عاجل

  • الرئيسية
  • تقارير
  • هيمنة المحافظين وتهميش الإصلاحيين في ماراثون الانتخابات الإيرانية.. إلى أين؟

هيمنة المحافظين وتهميش الإصلاحيين في ماراثون الانتخابات الإيرانية.. إلى أين؟

يتوجه الناخبون الإيرانيون غداً الجمعة لاختيار رئيسهم السابع وسط حالة من الشكوك حول إمكانية الإصلاح أو التغيير، بعد انحسار المنافسة بين خمسة من المرشحين المحافظين الموالين للمرشد الأعلى علي خامنئي، بعد انسحاب المرشح السادس غلام علي حداد عادل وهم: علي أكبر ولايتي، ومحمد باقر قاليباف، ومحمد غرضي، ومحسن رضائي، وسعيد جليلي، ويبقى احتمال إجماع المحافظين على اسم واحد قائما حتى اللحظة الأخيرة. هؤلاء الخمسة مرشحون في مواجهة شرسة مع المرشح الوحيد المنتمي للتيار الإصلاحي وهو حسن روحاني، بعد انسحاب محمد رضا عارف لصالح المرشح المقرب من رفسنجاني وهو حسن روحاني، مما يعني بوضوح أن أصوات التيار الإصلاحي ستوجه بقوة نحو روحاني الذي يُعرِّف نفسه بالمعتدل غير المتحزب، والذي يسعى إلى منح التيار الإصلاحي القدرة على الاستمرار. وفي حقيقة الأمر، فإن الانتخابات الرئاسية الإيرانية هي من الانتخابات المعروف نتائجها مسبقاً، كونها تم هندستها لتؤكد استمرار سيطرة المحافظين على مفاصل الدولة مع تهميش التيار الإصلاحي الذي تم تجفيف منابعه منذ ثماني سنوات مضت، أي مع نهاية حكم الرئيس الإصلاحي محمد خاتمي. وفي هذا الإطار يمكن التأكيد على حقيقة أن النظام الإيراني يتجه إلى التشدد من خلال الملامح التالية: أولاً: جاء قرار مجلس صيانة الدستور باستبعاد كل من هاشمي رافسنجاني وإسفنديار رحيم مشائي، الخليفة المفضل لدى الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد، كاشفاً عن رسالة قوية من المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي، أنه لن يتسامح مع أي انتقاص من سلطته، وهو عازم على تجنب ذلك النوع من الاحتكاك الذي اتسمت به علاقاته بالرؤساء السابقين، وخاصة أحمدي نجاد، والذي شهدت رئاسته في الفترة الأخيرة تصادماً مستمراً بينه وبين سلطات المرشد الأعلى، ومن أبرز الأمثلة على ذلك محاولة نجاد في عام 2011، إقالة حيدر مصلحي، حليف خامنئي، من منصبه كرئيس لجهاز الاستخبارات، ولكنه لم يفلح، فضلاً عن محاولات نجاد تقليص الموارد الموجهة إلى مؤسسات دينية بعينها، وتحدى المؤسسة الاقتصادية العسكرية الأكثر قوة في البلاد (الحرس الثوري الإسلامي). ثانياً: من أبرز المرشحين المدعومين من قبل المرشد على خامنئي، علي أكبر ولاياتي، وزير خارجية إيران السابق ومستشار المرشد الأعلي للشئون الدولية علي مدار16 عاما، ويتفوق علي أقرانه في نفس التيار من حيث الخبرة السياسية والدبلوماسية، ويعد ولاياتي من أشد الموالين للمرشد. أما المرشح الآخر المدعوم من المرشد هو سعيد جليلي، كبير المفاوضين النووين الايرانيين وأمين المجلس الأعلي للأمن القومي ويصفه المراقبون بأنه "خيار المرشد" بسبب ولائه الشديد له وتشدده في الدفاع عن مبادئ الثورة الاسلامية والبرنامج النووي الايراني ومعاداته لأمريكا، وهو المرشح الأصغر سنا للانتخابات الرئاسة الإيرانية. فضلاً عن المرشح المحافظ محمد باقر قاليباف، عمدة العاصمة طهران وهو يرتبط بصلة وثيقة بمؤسسة الحرس الثوري، وقد خاض انتخابات الرئاسة في عام2005 وحصل على المركز الرابع، وهو من أشد المعارضين لسياسات الرئيس الحالي أحمدي نجاد، ومن ثم قد تكون نتيجة الانتخابات محسومة لصالح أحد هؤلاء الثلاثة مرشحين، الأمر الذي يكشف عن تغول سلطة المرشد على باقي سلطات الدولة. ثالثاً: خلقت هذه الأوضاع حالة المخاوف والشكوك وعدم الاهتمام من قبل الناخبين الإيرانيين، الأمر الذي لابد أن ينعكس على العملية الانتخابية برمتها، فقد تنخفض نسبة المشاركة السياسية، وعزوف المواطنين مع شيوع حالة من اللامبالاة بنتيجة هذه الانتخابات كونها لا تغير من واقع الحياة السياسية شيئاً واستمرار التهميش الممنهج والتعمد لكل ما هو إصلاحي ينشد التغيير ودخول المعارضة في خريطة الواقع السياسي المعاش في إيران. رابعاً:حاجة الآلة الانتخابية الإصلاحية إلى جهد وفير لإقناع مؤيدييها بالتصويت لصالح روحاني، خاصة أن البعض يعتبره مجرد سياسي طموح يريد الاستفادة من ظروف الغياب القسري للقيادات المعارضة الكبيرة، ولكن وجوده داخل المنافسة قد يوفر فرصة تاريخية للإصلاحيين وطيف رفسنجاني لتحقيق عودة تدريجية إلى الساحة السياسية، برغم حالة التشاؤم لدى الرئيس الإيرني السابق خاتمي من نتائج الانتخابات. ويشير المراقبون والمتابعون للشأن الإيراني إلى أن سماح مجلس صيانة الدستور لروحاني بالتنافس مع بقية مرشحي التيار المحافظ، يندرج ضمن هدفين أساسيين،الأول: إسباغ نوع من التسخين والتنافس على العملية الانتخابية برمتها، وذلك من أجل جلب أعلى نسبة من المشاركة إلى صناديق الاقتراع. والثاني: تقديم صورة إيجابية للخارج توحي بمشاركة جميع الأطياف والتيارات السياسية في انتخابات الرئاسة الإيرانية، وأبرز دليل على هذا التفسير تلك التحذيرات التي وجهها مجلس صيانة الدستور لحسن روحاني، والمضايقات التي تعرضت لها حملته، بما في ذلك اعتقالات طالت بعض الناشطين من أنصاره. خامساً: مع استمرار التوتر الدائم بين الغرب وإيران بشأن ملفها النووي، والتأثيرات السلبية للعقوبات الاقتصادية الدولية على إيران، بات واضحاً أن النظام الإيراني راغباً في شخصية رئاسية موالية للمرشد ولا ترغب في الخروج عن طوعه على الأقل في الفترة القليلة القادمة، بحيث تصبح مهمة الانتخابات الرئاسية هي الكشف عن اسم من التيار المحافظ مؤهل للعمل بانسجام مع مؤسسة المرشد والأجهزة التابعة لها، وإخراج النظام من تعارض ثنائية المرشد مقابل الرئيس، وقد يكون هذا الاسم على الأرجح هو أحد الثلاثة: علي أكبر ولايتي، سعيد جليلي، أو محمد باقر قاليباف. ومع كل ذلك تبقى المفاجآت واردة في نتائج الانتخابات الرئاسية الإيرانية، خاصة لو أعلن كل من الرئيسين السابقين هاشمي رافسنجاني ومحمد خاتمي تأييد المرشح الدكتور حسن روحاني، الأمر الذي قد يقلب طاولة التوقعات رأساً على عقب. وأياً كانت النتائج المتوقعة للانتخابات الرئاسية الإيرانية، فإنه يمكن القول أن مستقبل النظام السياسي سوف يكتنفه الكثير من الغموض والتحديات، إذ أنه في حالة فوز مرشح محافظ، ستكون فرصة معارضيه قوية على المدى القريب، الأمر الذي يدفهم إلى الاحتشاد والتكتل والسعي للتغيير من خارج بيئة النظام، وفي حالة فوز المرشح الإصلاحي، سوف يستمر الصراع والمواجهة بين سلطات الرئاسة وسلطات المرشد الأعلى للثورة الإيرانية.

اقرأ أيضاً