عن أن تاريخ المخيم الفلسطيني الأكبر بين 59 مخيما يعود إلى زمن إخراج الفلسطينيين من أراضيهم عام 1948، وعما كان المخيم ينعم به من استقرار، يشعر معه سكانه الفلسطينيين بحسن الضيافة ويتمتعون بكافة الحقوق كأنهم يعيشون في فلسطين بجزء من سوريا. ولفتت المجلة في هذا السياق إلى اختلاط السوريين بأهل المخيم وإتقانهم لهجتهم ليزداد تعداد هؤلاء من 160 ألف إلى نحو 500 ألف. ولفتت إلى اتخاذ المخيم موقفا حياديا عندما اشتعلت الحرب الأهلية في سوريا.. لكن سرعان ما ثبت أن الحفاظ على الحيادية أمر مستحيل عندما رأى مقاتلو المعارضة المخيم بمثابة بوابة جنوبية إلى دمشق، حيث تتمترس القوات النظامية ونظر كلا من جانبي الصراع إلى الفلسطينيين المدنيين بالمخيم باعتبارهم ضيوف غير مرغوب فيهم يحتلون ساحة المعركة. ونبهت المجلة إلى أنه "ما أن دخله مقاتلو المعارضة حتى أعلن النظام اليرموك مخيما تحت الحصار وسرعان ما انتصبت كمائن التفتيش من حوله وأغلقت كافة مداخله وتم قصف مواقع مقاتلي المعارضة.. وعندما يئس مقاتلو المعارضة حكمت محاكمهم "الشرعية" بشنق المشتبه في تعاونهم مع النظام من أبناء المخيم ليفر معظم أهالي المخيم إلا نحو 18 ألفا ممن لم يجدوا ملجأ وصل بهم البؤس إلى أن أكلوا مضطرين القطط والكلاب والحمير مستخدمين خشب الأثاث في طهيها". ومضت الإيكونوميست تقول إنه "بعد عام من الحصار، اتفق الأخوة المتقاتلون على وقف مؤقت لإطلاق النار بوساطة رئيس السلطة الفلسطينية بالضفة الغربية التي تسيطر عليها إسرائيل محمود عباس". ولفتت المجلة إلى أن الاتفاق يدعو كافة الأطراف إلى سحب القوات والسماح للجنة تمثل أطيافا متنوعة من الفصائل الفلسطينية بملء الفراغ، راصدة احتفال حركة "فتح" أكبر الحركات الفلسطينية بعودة مسئوليها إلى أماكنهم في سوريا بعد غياب امتد زهاء 30 عاما، منذ إعلان حافظ الأسد ومن بعده ابنه بشار دعمهما لحركة "حماس" المعارض الرئيسي لفتح. ونقلت المجلة البريطانية عن عمال الإغاثة الذين يقفون على أطلال اليرموك القول "إنه لم يبق شيء يذكر يمكن العودة إليه.. أصيب كثير من الأطفال بالكساح نتيجة سوء التغذية لوقت طويل.. تفحمت أكف الكثيرين جراء محاولاتهم الاستدفاء على ألسنة اللهب.. لا يزال وقوع الاشتباكات على نحو متقطع وأعمال القنص تعوق وصول أعمال الإغاثة المتقطعة بالأساس". وأردفت المجلة تقول "طالما تشبث الفلسطينيون بسوريا كطوق نجاة.. وقد عانوا في مخيمات لبنان الويلات وتعرضوا للمجازر.. وفي أوقات مختلفة تعرضوا للطرد من العراق والكويت.. أخضعتهم إسرائيل بالاحتلال..لكن سوريا قدمت لهم وطنا بديلا فضّل معه الكثير ممن سكنوا مخيم اليرموك التشرد في سوريا على مغادرتها صوب بلد آخر" وبحسب إحصائيات الأمم المتحدة لم تترك غير نسبة 15 بالمئة من فلسطينيي اليرموك سوريا؛ وذلك في جزء منه لأنهم غير مرغوبين لدى الحكومات المجاورة، بحسب المجلة. ومع ذلك، فإن الوضع بدأ في التغير مؤخرا؛ فمع ازدياد الأحوال سوءا اضطر أهل اليرموك من الفلسطينيين إلى ركوب البحر المتوسط صوب شواطئ أوروبا قاصدين اللجوء.. متمنين لو أن لهم وطنا خاصا بهم يذهبون إليه.