على الرغم من احتفال الأوساط الطبية والعلمية الفرنسية برئاسة (أنطونى فوس) مدير المعهد الوطنى للحساسية والالتهابات الفرنسى بمرور 30 عاما على اكتشاف فيروس الإيدز، إلا أن هذا المرض مازال يشكل تهديدا للبشرية ولاتزال العدوى بفيروسه من أهم التحديات في مجال الصحة العامةعلى المستوى الدولى ، خاصة فى الدول منخفضة ومتوسطة الدخل . ويصاب حوالى 34 مليون شخص فى العالم، نتيجة لعدم التوصل لعلاج مناسب له أو مصل للوقاية منه ، حيث لم يأت المصل الذى سبق التوصل اليه بنتيجة إيجابية. ولا يفرق المرض ضمن ضحاياه بين الفقير والغني، والنكرات والمشاهير، والبسطاء من الناس والنبلاء الأرستقراطيين، والصغار في السن والبالغين أرذل العمر، والشاذين جنسيا والمدمنين، والأصحاء الرياضيين، والسياسيين أصحاب الحل والربط، وشخصياتهم، وتكوينهم النفسي والجسدي ولون بشرتهم، ولغتهم وديانتهم، وأوطانهم وانتماءاتهم الأيديولوجية من الممكن أن يكونوا ضمن المصابين بالإيدز وقد يتسبب في وفاتهم. وللعلم فإن هذا الداء اللعين ما انفك يعتبر من التابوهات التي تتحفظ المجتمعات بما فيها الأكثر تقدما في الحديث عنها والبوح بسر الإصابة بها باعتبارها من المعوقات الجسمانية والاجتماعية. والإيدز من الأمراض الفيروسية التى تسبب اعتلالا خطيرا فى جسم الانسان ناتج عن عجز مقدرة أجهزة المناعة في الجسم على مقاومة الكثير من الأمراض ، وغالبا ما يقود هذا المرض في نهاية المطاف إلى الموت. وتعني كلمة "إيدز "متلازمة عوز أو نقص المناعة المكتسب ، ويشير اسمه إلى حقيقة أنه يصيب جهاز المناعة لدى المريض . ورغم أن بعض الباحثين كانوا يتابعون حالات هذا المرض منذ عام 1959 ، إلا أن أول اكتشاف للإيدز كان في أمريكا في عام 1981 ، ثم تتابع تشخيص حالات هذا المرض في جميع أنحاء العالم. الفيروسات التى تسبب الايدز ويسبب مرض الإيدز فيروسان في مجموعة الفيروسات التي تدعى الفيروسات الخلفية (الريتروفيرس)، وكان أول اكتشاف لهذا الفيروس لباحثين فرنسيين فى عام 1983 وباحثين امريكيين في عام 1984 ، وفي عام 1985 اطلق عليه فيروس نقص المناعة المكتسبة، ويهاجم هذا الفيروس بصورة أساسية كرات الدم البيضاء التي تؤدى دورا هاما وظيفة جهاز المناعة ، وداخل هذه الخلايا يتكاثر الفيروس محطما الوظيفة الطبيعية في جهاز المناعة فيصبح المصاب عرضة للإصابة بأمراض جرثومية معينة قد لا يصاب بها الشخص العادي أو قد لا تكون ممرضة بطبيعتها. ومن الممكن أن يكمن فيروس الإيدز في جسم الإنسان لعشر سنوات أو أكثر بدون أن يحدث أي مرض ، كما أن نصف الأشخاص المصابين به لا يظهر لديهم أعراض مصاحبة لأمراض أخرى تكون في العادة أقل خطورة من الإيدز. أعراض الايدز وبوجود عدوى الإيدز فإن هذه الأعراض تطول وتصبح أكثر حدة وهذه الأعراض تشمل تضخما في الغدد اللمفاوية وتعبا شديدا، وحمى وفقدان شهية وفقدان الوزن بصورة حادة وتدهور في الصحة العامة للإنسان والإسهال والعرق الليلي ، وقد يصيب المخ محدثا خللا في التفكير والإحساس والذاكرة والحركة والاتزان. وحدد الباحثون ثلاث وسائل لانتقال فيروس الإيدز من شخص لاخر وهى الاتصال الجنسي والدم الملوث وانتقال الفيروس من الأم الحامل إلى الجنين ، وبدراسة حالات الإيدز اتضح أن الفيروس لا ينتقل عبر الممارسات الاجتماعية غير الجنسية مثل الانتقال عبر الهواء أو الغذاء، أو الماء أو الحشرات أو الملامسة ، ولم تظهر أية حالة إيدز نتيجة المشاركة في استعمال أدوات المطبخ أو المشاركة في غرف الدراسة أو الحمامات. واهمية هذا الموضوع حددت منظمة الصحة العالمية يوم الاول من شهر ديسمبر من كل عام يوما عالميا للايدز ، بهدف حث الناس في جميع أنحاء العالم على زيادة الوعي بهذا المرض والعدوى بفيروسه، و العمل على تحفيز التعاون الدولي للتصدي له ، ويعد هذا اليوم من أبرز الفرص المتاحة للشركاء من القطاعين العام والخاص لتحفيز الوعي بالوباء والتشجيع على إحراز تقدم في الوقاية منه وعلاجه ورعاية المرضى في البلدان التي ترتفع فيها معدلات وقوعه، وكذلك في شتى أنحاء العالم. انتشار المرض وينتشر المرض فى معظم دول العالم حيث قدرت منظمة الصحة العالمية عدد حالات العدوى بالمرض على مستوى العالم بحوالى 33.2 مليون مصاب يعيشون بعدوى فيروس الإيدز حتى نهاية عام 2007 ومن الصعب تحديد عدد المصابين بدقة وذلك لنقص الإحصائيات الدقيقة عن حالات العدوى خاصة فى الدول النامية وتعتبر قارة أفريقيا (خاصة دول ما تحت حزام الصحراء الأفريقية ) من أشد المناطق تأثرا بهذا المرض وقد أبلغت كل العالم (من بينها مصر) عن حدوث حالات عدوى بها بفيروس الإيدز بين مواطنيها . وفي مصر، تم اكتشاف وتشخيص أول حالة ايدز في مصر عام 1986 وفى نفس العام تم إنشاء البرنامج الوطني لمكافحة الإيدز لوزارة الصحة لمحاصرة المرض والحد من انتشاره حيث بدأ فحص فئات مختلفة تمثل جميع السكان منهم الأكثر عرضة للمرض ومنهم الأقل عرضة للمرض ومنهم من يتقدم للفحص اختياريا بمحض إرادته ومن عام 1986 حتى نهاية ديسمبر عام 2009. أشهر ضحايا الايدز ومن الأسماء الشهيرة الكثيرة التي توفيت بوباء العصر الممثل الأميركي الشهير (روك هدسون) الذي مات بمرض الإيدز لما عرف الملايين حقيقة هذا المرض وخطورته ، و بطل رياضة التنس الأميركي أرثور أش الذي أصيب بالإيدز نتيجة نقل دم ملوث بالفيروس إليه. وتوفى أيضا بالإيدز رائد قصص الخيال العلمي الكاتب الشهير إسحاق آسيموف الذي كانت إصابته ناجمة عن نقل دم ملوث بالفيروس حين كان يعالج من مرض القصور الكلوي حيث توفي عام 1992 وكشفت عن هذا السر الذي ظل طي الكتمان إلى سنة 2002 زوجته ورفيقة دربه والفيلسوف الفرنسي المعروف ميشال فوكو الذي قضى عليه هذا المرض عام 1984 وكانت وفاته سببا في ميلاد الجمعية الفرنسية للكفاح ضد مرض الإيدز.