عاجل

ثمن الوفاء!!

أنا سيدة متعلمة تجاوزت الأربعين بقليل، رزقني الله بجمال الظاهر رغم أني أعاني من شلل الأطفال في إحدى قدمي والحمد لله على كل حال، بدأت رحلة عذابي منذ 15 سنة عندما تقدم لي شاب من أسرة محترمة وافق عليه أهلي رغم ضيق حاله وارتضيت أن أعيش في بيت أهله في بداية حياتنا وأن أقف بجواره حتى يفتح الله عليه. كنت أشعر ساعتها أنني أميرة قد اختطفها فارس أحلامها على جواد أبيض، ولم أكن أدري ما يخبئه لي القدر، أحببت زوجي حبا شديدا بكل ما تحمله الكلمة من معان، وسرعان ما أثمر زواجنا بطفلي الأول، ورغم أني أصبت بمرض السكر في هذا الحمل إلا أن سعادتي بأسرتي الصغيرة لم يكن يعادلها شيء. لم أجد في زوجي غير عيب واحد، كان يفتقد الطموح والرغبة في النجاح، وأعتقد أن ذلك بسبب ما نشأ عليه من اعتماد تام على والده، ولأنني أحببته فقد تغاضيت عن هذا العيب، بل أعتقد أني قد ساهمت في تضخم هذا العيب فيه عندما حرصت على أن أعمل وأن أساعده بمرتبي، لاسيما بعد أن تزوج والده إثر وفاة والدته من امرأة أخرى فانقطعت عنا مساعدته. بدأت الحياة تضيق مع إهمال زوجي في عمله الخاص، وبدأت تتراكم عليه بعض الديون، ولم أدخر وسعا في إعانته بكل ما أملك والرضا يملأ قلبي، حتى أنني قبلت أن أوقع على بعض الشيكات كضامن له حتى أساعده في اجتياز هذه الأزمة، وقد كان المقرضون يثقون في أكثر لأن لي وظيفة حكومية فكانوا يصرون على أن أوقع كضامن له، ورغم ذلك لم يرتدع زوجي عن الإهمال في عمله حتى تراكمت ديون كثيرة علينا ونصحنا البعض بأن يسافر زوجي إلى دولة عربية حتى يستطيع سداد كل هذه الديون. وبالفعل سافر زوجي تاركا لي طفلين و"كوم" من الديون، وفي الغربة فتح الله عليه وبدأ في إرسال بعض المال لسداد هذه الديون، ولكن طاقة الأمل ما لبثت أن أغلقت مرة أخرى وفوجئت بزوجي يخبرني أنه تورط في قضية اختلاس وتم الحكم عليه بالسجن هناك، فاضطررت أن أقترض مرة أخرى بعد أن عافاني الله من ديون المرحلة السابقة، وأرسلت له ما اقترضته حتى يسدد دينه. ورجع بعد ذلك إلى مصر ولم يلبث معنا إلا بضعة شهور وأخذ يسعى للسفر مرة أخرى بحجة جمع المال لسداد ديني الذي تسبب فيه، وبالطبع استدنت له مبلغا إضافيا حتى يستطيع السفر، وبعد سفره انقطعت عنا أخباره لمدة 8 أشهر لم نعرف عنه فيها أي شيء ثم اتصل علينا وقال إنه سيعود خلال أيام وبالفعل فوجئت به يتصل بي من المطار ويخبرني أنه تم القبض عليه هناك بسبب الاشتباه به في قضية شيكات، فذهبت إلى الجهات المختصة وقمت بعمل الإجراءات اللازمة للإفراج عنه، وعندما ذهبت لأحضره من المطار قال لي إنه سيمكث في مصر لأسبوع واحد ثم سيعود من حيث أتى، وعندما وصلنا إلى البيت اكتشفت قدرا رسالة جاءته من امرأة تبث فيها أشواقها له وتطالبه بسرعة الرجوع إلى البلد التي أتى منها! هوى قلبي إلى القاع، ومر شريط حياتي معه أمام عيني، ووجدت نفسي عاجزة عن أي رد فعل تجاه هذه الصدمة، واجهته بالرسالة فطأطأ وجهه وسكت، طلبت منه الطلاق بهدوء، فوافق بنفس الهدوء، وذهبنا إلى المأذون الذي دبرت أجره من بعض صديقاتي وتنازلت له عن كافة حقوقي، وانتهى كل شيء وتركني وسافر من جديد تاركا إياي هذه المرة مثقلة بدين يتجاوز الثلاثين ألف بالإضافة للطفلين! أعرف أنك ستلومني وستلقي علي بتبعات كل ما حدث، فأنا التي قبلت من البداية الارتباط بزوج يعتمد على أهله بشكل كامل، وأنا التي وافقت على العمل لمساعدته، وأنا التي قبلت أن أستدين من أجل أن أسدد دينه وأنقذه مما يورط فيه نفسه، وأنا التي رفضت أن أصغي لنصائح من نصحوني بعدم التمادي في مساعدته، حتى والده نصحني بالانفصال عن ولده ولكني تمسكت به حتى النهاية، ولم أفعل ذلك إلا بدافع حبي لزوجي والد أبنائي ووفائي له حتى وصل بي الحال إلى ما قرأت! ولم أكن أعلم أن هذا هو ثمن الوفاء!! لا أكتب إليك طلبا لمساعدة مادية، مع أن راتبي لن يكفي لسداد ديوني ومعاش أسرتي الصغيرة في نفس الوقت إلا بصعوبة بالغة، ولكني أكتب إليك لتستفيد كل بنت مقبلة على الزواج من تجربتي، ولتدقق كل أسرة في من يتقدم للارتباط بابنتهم، وليكن معيار التدين وتحمل المسئولية هو ما تبحث عنه الأسرة التي تريد لابنتها الحياة السعيدة.