أصبحت الهواتف والأجهزة الذكية جزءًا أساسيًا من الحياة اليومية، حيث يقضي الكثير منا ما يقرب من ربع حياته في التفاعل معها، في خضم عالم مليء بالتطبيقات.
وتظهر الأبحاث أن هذه التطبيقات تستغل مبدأ "النقر على الأزرار"، وهو سلوك فطري بدأنا فيه منذ الطفولة (تحاكي حاجة فطرية لدى الإنسان للضغط على الأزرار أو العناصر التفاعلية).
على سبيل المثال، تم تصميم تطبيقات مثل "واتس آب" و"انستغرام" و"ماسنجر" لتبدو كأزرار، ما يحفزنا على الضغط عليها بشكل تلقائي. وتستفيد هذه التطبيقات من رغبتنا المستمرة في التفاعل مع الأشكال التي تذكرنا بالأزرار الفعلية.
وكشف فريق من علماء النفس كيف تم تصميم التطبيقات الشهيرة، مثل "واتس آب" و"انستغرام" وX وSpotify، لجذبنا إليها ما يجعلنا نستخدمها أكثر مما ندرك.
وأشارت الدكتورة داريا جيه كوس، أستاذة علم النفس في جامعة نوتنغهام ترينت، إلى أن هذه التطبيقات تستخدم رموزا وأيقونات مألوفة، ما يجعلها بارزة في أذهاننا ويزيد من احتمال تفاعلنا معها.
وأضاف الدكتور غاي أولسون، الباحث في علم النفس بجامعة ماكغيل في كندا، أن العديد من الشركات تقوم باختبارات لاختيار الأيقونات الأكثر جذبا للمستخدمين وزيادة التنزيلات.
وأفادت خبيرة دولية في الصحة الرقمية، بأن "الرموز الجذابة مثل الأشكال المستديرة والتظليل تجعلنا نرغب في النقر على الأيقونات، ما يرفع من فرص استخدام التطبيق".
وقالت إن الأيقونات مثل الحرف "F" في "فيسبوك" تظهر في مربع مستدير، ما يجذب المستخدمين للنقر عليها. أما في تطبيق أمازون، فيشكل السهم المبتسم رمزا وديا يتماشى مع موضوع التسليم، بينما في "إنستغرام"، يثير رمز الكاميرا الحنين إلى الماضي ويشجع على التفاعل.
أما بالنسبة لتطبيق X الذي أطلقه إيلون ماسك، فقد تم تصميمه ليحتوي على رمز X كبير يجذب أصابعنا كما لو كان مهبطا للطائرات الهليكوبتر.
وهذا التصميم، إلى جانب الرموز الأخرى التي تتبع المبدأ نفسه، يهدف إلى جذب انتباه المستخدمين بشكل متكرر.
ويعتقد العلماء أن هذه التصاميم ليست مجرد صدف، بل هي استراتيجيات مدروسة، حيث تثير الرموز مثل الأزرار الرغبة في النقر، وهو سلوك يعود إلى مراحل الطفولة، حتى عندما نعلم أنه ليس من المفترض الضغط عليها.
وتقول الأستاذة راشيل بلوتنيك من جامعة إنديانا بلومينغتون: "الأزرار تشجع الاستهلاك"، مضيفة أن الضغط على الأزرار يرتبط دائما بالمتعة والإشباع الفوري، وهو ما يجعل هذه التطبيقات أكثر إدمانا.
ومؤخرا، ربطت دراسة نشرت في المجلة الدولية للبحوث البيئية والصحة العامة، بين الاستخدام المفرط للهاتف الذكي والإرهاق.
وتظهر الدراسات كيف أصبحت تطبيقات الهواتف جزءا لا يتجزأ من حياتنا، حيث لا تقتصر فوائدها على الاتصال والترفيه، بل تساهم في زيادة الاستهلاك الرقمي، ما يجعلنا ندمن النقر على الأزرار والمشاركة بشكل غير واع.