اعتبرت صحيفة "فاينانشيال تايمز" البريطانية أن العقوبات أصحبت وسيلة أخرى لمن يرغب في شن حرب..مشيرة في الوقت ذاته إلى أن هذا الأسلوب له سجل نجاح يختلف من حالة إلى أخرى. وذكرت الصحيفة - في سياق تقرير نشرته اليوم الاثنين على موقعها الإلكتروني - أنه في أعقاب تحرك القوات الروسية لتدخل شبه جزيرة القرم الشهر الماضي، حذرت الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي من أن روسيا ستواجه عقوبات دولية صعبة. وقالت الصحيفة إن إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما تحدثت عن عزل روسيا عن أجزاء الاقتصاد العالمي كعقاب على ضم القرم وتحذيرا كذلك بشأن الإقدام على المغامرات العسكرية. وأضافت الصحيفة أنه على الرغم من الحماس في الولايات المتحدة، إلا أن تاريخ العقوبات له سجل مختلف النتائج بلا جدال في تغيير سلوك الدول التي لديها تصميم، خاصة عندما يتعلق الأمر بالاحتلال العسكري ، ونقلت الصحيفة عن دانيل درزنر، الأستاذ بجامعة "توفتس" الأمريكية وخبير العقوبات، قوله "لن تجبر العقوبات روسيا على الخروج من منطقة القرم". وأوضحت الصحيفة أن الولايات المتحدة لديها حاليا 24 برنامجا مختلفا للعقوبات مثل كوت ديفوار وبيلاروسيا وسوريا وشركات متورطة في الحرب على الألماس. غير أنه مع مطلع تسعينيات القرن الماضي، بدا الدعم للعقوبات وكأنه يتضاءل، حيث أن العقوبات التجارية الواسعة التي نفذت ضد دول مثل العراق وكوبا اعتبرت على نطاق واسع أنها باءت بالفشل ، ففي العراق سمحت تلك العقوبات للنظام في حقيقة الأمر بتعزيز قبضته على الحكم عن طريق منحه مزيدا من السيطرة على من يقوم بالعمليات التجارية وفتح فرصا كثيرة أمام الفساد، في حين لم تتمكن خمسة عقود من العقوبات في إسقاط فيدل كاسترو ونظامه. وتابعت الصحيفة القول "إن الإدارة الأمريكية في عهد الرئيس بيل كلينتون بدأت في تقديم "العقوبات الذكية"، وهي إجراءات تستهدف أفرادا وكيانات محددة وليس السكان بالكامل، حيث طالت أعضاء الحكومة الصربية ثم استخدمت العقوبات لمنع الوصول إلى الحسابات البنكية لتجار المخدرات في أمريكا الجنوبية". واستطردت الصحيفة قائلة إنه عقب هجمات الحادي عشر من سبتمبر، وصلت إدارة الرئيس الأمريكي السابق جورج دبليو بوش بالعقوبات ذات الأهداف المحددة إلى مستوى جديد عن طريق التركيز على النظام المالي العالمي فمن خلال دور أمريكا الرئيسي في الأسواق المالية، أمكن لوزارة الخزانة الأمريكية توجيه البنوك الدولية سواء بالتعامل بالدولار الأمريكي أو التعامل مع البنك المستهدف. وأشارت الصحيفة إلى أن الكثير من هذه الوسائل الجديدة استخدمت في الأعوام الأخيرة ضد إيران، وهو ما يعد أحد النجاحات الكبيرة لسياسة العقوبات الأمريكية. ولفتت الصحيفة إلى أنه،مع ذلك، فإنه برغم علاقة الحب بين واشنطن والعقوبات، لا تزال هناك أسئلة كبرى بشأن ما إذا كانت ستؤثر فعلا على الطريقة التي تتعامل بها روسيا وزعيمها فلاديمير بوتين في الأسابيع القادمة. ونوهت الصحيفة إلى أن الأمر المشجع في العقوبات ذات الأهداف المحددة هو قدرتها المفترضة على تنمية الاستياء بين الحكومة المستهدفة وأنصارها. وأوضحت الصحيفة أن العقوبات لا حدود لها فهي تستهدف بشكل متزايد جماعات وأفرادا وليس الدول وحكامها.. ضاربة المثل على ذلك بحركة طالبان في أفغانستان والزعماء السابقين لدول البلقان وليبيا والعراق وكوت ديفوار كما يخضع للقيود أعضاء تنظيم القاعدة وغيره من الجماعات الإرهابية. وأشارت الصحيفة إلى أن بعض العقوبات تستهدف القتلة المزعومين لرئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري، في حين تركز أخرى على شبكات جماعات إجرامية تزود بالمخدرات. ونوهت الصحيفة إلى أنه في الوقت الذي لم يكن فيه استخدام سلاح المقاطعة الطويلة ضد الفكر الكوبي له تأثير كبير ويبقى تأثير العقوبات في إنهاء نظام التمييز العنصري في جنوب أفريقيا محل نقاش ، جاءت عقوبات الولايات المتحدة وكندا والاتحاد الأوروبي برد فعل انتقامي من جانب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ضد مسئولين أمريكيين وكنديين بارزين ، فإن القيود المالية المتصاعدة ساعدت في دفع المحادثات النووية الإيرانية، فيما لا تزال هناك إجراءات متزايدة ضد منع الانتشار النووي بالنسبة لكوريا الشمالية.